أود مشاطرتكم جانباً من حديث جمعني ببعض النخب السياسية والإعلامية من بعض دول الخليج العربي وأغلبها من البحرين، حول مواجهة التهديدات الإيرانية عبر سلاح الإعلام، وقد لفتتني الدعوة الملحة من قبل الأغلبية إلى ضرورة إيجاد استراتيجية إعلامية خليجية موحدة، ورغم أني من الدعاة لتلك الاستراتيجية شأني شأن الآخرين، إلا أن ثمة ما كان يستوقفني في هذا الطرح دائماً، فكيف لتلك الاستراتيجية الإعلامية أن تقوم في ظل غياب الموقف الخليجي الموحد من التهديدات المحدقة بها؟! ثم قبل الحديث عن استراتيجية موحدة، أتساءل إن كنا نملك استراتيجيات إعلامية محلية على أقل تقدير. الأمر الآخر الذي لطالما كنت أود الوقوف عليه، هو الجانب الأكثر أهمية من وضع الاستراتيجية ألا وهو تنفيذها، ولعلي أشاطرك عزيزي القارئ فقط بالتفكير في هذا الجانب، وليقس كل منا على بعض المؤسسات المحيطة به، «هل تم تنفيذ الاستراتيجيات الموضوعة لمؤسساتنا على اختلافها؟!!» ربما الإجابة لدى الكثير ستكون مخيبة للآمال، وتفي بتفسير المشهد العام.

نتحدث عن الاستراتيجيات الإعلامية، متغاضين عن دور الميزانية المفقود في تحقيق التنمية التي نتطلع إليها في كثير من المجالات، فهل أصبحت «الاستراتيجية» مجرد كلمة ندغدغ بها مشاعرنا بين الحين والآخر ونتشدق بها لنؤكد على فهمنا، أم أنها أحلام باتت تلازمنا دون ضرورة العمل على إيجاد سبل تحقيقها فعلياً؟! أذكر زميلاً كان قد سبقني بالرأي إلى أهمية أن تخصص الدولة ميزانية «محترمة» للإعلام، ووضعه في مصاف أولويات الدولة شأنه شأن الدفاع والأمن، وأعتقد أن المطلع على أهمية الإعلام وتأثيره وخطره وكيف أنه أصبح قوة ناعمة أقوى من السلاح، لن يملك إلا تأييد هذا الرأي، مع الأخذ بالاعتبار معاناة مؤسسات الإعلام الخاصة، وضرورة دعمها، والغرض هنا ليس دعم المستثمر بقدر ما هو دعم للقضية وللوطن، ومن المفارقة أن يكون لنا في خصمنا على الضفة الثانية من الخليج «قدوة حسنة» في هذا الجانب، إن كنا ممن يقتدي بالأفضل.!!

* اختلاج النبض:

إن التخبط الذي يعيشه بعض إنتاجنا في المؤسسات الإعلامية، بتلقف الأخبار من هنا وهناك، وترجمة مقالات واقتباس أخرى من صحف خارجية على سبيل ملء الفراغ، والإطالة في البرامج التلفزيونية والإذاعية الجدلية أو غير الهادفة، وتحويل المنابر الإعلامية إلى ساحات جعجعة.. آخر ما يمكن أن نسميه إعلاماً، ولذلك أصبح من المهم الالتفات جدياً إلى الإعلام كأداة لا هدف. إننا نحتاج لرؤية واضحة وممولة جيداً، لنخرج من إطار «الفزعة الإعلامية» إلى «الصناعة الإعلامية» الممنهجة.