يقول الصبي «كنت صغيراً أفرح وأنا أسير مع أبي متوجهين لمشاهدة عرض للسيرك.. وقفنا في طابور شراء التذاكر تتقدمنا عائلة بانتظار دورها.. كانوا ستة أولاد وأمهم وأبيهم.. كان الفقر بادياً عليهم.. ملابسهم قديمة لكنها نظيفة.. كان الأولاد فرحين جداً وهم يتحدثون عن السيرك بشغف وعن الحركات والألعاب والخدع التي سوف يشاهدونها.. تقدم والدهم وسأل مسؤول التذاكر عن كلفتها..أجابه.. فتلعثم الأب، تراجع قليلاً إلى الوراء وأخذ يهمس في أذن زوجته..».

يقول الصبي: «رأيت والدي يسارع لإخراج عملة ورقية فئة عشرين دولار ويرميها على الأرض.. ثم انحنى ورفعها وهو يخاطب الرجل واضعاً يده على كتفه «سيدي لقد سقطت منك هذه النقود» نظر الرجل في عين والدي وقد امتلأت عيناه بالدموع والعرفان، مد يديه ليأخذ النقود بعد تردد قائلاً له «شكراً سيدي»... كان مضطراً لأخذ المبلغ لكي لا يحرج أمام أبنائه..

بعد أن دخلوا.. سحب أبي يدي وخرجنا من الطابور حيث لم يعد مع أبي ما يكفي لدخولنا عرض السيرك.. لقد كان ذلك أجمل عرض للسيرك في حياتي وإن كنت لم أره. منذ ذلك اليوم وأنا فخور جداً بأبي»، هل تعرفون من كان هذا الصبي؟

أكبر شركة في العالم لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، وللعام الثاني على التوالي، يقرر رئيسها التنفيذي يانج يوانكينج أن يمنح مكافآت لموظفيه، بعد تحقيقهم رقم قياسي في شحن ومبيعات منتجات الشركة. نائب الرئيس للموارد البشرية – في مذكرة وجهها إلى العمال أعلن أن هناك 10 آلاف عامل سيحصلون على دفعات مالية اعترافاً بمجهوداتهم، وأكد جيفري شيفر المتحدث باسم الشركة أن المبلغ الإجمالي هو ما يقرب من 3.25 مليون دولار.

الرئيس التنفيذي بعد منحه لموظَّفيه في العام الماضي 3 ملايين دولار من أمواله الشخصية – مكافأته - يعيد الكَرة مرة ثانية وقد أثر تصرفه في وسط المال والأعمال لدرجة أن العضو المنتدب في أحد أكبر بنوك هونج كونج علق على الموضوع قائلاً «عن نفسي، أشكر مجهودات يانج التي تضرب مثالاً رائعاً لقائد شركة ناجح، يسعى بكل ما يستطيع على مشاركة النجاح مع طاقم شركته، لأنه على علمٍ تام بأنه لولاهم لما لقى كل ذلك الخير، وقَلّ من يعي ذلك في هذا الزمان».

هاتان التجربتان تذكرانا بقصص الصالحين من الأجداد فهل هؤلاء من السذج الصالحين «كما تقدمهم ثقافتنا» أم أنهم حمقى ينثرون أموالهم هنا وهناك؟!

قادة يتجه جل اهتمامهم إلى الإنسان «وهو فعل القادة الحقيقيين» الذي به ومنه يصنع التقدم. القائد الحقيقي إن لم يصنع هو النجاح بنفسه فهو في الأغلب يترك وراءه قادة أصيلين وبارزين في عملهم قد يقودون صناعه أو يخلقون صناعة جديدة. القائد الحقيقي يتمتع بصفتين أساسيتين الأولى المسؤولية العالية تجاه الآخر خاصة الأقل منه والثانية القدرة على حشد جماعته بالفعل لا بالقول. فهل نمتلك مثل هؤلاء في مؤسساتنا ومن حولنا؟ بكل تأكيد نعم ولكن...

بقي أن أذكر لكم أن الطفل الذي في القصة الأولى هو تشارلي تشابلن صاحب الأفلام الساخرة الصامتة!