من المفارقات المثيرة لكثير من الضحك مطالبة إيران التي تتصدر قائمة منتهكي حقوق الإنسان في العالم وتسفه بقرارات الأمم المتحدة وتضرب بها عرض الحائط، مطالبتها الدول التي حققت تقدماً كبيراً في ملف حقوق الإنسان وجعله مواكباً للتطور الذي يشهده العالم باحترام حقوق الإنسان ولا تتردد عن انتقادها.

إن بلاداً أعدمت في سنوات قليلة أكثر من مائة ألف من مواطنيها، فقط لأنهم لم يوافقوا على سياستها وتصرفات محتلي السلطة فيها، لا يمكن أن يقبل منها انتقاد ملف حقوق الإنسان في الدول الأخرى ولو من بعيد، ولا يمكن أن يقبل منها النصح. وإن بلاداً حولت مواطنيها إلى باحثين عن لقمة يسدون بها جوعهم لا يمكن أن يقبل منها الحديث عن أحوال المواطنين في البلاد الأخرى. وإن بلاداً تصدر الإرهاب إلى جيرانها لا يمكن قبول حديثها ودعوتها إلى محاربة الإرهاب. ورغم أن إيران تدرك كل هذا وتعرف جيداً أن أحداً لن يقبل منها إلا أنها تستمر في انتقاد ملف حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون وتتحدث عن أحوال المواطنين فيها وتدعو إلى الوقوف في وجه الإرهاب!

في البحرين لا يمكن لعاقل أن يثق في ما يصدر عن إيران من تصريحات ومواقف، والسبب هو أنه يعرف أن تلك التصريحات ينقضها الواقع وأن تلك المواقف يفضحها سلوكها، فإيران تقول ما لا تفعل ولا تلتزم بما تقول، وتدعو إلى أمور تعمل على نقضها بممارساتها في التو والحال.

بالمقارنة بين ملف حقوق الإنسان في البحرين وملف حقوق الإنسان في إيران يتضح حجم الفارق بينهما، ففي الوقت الذي تعمل فيه حكومة البحرين بكل قوة وعزم وإصرار على تطوير هذا الملف بإيجاد التشريعات والقوانين التي تحفظ حقوق الجميع وتوفر الأحكام المساندة لها فتحظى بذلك على الثناء من كل العالم ومنظماته ذات العلاقة، تعمل حكومة الملالي على توفير الأمثلة والأدلة على إصرارها على انتهاك حقوق الإنسان التي اختزلتها في أمور اعتبرها البسطاء من مواطنيها منة وفضلاً (...). وفي الوقت الذي تعتبر فيه حكومة البحرين الحديث عن أمر ما يتعلق بحقوق الإنسان سبباً لمراجعة التشريعات والقوانين ذات العلاقة وتعديلها إن استدعى الأمر، تعمل حكومة الملالي على تقليم أظافر كل من يتجرأ بانتقاد ملف حقوق الإنسان في إيران، فالحكومة هناك هي «الأدرى» بما يحتاجه المواطن وما «يجب» أن يرضيه!

حسب «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» وما نشرته وسائل الإعلام الحكومية في إيران فإن «الحد الأدنى للرواتب الشهرية للعمال للعام الإيراني الجديد 930 ألف تومان وهو المبلغ الذي يعترف حتى خبراء حكوميون بأن ذلك هو أقل من الآجر الضروري لتأمين أبسط حاجات معيشة العمال وعوائلهم»، وحسبهما أيضاً فإن «العمال وعوائلهم الذين يبلغ عددهم 40 مليون نسمة حسب الإحصاءات الحكومية سيواجهون فقراً وتمييزاً وضغطاً أكثر في العام المقبل».

ترى كيف يمكن لحكومة هذا هو حال شعبها وذاك هو حال حقوقه أن تنتقد حال وحقوق شعوب جيرانها التي تعيش في مستوى يحلم المواطن الإيراني أن يحظى بعشره؟ المقارنة بين أحوال الناس في إيران وفي بلاد جيرانها في مختلف المجالات لا يمكن أن تكون في صالح إيران أبداً، لهذا لا يمكن أيضاً قبول أي انتقاد منها وخصوصاً في ملفي حقوق الإنسان ومعيشته.

المثير للضحك أيضاً أن إيران تصر على أن حقوق الإنسان لديها غير منتهكة وأن عليها «واجب» أن تضمن للمواطنين في دول المنطقة حقوقهم، وتصر أيضاً على أنها توفر لمواطنيها كل ما تحتاجه وما ظلت تحلم به!

تناقضات ينبغي فضحها من قبل كل إنسان عاقل قادر على إجراء المقارنات وإصدار الأحكام.