أكد قانونيون وحقوقيون أن التعديل على البند (ب) من المادة 105 من دستور البحرين؛ جاء بهدف القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتلبية لمطالب شعبية في فرض الأمن وتفعيل القوانين بعد التطور الذي شهدته العمليات الإرهابية، والذي استهدف رجال الأمن ومنشآت الدولة المدنية والعسكرية.

جاء ذلك خلال ندوة حوارية في "مجلس بنا"، شارك فيها عضو لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس النواب، النائب الدكتور عيسى تركي، والأكاديمي القانوني المستشار الدكتور مال الله الحمادي، وأستاذ القانون الدستوري المساعد بجامعة البحرين وعضو مفوض في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور بدر محمد عادل، ورئيس مجموعة "حقوقيون مستقلون" الناشط الحقوقي سلمان ناصر.

وأجمع المشاركون على أن التعديل الدستوري يعبر عن التقاء الإرادة الملكية مع الإرادة الشعبية، ممثلة في السلطة التشريعية، إلى جانب حرصه على تأكيد الضمانات لتحقيق محاكمات عادلة للمتهمين، والتي تمثلت في نزاهة القضاء البحريني، المدني والعسكري، وما يكفله من حقوق للمتهمين، والبنود المختلفة في الدستور البحريني والالتزامات الدولية لمملكة البحرين، وصولاً لتحقيق العدالة الناجزة.



د. تركي: الدستور كرس مفهوم دولة المؤسسات

وأشار عضو لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس النواب، النائب الدكتور عيسى تركي، إلى أن الدستور هو الوثيقة القانونية الأسمى والأعلى في كل دولة، والتي تنظم السلطات، والعلاقة فيما بينها، وتبين الحقوق والواجبات لكل سلطة.

وأضاف تركي أن دستور البحرين والذي تم وضعه عام 1973، تم إجراء تعديل جوهري عليه في 2002، مع إنطلاق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى؛ حيث كرس مفهوم دولة المؤسسات والقانون وعزز الحقوق والحريات العامة لكافة المواطنين، وعلى رأسها حرية الرأي والفكر والعقيدة، وبالتالي فإن هذا التعديل قد عكس الرؤية التي تبناها ميثاق العمل الوطني، والذي حاز على أغلبية شعبية من مواطني مملكة البحرين.

وأشار إلى أن هناك نوعين من الدساتير؛ هما المرنة والجامدة، حيث يعد دستور مملكة البحرين من الفئة الثانية، إذ يتطلب إجراءات للتعديل من أجل تعزيز كثيرة في الدستور ومنها الثبات والاستقرار والمحافظة على سموه.

وعن آليات تعديل المواد الدستورية؛ أوضح الدكتور عيسى تركي أن اقتراح التعديل منوط بجلالة الملك المفدى وبأعضاء السلطة التشريعية (النواب والشورى)، حيث بإمكان 15 عضواً من أعضاء السلطة التشريعية التقدم باقتراح التعديل، مشيراً إلى أن إقرار القوانين والتشريعات تتطلب أغلبية عادية من السلطة التشريعية، أما التعديل الدستوري فيطلب أغلبية أعضاء المجلس، ثلثي أعضاء المجلس، وهذا من الضمانات للمحافطة على مستوى الدستور وتعزيز دولة المؤسسات والقانون.

ونوه تركي إلى أن الدستور أعطى اقتراح التعديل لجلالة الملك وللسلطة التشريعية بغرفتيها، إذ أنه وبحسب الرؤية الوطنية لا يجوز التعديل إلا بالشراكة بين جلالة الملك والشعب، ولهذا لا تنحاز لأية سلطة في موضوع طرح الاقتراحات وتعديل الدستور.

وبشأن التعديل الأخير للبند (ب) من المادة (105) من الدستور، أوضح تركي أن التعديل مقترح من حضرة صاحب الجلالة، وتم إخطار المجلس بذلك، حيث تم مراعاة المدد الدستورية واللائحة الداخلية في كيفية عرضه ومناقشته، وبالتالي فقد تطلب حراكاً برلمانياً، حيث راعت اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس النواب ضرورة استطلاع آراء الجهات المختصة.

وأشاد النائب الدكتور عيسى تركي بمبادرة صاحب المعالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين، بزيارة مجلس النواب والاجتماع مع لجنة الشؤون التشريعية والقانونية ولجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلسي الشورى والنواب، حيث أوضح أهمية تلك التعديلات وأنها جاءت وفق ظروف ومتطلبات استثنائية.

