لطالما تحدث القاصي والداني عن الخلاف المستحكم بين داعش والنصرة، لكن الأيام تثبت عكس ذلك، فالتنظيمان اتفقا مؤخرا وبشكل سري على صفقة يخلي فيها داعش مناطق للنصرة، التي بدورها تسهل وصول الدعم للتنظيم الذي يتلقى ضربات موجعة في العراق وسوريا، ويستعد لمعركة حاسمة في الرقة.

وفي ظل لعبة تبادل الكراسي هذه، تحاول القوى المناوئة توحيد الصفوف تحت شعار الاعتدال وبتعليمات من واشنطن، بينما تتلقى فصائل الجيش الحر أوامر التأهب من تركيا، وتستعد الفصائل الكردية في الشمال للانقضاض على الرقة، ليتشكل مشهد متشابك على امتداد الأرض السورية لا تكاد خيوطه تتضح حتى تعاود التشابك من جديد.

وقد أفادت مصادر في فصائل المعارضة السورية، بأن اتفاقا تم بين داعش وهيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة النصرة في سوريا، يقضي بانسحاب داعش من مناطق عدة لصالح النصرة، مقابل أن تسهل عبور الإمدادات إليه.

من جهة أخرى، يتم العمل بمسعى أميركي على توحيد الفصائل التي توصف بالمعتدلة، ضمن غرفة عسكرية واحدة، لمواجهة هيئة تحرير الشام في سوريا.

تحركات ميدانية لمسلحي داعش في سوريا، تبين انسحابه "بصمت"، من عدة مناطق لصالحِ هيئة تحرير الشام، التي تقودها جبهة النصرة. هذا الانسحاب بلا قتال، يأتي وفقا لاتفاق بين قائدي داعش والنصرة أبي بكر البغدادي وأبي محمد الجولاني.

فالتنظيمان المتطرفان، أجريا مفاوضات سرية طيلة الشهر الماضي، أفضت إلى توقيع اتفاق في الثاني والعشرين منه، بعدما تسلم القيادي في النصرة أبو ماريا القحطاني، وقيادي من الصف الأول في داعش، عملية التفاوض.

"اتقاق العبور"

ويكشف ما يسمى بالقاضي الشرعي في جيش الإسلام سمير الكعكة، أن الاتفاق يقضي بانسحاب داعش من القلمون الشرقي وريف حماة الشرقي وريف درعا، وتسليم هذه المناطق إلى هيئة تحرير الشام بقيادة النصرة، لتسهيل سيطرتها لاحقا على الغوطة الشرقية، مقابل أن تسهل جبهة النصرة عبور الإمدادات لداعش من مناطق سيطرتها، في ظل استعداد مسلحي داعش لمعركة الرقة، مع تدهور دفاعاتهم في الموصل.

لكن جيش الإسلام، يشعر بالخطر من جراء هذا الاتفاق، الذي يزيد من قوة هيئة تحرير الشام وداعش على حسابه، مما دفعه لتحذير أهالي القلمون مما وصفها بالمكيدة، متهما قائد النصرة الجولاني، بأنه أسقط القلمون الغربي وحلب وخان الشيخ، وسلم مخيمي اليرموك والحجر الأسود لداعش.

وقال إن الجولاني يعد لتسليم الزبداني ومضايا وجنوبي دمشق لإيران، مقابل بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، ويسعى للاستحواذ على القلمون الشرقي بعد ذلك.

من جهة أخرى، يتم العمل على تشكيل غرفة عمليات موحدة، لجميع فصائل المعارضة التي توصف بالمعتدلة، بإشراف الولايات المتحدة، بهدف قتال هيئة تحرير الشام التي تقودها النصرة، كما أكد قيادي عسكري في غرفة العمليات العسكرية جنوبي تركيا، المعروفة باسم "موم".

كما أن تركيا نفسها، تخطط لتحريك الفصائل التي انضوت في عمليتها "درع الفرات" شمالي سوريا، ضمن عملية عسكرية جديدة، وذلك بعد الاستفتاء على الدستور التركي في السادس عشر من الشهر الجاري.

ويدخل فصيل لواء الأقصى إلى المشهد، مع وصول ألف ومائتي مقاتل فيه مع عائلاتهم إلى الرقة، بعدما انفصل عن جبهة فتح الشام إثر انضمامها إلى هيئة تحرير الشام، التي تضم فصائل مرتبطة بدول خارجية.

وقال مصدر من فصيل جند الأقصى، إن لواء الأقصى بايع داعش سرا قبل أربعة أشهر، وتمكن من ضم قياديين ميدانيين في النصرة إليه، بعد انشقاقهم.