في اللقاء الأخير الذي جمع قادة البحرين، جلالة الملك أيده الله بنصره، وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد حفظهما الله، كان التوجيه الملكي واضحاً لوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية بشأن الأمن القومي للبلاد، وبخصوص التنسيق مع الجهات الدولية في الحرب الدائرة حالياً على الإرهاب.

انتشار الإرهاب اليوم لا يقتصر على البحرين التي نلاحظ تأثير هذه الأمور فيها لصغر مساحتها وعدد سكانها، بل هو شبح يمتد لكثير من بقاع العالم، يقلق حياة الناس وأمنهم، بالتالي «الأمن» بات أولى الحاجات التي يطلبها أي مجتمع في وقتنا الراهن.

على صعيد الأمن الداخلي البحريني، تقف وزارة الداخلية مشكورة بوزيرها القوي ورجالاتها المخلصين الأوفياء على أهبة الاستعداد الدائم، بهدف الحفاظ على أمن المجتمع وسلامة أهله.

اليوم تتضح نتائج عديدة من عمليات التخطيط والاستعداد التي قامت بها أجهزة الأمن، في رصد المخططات الإرهابية والتصدي لمرتكبيها، وضبط الشبكات المشبوهة والآثمة التي تعمل تحت الأرض، إضافة لضبط عمليات تهريب الأسلحة والمطلوبين، وكلها إجراءات وعمليات تتم بشكل يومي وعلى مدار الساعة، يمكن للمواطن العادي ألا يلحظها، أو يدرك أهميتها، لكنه بالضرورة سيرى نتيجتها متحققة على الأرض، حينما يتم تفكيك هذه الشبكات وضبط الخلايا ومصادرة الأسلحة المهربة.

هناك جهود جبارة تبذل اليوم، يشيد بها جلالة الملك بنفسه، نتيجتها تتمثل بالحفاظ على أمن البلد وأهله، وهدفها ضرب الإرهاب الداخلي في معاقله، والتصدي للمحرضين والمخططين والمنفذين له.

هذا صراع دائم سنجده أمامنا بين الخير والشر، إذ مهما فعلت الدولة وقدمت من مكتسبات وحققت من منجزات، إلا أننا ندرك بأن هناك من المتخفين ولابسي الأقنعة الكثير الذين لا يريدون الخير للبحرين، والذين لا يهمهم مستقبلها وعمليات التنمية والتطوير فيها، والأدهى لا يهمهم أهلها والمقيمين فيها، كل ما يهمهم هو اختطاف هذا البلد، أو تحويله لبؤرة صراع دائمة، وإشباع أرضه بعمليات الإرهاب والتخريب.

مهمة التصدي للإرهاب لا تقع على عاتق الدولة وحدها، ولا على الأجهزة الأمنية، ولا على وزير الداخلية فقط، بل مهمة التصدي للإرهاب باتت تمثل اليوم واجباً وطنياً لا بد وأن يتحلى به كل مواطن، وهنا لا نعني بأن المواطن عليه تسليح نفسه والتصدي مباشرة للمخربين، بل على المواطن أن يلعب دوره الوطني المرتكز على شخصه وأهله وأبنائه وبيته.

بالتالي كلام وزير الداخلية تعقيباً على توجيه جلالة الملك بشأن جهود مكافحة الإرهاب، يضع اليد على الجرح، ويحدد للناس كيف يكون دورهم المساهم مع الدولة في محاربة الإرهاب.

الدعوة المباشرة لأولياء الأمور بلعب دور مؤثر ومهم لدى الأجيال القادمة، لدى أبنائهم وعوائلهم، هي دعوة في اتجاهها الصحيح.

البيت هو أساس صناعة الوطنية الحقيقية لدى الأفراد، وطالما تمثلنا في بيوتنا بحب الوطن والولاء له، فعلى شاكلتنا ووفق خطانا سيكون أبناؤنا، ويأتي بالتالي واجبك كرب أسرة، وأب، بأن تحفظ أبناءك من عمليات غسيل الأدمغة والانجرار وراء دعوات التحريض، والأهم بألا تتركهم لقمة سائغة للمتربصين حتى يستغلوهم ويحولوهم لوقود محرقة.

ما نراه اليوم في تلكم العمليات الإرهابية القائمة على سد الشوارع، وتخريب الممتلكات العامة والتصادم مع رجال الأمن، يكشف لنا عن أن المنفذين هم شريحة من الشباب، قد لا يكون لكثير منهم علاقة بأي حراك سياسي، لكن لهم علاقة بكونهم ضحية لمن يستغلهم.

هؤلاء حينما يقعون في قبضة العدالة ويحاكمون بالقانون، من سيتضرر؟! هم أولاً وعوائلهم ثانياً، لكن من حرضهم ودربهم ومولهم لن يعيرهم أي اهتمام، إذ تركيزه سينصب على إيجاد وصناعة «أدوات» أخرى، تنفذ مخططاته الآثمة.

بالتالي الضحية اليوم هم من قبلوا بالعمل ضد بلادهم، وضحوا بمستقبلهم، ووقف أولياء أمورهم في خانة المتفرجين عليهم وهم ينحرفون «وطنياً»، دون الأخذ بيدهم ومنعهم من ذلك.

الوطنية ليست شعارات يتغنى بها، الوطنية أفعال يتمثل بها، وزرعها يكون منذ الصغر، بداية من البيوت، وامتداداً بالمحيط المجتمعي، وطالما أننا نؤمن بكوننا بحرينيين وطنيين ولاؤنا لهذه الأرض وتمسكنا بهذه القيادة، فنحن أول من يجب أن نقف لنتصدى للإرهاب من داخل بيوتنا.

وهذا واجبنا تجاه الوطن وتجاه أبنائنا.