د.الحمادي: تحديد اختصاصات "العسكري" بموجب قانون

وعن الأسباب التي تدفع الدول إلى إجراء تعديلات على دساتيرها؛ أوضح المستشار والأكاديمي القانوني، الدكتور مال الله الحمادي، أنه لا بد للدول أن تطبق بنود الدستور والقوانين الصادرة طبقاً للأحكام الدستورية، وبالتالي فهي تراقب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية خلال فترة تطبيق أحكام الدستور والقوانين، وإذا ما رأت حاجة إلى مواجهة أية ظروف معينة، فإنها تلجأ إلى تعديل مادة أو أكثر من الدستور.

وأضاف الدكتور الحمادي أن مسألة تعديل مواد في الدستور من الأمور الطبيعية للغاية، والذي يحدث أيضاً نتيجة للرغبة في إصدار تشريع ما، وربما يقف حكم دستوري ملزم يمنع إصدار التشريع، وبالتالي لا يمكن إصدار أو تعديل النص القانوني في ظل نص دستوري مقيد، وهو ما حدث في تعديل البند (ب) من المادة (105)، حيث جاء التعديل الدستوري ليطلق مسألة تحديد اختصاصات القضاء العسكري وتنظيمه في قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام بموجب قانون، حيث سيكون من الأسهل لاحقاً تعديل القانون بدل أن يكون محصوراً على الدستور، والذي سيتطلب اجراءات أطول وأصعب لتعديله.

وأشار إلى أن التعديل القادم سيتيح للقانون تنظيم وتحديد اختصاصات القضاء العسكري، بما يتيح له مواجهة الظروف الأمنية التي تواجهها مملكة البحرين في ظل تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف رجال الأمن والمنشآت العسكرية والمدنية.

د.عادل: الجرائم المحولة للقضاء العسكري مخصصة

من جانبه نوه أستاذ القانوني الدستوري المساعد بجامعة البحرين والمفوض في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور بدر محمد عادل، بأن المشرع البحريني ومن أجل طمأنة الناس قد خص الجرائم الإرهابية الجسيمة في القانون المنتظر، حيث خصص المخصص، وهو تأكيد أن الجرائم التي سيتم تحويلها للقضاء العسكري ستكون محددة بطبيعتها، إذ أن هناك أنوعاً متعددة من العمل الإرهابي؛ مثل الإرهاب المنظم وغير المنظم والجماعي والفردي والمدعوم من دول وجماعات والارهاب العاطفي.

واضاف أن المشرع لم ينظر إلى الإرهاب كباقة واحدة، حيث أن هناك إرهابا جسيما وغير جسيم، وهو خاص بتقدير القاضي، وبإمكان السلطة التشريعية عند نظر القانون وضع معايير محددة لجسامة العمل الإرهابي، ووضع هذه المعايير بصورة واضحة.

وعن الظروف الموضوعية التي استدعت إجراء التعديل الدستوري الأخير، أشار الدكتور بدر إلى أن المذكرة التفسيرية التي أحيلت مع الأمر الملكي كانت واضحة في شرح أسباب هذا التعديل، وهي الظروف الإقليمية وظروف المنطقة العربية من حروب وانتشار ظاهرة الإرهاب ووصوله إلى مملكة البحرين.

وأضاف أنه من الطبيعي في مثل هذه الحالة إصدار تشريعات تحمي الدولة من الإرهاب، ولكن النص ضيق، والنص الدستوري لا يسمح بذلك، ولأن الأمن جزء أساسي من حقوق الإنسان وأحد الالتزامات الأساسية للبحرين، لذلك فمن حق الدولة أن تقوم بتعديل بعض نصوص الدستور، حيث كان النص السابق يحصر عملية المحاكمة أمام القضاء العسكري على الجرائم التي تُرتكب من أفراد الأجهزة الأمنية والعسكرية، أما اليوم فجرائم الإرهاب أصبح طرفاها فئة مدنية وفئة عسكرية، إلى جانب وجود واضح لتدخل خارجي فيها، والنص الحالي لا يسمح بفرض السيطرة والهيبة على الأجهزة، وهو ما يؤدي إلى فقد الدولة لهيبتها، لذلك كانت هناك حاجة وضرورة لإجراء هذا التعديل.

