متابعة لمقال أمس وبخصوص «المعارضة السلمية» وبخصوص من يلمح بأن الصف الثاني من الوفاق يتلمس طريقه للعودة للعمل السياسي من جديد ومعالجة آثار الدمار الشامل الذي خلفه الصف الأول بينهم وبين شركائهم في الوطن وبينهم وبين السلطة مما انعكس على علاقة طائفة كبيرة من المجتمع البحريني وشعوب الخليج العربي.

نود التأكيد على أن أي منتمٍ للجماعات الدينية التي تدين بالولاء لأي ولي كان -سنياً كان أو شيعياً، عربياً كان أو أجنبياً - أي ولاء لغير الدستور البحريني بكل بنوده وأبوابه وفصوله بلا اجتزاء، لا يمكن أن يستحق شرف الجنسية البحرينية ناهيك عن استحقاقه لحقوق سياسية.

من له ولاء لمرشد عام، أو مرشد أعلى، أو أي تسمية كانت لمرجعية دينية حتى وإن كانت داخل الدولة ناهيك عن كونها خارج الدولة، ويعتقد ويؤمن أن لتلك المرجعية الدينية الكلمة الفصل في مواقفه السياسية، فإنه شخص غير مؤتمن على الوطن، ولا يستحق أن يحمل شرف جنسيته، ومن تبعات ذلك لا يمكن أن يحق له تشكيل أي حزب سياسي وينتمي له معارضاً كان أو غير معارض، وتشكيله لحزب سياسي يعد مخالفاً للدستور ولا يمكن لأي دولة أن تسمح له بذلك.

بل لا يمكن لأي دولة أن يكون لمواطنيها الحق أن يدينوا بالولاء لأي مرجعية دينية على حساب دستورها وعلمها ونظامها السياسي بالتبعية، نحن هنا لا نتكلم عن الولاء لأشخاص بدلاً من أشخاص، بل نتكلم عن الولاء للدستور للعقد الاجتماعي المنظم للعلاقات بين الأفراد والدولة، تلك هي المرجعية الوحيدة التي نحتكم لها وعلى أساسها نمنح شرف الجنسية ونتمتع بحقوقنا السياسية ونشكل بها أحزابنا التي نعارض من خلالها سلطاتنا ونراقبها.

ولو وقف حامل لجنسية أمريكية وأعلن عدم اعترافه بدستوره الأمريكي وعدم احترامه لرمز الدولة أو علمها، وأقر بأنه يدين بالولاء لفقيه ديني أياً كان ذلك الفقيه بابا الفاتيكان أو كان بوذياً يعيش في جبال الهمالايا أو خامنئي الذي هو رئيس لدولة إيرانية وقائد أعلى لجيشها وقواتها المسلحة، لانتزعت منه الجنسية الأمريكية فوراً وطلب منه مغادرة الدولة، وحرم من التمتع بأي من حقوق المواطنة وامتيازاتها المدنية والسياسية ولا يجوز له الدخول في السلك العسكري بتاتاً، ولا يمكن أن يقبل به أي حزب سياسي عضواً، تلك هي أبجديات المواطنة التي خرقتها الجمعيات السياسية البحرينية وعاثت بالقيم الوطنية فساداً، والتي تأسست خارج نطاق الدستور والقوانين المنظمة وسكتت عنها الدولة، وجنينا نحن كمجتمع آثام ذلك السكوت، فاحتسبوها علينا «معارضة» في حين أنها مجرد مجموعات لا تستحق شرف الجنسية فما بالك بحق العمل السياسي؟

على الدولة أن تصحح هذا الوضع وتعيد ترتيب البيت السياسي وتحل أي جمعية لا يلتزم أعضاؤها بالدستور البحريني مرجعية وحيدة له، وتمنع منعاً باتاً عضوية أي فرد يدين بالولاء لفقيه «سني أو شيعي أو يهودي أو مسيحي» في أي جمعية سياسية، ما لم يكن عضو الجمعية السياسية مقراً بمرجعية الدستور البحريني بأن له وحده الكلمة الفصل، فلا يحق له أن يعمل بالشأن السياسي.

«المرجعيات الدينية» ولايتها تقف عند استشارتها في صياغة الأحكام الشرعية للقوانين الأسرية والقوانين الخاصة ذات العلاقة بالاستحقاقات الدينية «زكاة وصيام وحج.. إلخ» فحسب وتنتهي هنا، أما ما يضبط إيقاع الممارسات وتحديد الواجبات والالتزامات فهو الدستور والدستور فقط، وإلا لو سمح بتعدد المرجعيات لتحول البلد لحارة «كل مين إيدو إلو» وهذا ما حدث عندنا حتى أصبحت الخيانة الوطنية فعلاً معتاداً وله من يشرعنه ويجيزه.