استطاع المركز الدولي للبحوث الزراعية في الأراضي الجافة "ايكاردا"، تحقيق اللامركزية في عملياته ونقلها خارج سوريا، الأمر الذي تمخض عنه بروزه كمنظمة أقوى وأكثر كفاءة، بفضل دعم الجهات المانحة مثل الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الاقتصادية.

وعندما بدأ "ايكاردا" بتطبيق اللامركزية على عملياته تلقى دعما قويا من الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الاقتصادية، والمجموعة الاستشارية الدولية للبحوث الزراعية مكنه من تحديث مختبراته الحقلية ومرافقه الإدارية ونقلها مع موظفيه الى مكاتبه الإقليمية في آسيا الوسطى وشمال أفريقيا والشرق الأوسط الكبير وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ومع تقدم العمل بنظام اللامركزية بدأت بالتبلور بنية تحتية معززة للبحوث، حيث أنشأ مركز إيكاردا مرافق بحثية في عدة أماكن منها: توسيع المرافق القائمة في لبنان وتركيا والأردن، وتخصيص مرفق أبحاث في المغرب لإنتاج الحبوب البعلية، وتركيز عمل مرفق بحثي جديد في اثيوبيا على التكامل بين المحاصيل والثروة الحيوانية، وتوجيه مرفق بحثي أخر في الهند الى استهداف نظم إنتاج البقوليات الغذائية.



كما اختيرت مصر لتكثيف التنويع في الري بينما تم اختيار السودان للبحوث على الحبوب والبقوليات ذات القدرة على تحمل السخونة. وقد مكنت هذه الاستراتيجية المركز من تغطية المزيد من البيئات الزراعية والاستجابة بشكل أكثر فعالية لمتطلبات البحوث الإقليمية.

ومن خلال مرافق البحوث المقامة حديثا تمكن "الإيكاردا"، من التركيز أيضا على الأنشطة المحلية مثل ممارسات الري الأمثل في مصر، واستخدام أصناف الشعير والقمح الشتوية المحسنة في تركيا وآسيا الوسطى وإيران، وتعزيز مقاومة مرض صدأ القمح في تركيا، وإدخال أصناف القمح التي تتحمل ارتفاع درجة الحرارة في السودان. وتتصف كافة النتائج التي تمخضت تلك الأنشطة في كافة المواقع بانها للصالح العام الدولي والإقليمي والقطري.

وكانت رؤيا الايكاردا تعتزم أيضا تطبيق اللامركزية على أنشطة بنك الجينات الوراثية التابع له والذي يحتوي على واحدة من أكبر المجموعات في العالم من السلالات المحلية وقريباتها من سلالات برية للحبوب الشتوية الرئيسية والبقوليات الغذائية والأعلاف وأصناف نباتات الأراضي الحدية.

فمحتويات بنك الجينات الوراثية في ايكاردا تشكل اللبنات الأساسية لتطوير محاصيل مقاومة باعتبارها أفضل فرصة لدينا للتعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ، بما في ذلك الجفاف وتطرف درجات الحرارة وظهور آفات وأمراض جديدة.

وفي أكتوبر 2015 أصبح "إيكاردا" المنظمة الأولى في تاريخ البشرية التي تتمكن من سحب بذور من قبو سفالبارد للبذور، الملقب ب "قبو يوم القيامة"، الذي يعد منشأة آمنة لتخزين البذور تقع على بعد 1330 كيلومترا جنوب القطب الشمالي ومدفونة على عمق كبير تحت الصخور الكثيفة والجليد الدائم للقطب الشمالي. ويمثل هذا السحب للبذور - الذي استخدم لإعادة تكوين مجموعات جديدة من البذور لايكاردا في المغرب ولبنان - مرحلة مهمة في مسيرة جهود المؤسسة لتحقيق اللامركزية في عملياتها، إذ اسفرت عن افتتاح بنك ايكاردا للجينات الموسع في لبنان في شهر سبتمبر 2016.

ويبلغ إجمالي حيازات بنك إيكاردا للجينات الوراثية نحو 153،000 من المدخلات التسلسلية بما في ذلك حوالي 20,000 مدخل من سلالات الفول والجلبان ومجموعة من سلالات العلف والأعشاب الرعوية وقريباتها من سلالات المحاصيل البرية في لبنان وحوالي 26،000 مدخل من سلالات الشعير والحمص والعدس والقمح في المغرب. وقد استخدمت المساهمات المالية للصندوق العربي للتنمية الاجتماعية في إعادة تأهيل مرافق بنك ايكاردا للجينات الوراثية وفي إعادة بناء مجموعات السلالات الوراثية في لبنان والمغرب.

ولاشك أن اللامركزية في عمل ايكاردا قد أتاحت لمربي سلالات المحاصيل إمكانية الاستمرار في تأدية خدماتهم الأساسية وهي تطوير أصناف من المحاصيل مقاومة للتغير المناخي وتوزيع المادة الوراثية النخبة الى برامج تربية النباتات في جميع أنحاء العالم. وقد قام هؤلاء المربين بالفعل بتوزيع أكثر من 1400 شتلة على 150 شريك لهم في 40 دولة. وتوفر هذه الشتلات لبرامج التربية النباتية الوطنية إمكانية اختيار الخطوط السلالية الأفضل واتاحتها لمزارعيها. وقد تمت بالفعل اتاحة أكثر من 15 صنف جديد من الشعير والعدس والحمص والقمح في عام 2016.

وقال المدير العام لمركز "ايكاردا" د.علي أبو السبع: "أثبتنا أننا يمكن أن نعتمد على بنوك الجينات الوراثية واستنساخها رغم كل الظروف الصعبة".