ونوه الدكتور بدر عادل بأنه وإلى الأن لم يتحدث أحد عن محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري، وإنما يجري إعادة تنظيم النص بما يسمح للسلطة التشريعية أن تقوم بعملية إضافة الجرائم أو تحديد الاختصاصات.

وتوقع الدكتور بدر أنه وفي ضوء الأسباب التي دعت للتعديل والتصريحات الصادرة عن الجهات الرسمية أن يكون هناك تحديد لبعض الجرائم التي تمثل اعتداء على الأجهزة الأمنية وتمس هيبة الدولة، وهذه الجرائم تتعلق بالجرائم الإرهابية الجسيمة، وليس كل الجرائم الارهابية على الإطلاق.

وبين بأن منظمة العفو الدولية لم تمنع قيام المحاكم العسكرية بمحاكمة المدنيين، وهو ما ورد في دليل المحاكمات العادلة للعام 2014، والذي وضح جواز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية ضمن اعتبارات معينة، وأن تكون هناك ضرورة لذلك مع توفر النزاهة وضمانات المحاكمة العادلة.

ناصر: الحريات محمية بموجب القانون والدستور

وبشأن الادعاءات أن التعديل الدستوري الأخير يمثل تراجعاً عن الالتزام بحقوق الإنسان، وما تم تنفيذه منذ إنطلاق المشروع الإصلاحي في البحرين، أوضح رئيس مجموعة "حقوقيون مستقلون"، الناشط الحقوقي سلمان ناصر، أن الحريات في مملكة البحرين محمية بموجب القانون والدستور والالتزامات والاتفاقيات الدولية، وبالتالي لا يمكن اختزالها بتعديل نص دستوري أو إضافة مادة دستورية.

وأشار ناصر إلى ضرورة وعي المجتمع والمراقبين إلى أن التعديل الدستوري والعمل على إعادة ترتيب القوانين الناظمة للقضاء سواء العسكرية أو المدنية، لم تتطرق إلى ما يتعلق بالحرية الفردية سواء الحرية في التعبير أو العقيدة أو غيرهما، وإنما الموضوع متعلق بالجرائم الإرهابية التي تعاني منها المنطقة والبحرين أيضاً.

وأوضح ناصر أنه وبعد التصديق الملكي على التعديل الدستوري وإصدار القوانين المنظمة للقضاء العسكري ستكون هناك جرائم محددة سيتم إحالتها للقضاء العسكري، وهو قضاء يتمتع بكل متطلبات المحاكمة العادلة من شفافية ونزاهة وضمانات، إلى جانب وجود جميع درجات التقاضي وصولاً إلى التمييز، كما في القضاء المدني.

ونوه سلمان ناصر بأن ما يعنينا كحقوقييين وجود الضمانات التي يجب أن يتمتع بها المتهم أثناء سير المحاكمة لتحقيق العدالة الناجزة، سواء أكانت هذه المحاكمات أمام القضاء المدني أم العسكري. مشيراً إلى أن المتابعة أظهرت ما يتمتع به القضاء العسكري من استقلالية ونزاهة مشهود لها داخلياً وخارجياً.

وأشار ناصر الى أن وجود تلك الضمانات في القضاء العسكري محمية بموجب الدستور البحريني، ما يعني أننا لا نجد فرقاً في ذلك بينها وبين القضاء المدني، من حيث استقلالية القضاة وسيادة القانون، بغض النظر عن كون القاضي مدني أو عسكري.

وأشار الحقوقي سلمان ناصر إلى أن هناك 16 صكا دوليا معنيا بمحاربة الإرهاب، إلى جانب عدد من الصكوك والمواثيق ومذكرات التفاهم الدولية التي تحث على مكافحة الإرهاب العابر للحدود، وبالتالي فإن ذلك يفرض على دول العالم، ومنها البحرين، وضع القوانين الرادعة للإرهاب، ولها الحرية المطلقة في تحديد الشكل والموضوع في اتخاذ كافة الإجراءات في هذا الشأن، ومن ضمنها محاكمة الإرهابيين والمنظمات الإرهابية.

د.تركي: ضمانات لحماية القوات البحرينية

من جانبه أضاف الدكتور عيسى تركي أن البحرين تمر اليوم بظروف استثنائية، حيث تشارك القوات البحرينية في عمليات ضد التنظيمات الإرهابية خارج الحدود، وهي ظروف استثنائية تحتم على الدولة مواكبة التشريعات لإرسال رسائل إلى المجتمع الدولي بالتزام البحرين بمحاربة الإرهاب، وبالتالي فهناك ضرورة لوضع ضمانات لحماية القوات البحرينية المشاركة في عمليات محاربة الإرهاب.

