كثرت في الآونة الأخيرة حالات التدخل من منظمات حقوقية دولية في الشأن المحلي للدول العربية والإسلامية والتي تحمل أجندات أجنبية هدفها النيل من بلداننا والمكانة الدولية التي تتمتع بها وتفتيت وحدة هذه الأمة من منظور حقوق الإنسان أو الديمقراطية تارة، ومن منظور التعليق على الأحكام القضائية تارة أخرى، ورأينا أن الصمت أو الرد عبر الوسائل المحلية وكذلك شراء مساحات إعلانية في إعلام هذه الدول لتذكر فيها الحقائق لا يحقق النتائج المرغوبة وهو ما يطرح لدينا ضرورة تبني سيناريو إعلامي رابع يكون أكثر تكاملاً.

إن السيناريو الرابع يعرف بالسيناريو الاستراتيجي بعيد المدى ويعمل في اتجاهين، الأول يتمثل في النشاط الدبلوماسي الرسمي والشعبي الذي تقوم به كل دولة عربية أو إسلامية وقت وقوع أزمة لها نحو طرف خارجي، وهذا النشاط استطاعت الدول العربية أن تحقق نجاحات كبيرة في سياقه، فالنماذج كثيرة، فقد نجح الشعب والحكومة الكويتية في فضح عدوان صدام حسين عام 1990 على الكويت وكشفوا للعالم عبر الاتصال المباشر للجاليات الكويتية في القاهرة وأوروبا وأمريكا هذه الفظائع، فأناروا الرأي العام ووسائل الإعلام فيها بحقيقة الأمور، فكانت قوى ناعمة ودبلوماسية شعبية ساعدت قوى التحالف على إعادة الأرض لأصحابها، وكذلك كان للنشاط الدبلوماسي والزيارات التاريخية للوفد البحريني بقيادة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، للقاهرة في أبريل 2016 وبعدها لبريطانيا وأوروبا وأخيراً إيطاليا وغيرها من عواصم العالم المتقدم، كان لهذه الزيارات، أهميتها الكبيرة لما حققته من نجاحات في تنوير الرأي العام ووسائل الإعلام في هذه العواصم بما تتمتع به البحرين من أمن واستقرار، وأبرزت دور الحكم الرشيد والحكمة السياسية في أن تعبر بالبحرين إلى بر الأمان، وكشفت للعالم مدى التفاف شعب البحرين حول قيادته.

كما ألقت الضوء على ما تتميز به البحرين من بناء دولة حديثة قام بها رجال لهم دور مؤثر في المنطقة، ولذا أبرزت ما قام به سمو رئيس الوزراء الموقر من دور تاريخي في الإسهام في بناء دولة حديثة قد باتت نموذجاً يحتذى للدول الساعية للتطور والنهضة في كافة مجالات الحياة، وصار اسم سمو الأمير خليفة بن سلمان يتقدم أسماء القادة والسياسيين العالميين الذي ساهموا في بناء دولهم وزيادة معدلات رفاهية شعوبهم، كما ألقت هذه الزيارات الضوء على الفكر التحديثي الواعد الذي يتسم به سمو ولي العهد، والخبرات الكبيرة التي يتمتع بها في الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يمثل ضمانة حقيقة لمستقبل واعد للبحرين وشعبها.

ويتمثل الاتجاه الثاني في السيناريو الرابع، فهو عمل الدول العربية الكبيرة والقادرة مادياً على إنشاء كيان إعلامي وبحثي في الدول الكبري يتركز نشاطه في إنتاج دراسات ومتابعة وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الحقوقية لما ينشر عن قضايا الإسلام والمسلمين والدول العربية وما يشن ضدهم من حملات إعلامية ذات أجندات متنوعة، إما سياسية أو دينية أو غيرها، بحيث يمثل على المدى البعيد بالتعاون مع الجاليات والسفارات جماعة ضغط للرد على ما ينشر بأسلوب علمي مدروس.

إن هذا يتيح التسويق السياسي الدولي للدول العربية والإسلامية ويقف ضد الافتراءات المتكررة على الدول العربية، لأنه يتسم بالشمولية والتكامل ويجعل لدينا الجاهزية والسرعة للتعامل مع الأزمات والرد على الافتراءات، لا سيما حين يتكامل عمله مع النشاط الدبلوماسي للدول العربية والإسلامية لتحقيق النتائج المرجوة في كل الأزمة.

* أستاذ الإعلام

المساعد بجامعة البحرين