بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، قرأت أن من أحد أهم أسباب السعادة هو البعد عن المحبطين، ولكنني اكتشفت بأن الأمر ليس بالسهل مطلقاً، فالمحبطون يحيطون بنا في كل مكان.

إذا ما قررت الدراسة مثلاً سيحيط بك المحبطون قائلين «لماذا تدرس، سوف تضيع وقتك ومالك على الفاضي. ماذا فعل أصحاب الشهادات بشهاداتهم ودوراتهم التدريبية؟! لقد خزنوها في مكاتبهم، هذا إذا كانت لديهم مكاتب أصلاً»، وسيظهر لك شخص محبط من الدرجة الأولى وسيحدثك عن قائمة البطالة الجامعية وسيروي لك قصة «قلة» من حملة الشهادات العليا الذين لم يحصلوا على وظيفة «تتناسب مع مؤهلاتهم أو طموحاتهم».

وإذا ما قررت أن ترفه عن ذاتك بأي شكل من الأشكال سيحيط بك عدد من المحبطين، وسيقولون لك ليس هناك مكان للتنزه في البحرين، المجمعات التجارية «زحمة»، وكل المحلات والمطاعم والمقاهي أصبحت باهظة الثمن، الشوارع مزدحمة، ورجال المرور سيقفون لك بالمرصاد لمخالفتك!!

عجبي على هؤلاء «المحبطين» ومدى قدرتهم العجيبة في «إحباطنا» وتراجع نسبة السعادة لدينا، والغريب في موضوع الإحباط بأنه متفشٍّ ومنتشر، وهو سمة غالبة على معظم الشعب البحريني المحب للحياة!! فما الذي تغير؟! ولماذا هذا التناقض؟

أصبحنا محبطين، قلقين، متوترين، أصبح كل موضوع نسمعه نحلله «بسلبية متناهية»، أصبحنا نقارن أنفسنا بالآخرين، وأنا لست ضد المقارنة بل أنا معها، فلا غرابة في أن ننظر إلى من حولنا ونقارن أنفسنا بهم ولكن يجب أن تكون مقارنتنا «موضوعية».

على سبيل المثال لا الحصر، نريد مرافق سياحية، ولا نريد زحمة ولا سياحاً؟ هذا قمة التناقض!! نذهب إلى العديد من الدول الشقيقة للسياحة ونتحمل الزحمة، ونتحمل التنوع بين السياح، فلماذا نتذمر من الزحمة الأسبوعية في البحرين الناتجة عن وجود سياح ينشطون السياحة والاقتصاد في البحرين؟!

قمة التناقض أن نقارن أنفسنا بدول أخرى في مجال الرياضة، وعندما نقوم بتنظيم بطولة في مملكة البحرين، نوصف «بالإسراف»!!

قمة التناقض أن نطالب بتواجد دولي يدافع عن موقف البحرين في العالم، ونشن حملات على المجلس النيابي الذي غادر مؤخراً لتمثيل مملكة البحرين في مهمة خارجية.

قمة التناقض أن نحرق ونخرب ونسد الطرق ونقوم بعمليات إرهابية ثم نسأل عن الأمن والأمان، ونسأل عن ميزانية الأمن والدفاع، وعن تنمية المشاريع الأخرى.

قمة التناقض أن نطالب بتعليم أفضل لأبنائنا ونغلق الشوارع المؤدية إلى المدارس، قمة التناقض أن أطالب بتطوير العملية التعليمية، وأتخلى عن مسؤوليتي كولي أمر، حيث تروي لي إحدى التربويات الفاضلات أنها لدى إخبار ولي أمر عن ضرورة مراجعة المستشفى لإجراء اختبار سمع لابنه قال لها ولي الأمر «هذا شغلكم، ودوه أنتو»، قمة التناقض أن نعتقد أن وزارة التربية والتعليم هي المسؤول الأول والأخير عن تربية وتعليم أبنائنا.

قمة التناقض أن أسرب أخباراً خاطئة، وأتناقلها، وأطلب من الإعلام الرسمي أن يرد على الشائعات في كل موضوع دون تعاون مع باقي الجهات المختصة.

قمة التناقض أنني مواطن أريد حقوقي كاملة دون أي نقصان من الحكومة ومن الدولة، ومع ذلك فإنني أتناسى واجباتي التي حددها لي الدستور والقانون.

في رأيي المتواضع فإن للسعادة أبواباً عدة، أهمها القناعة بما كتبه الله لك، وشكر الله وثناؤه على النعم الموجودة، كما أن من أهم أمور السعادة هو البعد عن المحبطين. كلنا دون استثناء نحلم بالسعادة، ونربطها بأمور دنيوية متى ما توفرت لنا سنكون على إثرها أكثر سعادة، ولكن السعادة الحقيقية مصدرها أنت.