وبشأن الضمانات التي يمكن أن تطلبها السلطة التشريعية لعدم التعسف في استخدام سلطة القضاء العسكري، أشار النائب الدكتور عيسى تركي إلى ما قاله صاحب المعالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة خلال لقائه أعضاء السلطة التشريعية بأن "التعديل المقترح لم يوضع إلا لحماية المواطن المدني أولاً".

وأكد تركي أن النص المقترح والمذكرة الايضاحية له لم تذكر كلمة مدني، وبالتالي فإنه ليس من المنطق تأويل الأمر بما لا يحتمل، مضيفاً أن اللقاءات التي تمت مع الجهات المعنية، خصوصاً الجهات العسكرية من الحرس الوطني والجيش، أكدت أن البحرين لن تتراجع عن المكتسبات التي حققتها في مجالات حقوق الإنسان والمبادىء والمفاهيم الديمقراطية.

وأشار الدكتور عيسى تركي إلى وجود العديد من الضمانات لعدم التعسف في استخدام القانون، الأولى متمثلة في البند (ج) من المادة (120) من الدستور البحريني، والتي أكدت عدم المساس بالحريات والمساواة، ومن ضمنها الحرية أمام القضاء، أما الثانية فهي مبدأ دستوري يشير إلى أن نطاق أي تعديل دستوري يجب أن لا ينال من أية مكتسبات موجودة في الدستور السابق. أما الضمانة الثالثة فهي أنه سيتم عرض القانون على السلطة التشريعية، وهي صاحبة الاختصاص بالقبول أو الرفض أو التعديل، حيث أن المطلوب أغلبية عادية كونه سيرد بصورة قانون عادي.

أما الضمانة الرابعة، حسب الدكتور تركي، فهي التعديلات التي تمت على المنظومة العسكرية، حيث وجود مؤسسة قضائية متكاملة من نيابة ودرجات مختلفة للتقاضي، والتي ستكون تحت مراقبة السلطة التشريعية. أما الضمانة الخامسة فهي المحكمة الدستورية، حيث يمكن الطعن على أي نص قانوني يتعارض مع نصوص الدستور البحريني.

د.الحمادي: المواثيق الدولية لا تمنع محاكمة المدنيين أمام العسكري

وعن وجود أي اختلافات في الاجراءات وتطبيق الأحكام الصادرة عن القضاء المدني والعسكري، أوضح المستشار مال الله الحمادي، أن القضاء المدني والعسكري يطبقان القانون، مع فارق واحد وهو وجود قوانين خاصة لكل قضاء.

وأشار الحمادي إلى أن المواثيق الدولية الواردة في العهد الدولي تدعو إلى توفير محكمة مستقلة وحيادية ومتخصصة للأشخاص، ولا يوجد نص يمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وإنما المطلوب دولياً توفير محاكم حيادية ومتخصصة.

وأشار المستشار الحمادي إلى أن القضاء العسكري بعد التعديلات الأخيرة يتمتع بكافة درجات التقاضي العادية، إلى جانب وجود محامين مع المتهمين ووجود قضاة متخصصين ومؤهلين ومستقلين. ولكن ما يميز المحاكم العسكرية هو السرعة في التقاضي، ولذلك فهي الأقدر على التعامل مع القضايا الإرهابية والتي تتطلب السرعة والمرونة لأن المسألة متعلقة بالأمن والاستقرار، ولأن الإرهاب يستهدف المنشآت العسكرية ورجال الأمن وزعزعة الامن وضرب استقرار الوطن، مشيراً إلى أن أعتى الديمقراطيات في العالم تضرب عرض الحائط بالاتفاقيات الدولية إذا تعرض أمنها وأمن مواطنيها للخطر.

وطالب الحمادي بعدم التخوف من مسألة مثول المدني أمام القضاء العسكري، لأن هناك من الضمانات ما يوازي القضاء المدني، إضافة إلى أن السرعة في البت بالقضايا ضمانة إضافية، مما يساهم في تقليل فترات التقاضي.

من جانبه قال الدكتور عيسى تركي إن طبيعة القضايا الإرهابية لها طابع سري من حيث المعلومات والمتهمين.. وبالتالي فإن كشف تلك المعلومات ربما يساهم في التأثير على علاقات البحرين الدولية، إلى جانب أن بعض تلك المعلومات ربما تتعلق بأسرار عسكرية أو تمس الأمن الوطني بشكل مباشر، لذلك فسيكون القضاء العسكري أكثر خبرة في التعاطي معها وتقدير مدى تأثيرها.

د.عادل: المحكمة الأوروبية أجازت محاكمة المدنيين أمام العسكري

وبشأن ما يميز القضاء العسكري عدا السرعة والمرونة والسرية، أشار الدكتور بدر عادل إلى أن القضاة العسكريين ونتيجة لخبراتهم العسكرية الطويلة أكثر خبرة في إجراءات وطبيعة المنازعة في القضايا، حيث يخضع القضاة العسكريون إلى دورات كثيرة ويتعاملون بشكل مباشر مع القوانين العسكرية.

ونوه الدكتور بدر بما قالته المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان، والتي أجازت محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية إذا كانت هناك أسباب وضرورة، وأن تكون المحاكم العادية غير قادرة على هذا الإجراء، وبالتالي فإن حجم القضايا أمام المحاكم المدنية سبب كاف لتحويل هذه القضايا إلى القضاء العسكري، والذي هو بطبيعة الحال أكثر اختصاصاً بهذا النوع من القضايا.

وأكد ما ذهب إليه الدكتور تركي إلى أن بعض القضايا الإرهابية تحتاج إلى الخصوصية والسرية والتخصص، فهي قضايا ذات طبيعة مشتركة بين المدنيين والعسكريين، وبالتالي سيكون من الافضل للقضية أن يتم النظر لها أمام محكمة واحدة وأن لا يتم تجزئتها أو تقطيع أوصالها.

ونوه عادل بأن السرعة أحد ضمانات المحاكمة العادلة، فالقضاء العسكري يقدم الضمانات الكاملة مثل علنية المحاكمة، وحتى وإن فرضت الظروف أن تكون سرية، فإن النطق بالحكم يجب أن يكون علنيا، الى جانب وجود المحامين والحرية في تقديم الدفوع والشهود والمرور بكافة درجات التقاضي، وإذا وصلت للإعدام فهي مطعون بها وبقوة القانون ودون أن يطعن بها المتهم.

ناصر: المكتسبات الحقوقية لن تتحق إلا بوجود الأمن

وعن مدى الاطمئنان لدى المنظمات الحقوقية على ضمانات المحاكمة العادلة، أشار الحقوقي سلمان ناصر إلى أنه لا تقدم للدول دون تحقيق الأمن، وما عانت منه البحرين في السنوات الأخيرة كان كبيراً جداً، حيث الاستهداف الممنهج لرجال الأمن وسقوط 19 شهيداً و4 آلاف مصاب، منهم 88 حالة وصل العجز فيها إلى ما يزيد عن 70%، وهي نتيجة عمليات إرهابية ومنظمة.

وأوضح ناصر أن مراقبين حقوق الإنسان يسعون إلى حفظ المكتسبات المتحققة في مجال حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والتي لن تتحقق إلا بتوفر الأمن، معرباً عن اعتقاده بأن العدالة قد تحققت في التعديل الدستوري بالوصول إلى محاكمة عامة مع توفر كل ضمانات المحاكمة النزيهة والعادلة.

وأشار سلمان ناصر إلى أن ما حققته البحرين من منجزات حضارية واقتصادية واجتماعية وسياسية لن يكتب له الاستمرار والتطور إلا بوجود سلطة قانونية وتشريعة حامية للنجاحات، منوهاً بأن مؤسسات المجتمع المدني والحقوقيين لن يلتفتوا إلى الأصوات التي تهاجم التعديلات الدستورية كونها تنافي الحقيقية جملة وتفصيلاً.

واضاف أن التعديل اختص بالأعمال الإرهابية الجسيمة، وهو ما يبعث على الارتياح رغم ما مرت به البحرين، حيث أن التعديل الدستوري والقانون المقترح لم يتطرق إلى الحريات والقوانين الضامنة لها، إلى جانب ضمانة وجود سلطة تشريعية حريصة على وضع المقترحات التي تضيف حماية وديمومة للحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

د.تركي: التعديل الدستوري لا يستهدف فئة

وبشأن التوقعات بعد إقرار التعديلات الدستورية وإقرار القانون الخاص بالقضاء العسكري، أشار عضو مجلس النواب، الدكتور عيسى تركي، إلى أنه يجب الاتفاق على بديهيات في هذا الأمر، الأول أن الإرهاب لا جنس ولا مذهب ولا دين له، وبالتالي فيجب أن لا يفهم أن هذا التعديل يستهدف فئة معينة، حيث أن القانون سيطبق على جميع من يقوم بعمليات إرهابية.. أما البديهية الثانية فهي أنه لا أمان ولا نماء دون أمن، لذلك فالهدف هو تكريس هيبة الدولة وتعزيز الأمن، حيث نتحدث اليوم عن جلب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بوجود استقرار أمني، حيث ستعمل التعديلات التي ستعرض على السلطة التشريعية على تكريس مبدأ محاربة الإرهاب وتعزيز الحقوق والحريات وتهيئة الارضية المناسبة للاستقرار الأمني وجعل البحرين بيئة جاذبة للاستثمار.

ونفى تركي أن التعديلات الدستورية ستخرج على المضامين والضمانات التي كرست سابقاً في النصوص الدستورية أو القوانين التشريعية، والتي يفترض أن لا تتعارض مع مبادىء أسمى منها، متمنياً أن يتم التعامل مع القوانين بصورة شاملة ووطنية وبنظرة واسعة لتحقيق مبدأ دولة المؤسسات والقانون.

د.الحمادي: تكريس مبدأ الأمن والاستقرار

وبشأن التوافق بين الإرادة الملكية والشعب ممثلاً بتحقيق التعديل الدستوري أغلبية مطلقة من قبل السلطة التشريعية، أشار المستشار مال الله الحمادي إلى أن أهم التعديلات على دستور مملكة البحرين كان في العام 2002، والذي ترافقت مع المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، والتي تمثل مبادئ الميثاق والتوافق بين القيادة والشعب، أما التعديل الآخر الهام فكان مبنياً على نتائج مخرجات الحوار الوطني عام 2012، والذي منح مزيداً من الصلاحيات والاختصاصات والحرية لمجلس النواب كونه ممثلاً للشعب، وبالتالي فإن هذه التعديلات أوجبت المزيد من التعاون بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فالحوار الوطني دعي له من منطلق الوئام والعلاقة بين مكونات الشعب، وبين القيادة والشعب، وكل تعديلات عام 2012 تصب في هذا الاتجاه لتطوير المسار الديمقراطي، وهو ما تمارسه أعتى الديمقراطيات في العام، حيث يتم كل فترة تعديل بعض مواد الدستور والقوانين التي قد شابها إشكاليات أثناء التطبيق.

واضاف الحمادي؛ انه على الرغم من قصر التجربة الديمقراطية في البحرين، إلا أن القيادة حريصة على التطوير ومراقبة المواد الدستورية وتأثيرها المباشر، وبالتالي فإذا تم ملاحظة أية مادة لا تواكب الزمن فسيكون هناك حاجة لتعديلها بالتوافق مع ممثلي الشعب، فجميع التعديلات التي تمت كانت بوجود هذا التوافق بين القيادة والشعب. منوهاً بأن التعديل الأخير كان باقتراح ملكي وبموافقة ممثلي الشعب وبما يصب في المصلحة العامة للدولة والمواطن على حد سواء.

وأكد الحمادي أن لا اختلاف اليوم في أي دولة من دول العالم على ضرورة تكريس مبدأ الأمن والاستقرار، وهو الركن الأساسي في أي دولة، لذلك فالسلطة المنتخبة والممثلة للإرادة الشعبية تعمل أيضاً على سن التشريعات والقوانين لحماية الوطن والمواطن والمقيم، والتعديل الحالي يعد خطوة استباقية وتطويرية في سرعة ومرونة البت في القضايا الإرهابية التي يتعرض لها الوطن.

د.عادل: الدولة حريصة على الحقوق والحريات

وبشأن المقارنة بين التعديل الدستوري الأخير وإعلان الأحكام العرفية، أوضح الدكتور بدر عادل أن هناك فرقاً كبيراً بين الأمرين؛ فهناك ما يعرف بقواعد المشروعية العادية، والتي تطبق في الظروف العادية، وهناك أيضا قواعد المشروعية الاستثنائية، وكل منها تتوسع على حساب الأخرى.

وأشار إلى أن تعديل النص واضح للغاية، وهناك تحديد لنطاقه وبنائه، والعقوبات فيه واضحة أيضاً، وللمتهمين الحق باللجوء إلى القضاء مع توفر كافة الضمانات التي تم التطرق إليها كافة.

أما الأحكام العرفية، فهي إجراء يتم اللجوء إليه في الظروف الاستثنائية، حيث يتم تعطيل كافة القوانين بما فيها أغلب مواد الدستور، باستثناء نص انعقاد أعضاء السلطة التشريعية وحصانتهم، وبالتالي فإنه يتم تعطيل كل النصوص ولا يتم العمل بها، حيث إمكانية القبض على الأشخاص وتفتيش المنازل دون إذن نيابة وتقديمهم لمحاكمات خاصة إلى أن يعود الوضع إلى ما كان عليه. ولا يكون هناك أي احتجاج ببنود الدستور كونه معطلا.

واشار إلى أن التعديل الحالي واضح تماماً، حيث الإرادة الملكية باقتراح التعديل، والذي لا يمرر دون موافقة المجلس الوطني وبمذكرة تفسيرية واضحة، وهو متوافق مع المعايير الدولية التي تجيز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وفق ضوابط معينة، فالوضع الحالي واضح وشفاف، والدولة حريصة على المحافظة على الحقوق والحريات وتحت رقابة أعضاء السلطة التشريعية الممثلة للإرادة الشعبية.

ناصر: المسؤولية مشتركة بين الجميع

وعن المسؤولية في شرح وتوضيح الصورة للرأي العام الداخلي والخارجي، أشار الحقوقي سلمان ناصر إلى أن المسؤولية مشتركة؛ فأعضاء السلطة التشريعية مطالبون بالتواصل مع دوائرهم الانتخابية لإيضاح الصورة لهم، والسلطة التنفيذية أيضاَ مطالبة بتكثيف الاتصالات داخلياً وخارجيا من أجل إيضاح الصورة وتفنيد الإدعاءات والاتهامات التي تصدر بحق مملكة البحرين، داخليا وخارجيا.

وأضاف أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق وسائل الإعلام المختلفة، مناشدا الصحف المحلية بتخصيص صفحات أسبوعية لتناول قضايا حقوق الإنسان في البحرين، وشرح مختلف القضايا المتعلقة بها، بهدف رفع مستوى الوعي المجتمعي به.

وأعرب ناصر عن أسفه لقيام ثلة من الاشخاص باستهداف ممنهج لمملكة البحرين وتشويه إنجازاتها من خلال تزويد المنظمات الدولية بتقارير مغلوطة لا تراعي المهنية والحيادية، ولا تنظر بموضوعية إلى الظروف التي تمر بها البحرين، والتي استدعت إجراء هذا التعديل والاجراءات التي يتم اتخاذها من اجل مكافحة الارهاب والقضاء عليه.

وبشأن مسؤولية المجتمع المدني، أوضح سلمان ناصر أن الحراك المدني لايصال الصورة الحقيقية للمنظمات الدولية متواضع، حيث أن مسؤولية المجتمع المدني كبيرة للغاية، ولكنها تقوم بما تستطيع في ظل ضعف الامكانيات من خلال التواصل مع المنظمات الاقليمية والدولية.

ونوه ناصر بأن هناك استهدافا لمملكة البحرين، حيث يتم الترويج بأن التعديل الأخير يستهدف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وهذا ما يجافي الحقيقة بالمطلق، مضيفاً أن المجتمع المدني مطالب بتفعيل علاقاته مع القنوات الفضائية التي تتناول مثل هذا النوع من القضايا، إلى جانب التواصل بشكل متواصل مع الصحافة المحلية والدولية، منوهاً بأن ذلك لن يتحقق إلا بتقوية عمل المؤسسات الحقوقية بحيث لا يعوق عملها ضعف المخصصات.

د.تركي: الهدف الأساسي تحقيق الردع العام والخاص

إلى ذلك أشار النائب الدكتور عيسى تركي إلى أن هدف أي قانون هو تحقيق الردع العام أو الخاص، وبالتالي فإن المذكرة التفسيرة تكلمت عن مفهوم الحماية، فالهدف ليس المعاقبة وإنما تحقيق الحماية للمجتمع والمنشآت العسكرية ورجال الأمن، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود قوانين رادعة، وهو ما يفترض أن يحققه التعديل الدستوري.

د.الحمادي: التعديل الدستوري ليس بدعة

المستشار الدكتور مال الله الحمادي أشار إلى أن التعديل الذي جرى على الدستور والقانون المنظم للقضاء العسكري ليس بدعة، مستشهداً بعدد من الدول التي سبقت البحرين في ذلك، من خلال التعديل الذي تم في تونس عام 2011 ولبنان ومصر في دستور عام 2014، والذي أجاز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في ظروف معينة، ومنها التعرض للاجهزة الأمنية.

واستدرك المستشار الحمادي إلى أن التعديل مهم للغاية كونه يوفر الأمن للمواطن والمقيم، وبالتالي فليس من الضروري أن يتم تطبيق القانون في دول أخرى ومن ثم القيام بنسخه وتطبيقه، بل يجب التحرر والمبادرة إلى خلق وتفعيل القوانين الخاصة التي تراعي الثقافات والعادات والتقاليد وطبيعة المجتمع، وأن يلبي الحاجات الأساسية للمواطن والدولة ووفق لمنظومة المجتمع.

د.عادل: لا يمكن تحقيق الحرية دون أمن

من جانبة أشار استاذ القانون الدستوري المساعد، الدكتور بدر عادل، إلى أن المجتمع الدولي يطالب دائما الالتزام بالمعايير والمواثيق الدولية، والتي يأتي على رأسها توفر الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فلا يمكن تحقيق هذه الحرية دون وجود أمن، وما قامت به البحرين يستند على ما التزمت به دولياً، وطالما هناك عمليات تخريب وإرهاب فإن الأمن يصبح أول الأولويات، ولا يجب أن نخشى من تراجع المكتسبات المتحققة في الحقوق، كون المجلس التشريعي هو المعني بإقرار القوانين وبالتالي لن يقر قوانين تتعارض مع ما تم إقراره سابقاً من بنود دستورية أو قوانين.

ناصر: القضاء العسكري يتمتع باستقلالية كاملة

إلى ذلك أشار الحقوقي سلمان ناصر إلى أن التعديلات التي أدخلت على القضاء العسكري قد غيرت تماما مفهوم المحاكم العسكرية، وجعلت منها هيئة قضائية مستقلة تتمتع بكافة الصلاحيات وتتكون من نيابات وفروع قضائية أخرى مثل القضاء المدني، إلى جانب الاستقلالية التي يتمتع بها القضاة العسكريون، حيث لا سلطة عليهم سوى سلطة القانون.

وقال إن مهمة مكافحة الإرهاب هي من مهام الدولة، وبالتالي فهي المسؤولة عن وضع القوانين والتشريعات التي تضمن تنفيذ هذا الإلتزام شكلاً وموضوعاً، إذ أن حماية المجتمع من براثن الإرهاب يتطلب مكافحته بالتشريعات الوطنية، وبما يراه المشرع متناسباً مع الحالة المحلية.

وأشار ناصر إلى تنفيذ دراسة تتعلق بمدى التوافق بين ميثاق العمل الوطني وما ورد من مواد تتعلق بحقوق الإنسان والتي تم المصادقة عليها من مملكة البحرين، موضحاً أن البحرين نجحت في تحويل الاتفاقيات الموقع عليها إلى نصوص قانونية وتشريعات، والتي يأتي على رأسها الحقوق المتعلقة بالطفل والمرأة والأحداث، بل وتحولت إلى مؤسسات مختلفة مرتبطة بتحقيق هذه الحقوق مثل المجلس الأعلى للمرأة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان.

وأكد أن هذه السلسلة من التشريعات لم تأت اعتباطا؛ وإنما رغبة في الوصول إلى أفضل المستويات، وليس من الخطأ الأخذ بالاتفاقيات الدولية بما يتوافق مع المجتمع المحلي.

د.تركي: السلطة التشريعية ملتزمة بمراعاة القوانين

من جانبه أشار الدكتور عيسى تركي إلى أن السلطة التشريعية تراعي في القوانين والتشريعات عدم مخالفتها للاتفاقيات الدولية للبحرين، وهذا المعيار موجود على الدوام، حيث يتم تطبيق هذه المعايير على كل القوانين التي يتم إقرارها، ومن ضمنها قانون القضاء العسكري القادم، إلى جانب ضمانات أخرى ممثلة في هيئة الافتاء والتشريع والراي العام، وتوافقه مع الدستور والاتفاقيات الدولية.