الاعتداء على المستشار في وزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية المتحدث الرسمي باسم «عاصفة الحزم» اللواء أحمد عسيري في لندن، والاعتداءت التي تعرض لها مسؤولون كبار من البحرين ودول أخرى كانوا في زيارات رسمية إلى بريطانيا، هذه الاعتداءات لا تعبر إلا عن ضيق ذات اليد وقلة الحيلة وحالة اليأس التي وصل إليها من قام ويقوم بها، فلو كان أولئك قادرين على فعل مفيد لما لجؤوا إلى هذا الفعل الذي يسيء إلى شخوصهم وإلى «القضية» التي يقولون إنهم يدافعون عنها لأن العالم يتعاطف في مثل هذه الحالات مع المعتدى عليه وليس مع المعتدي الذي ينحصر مكسبه ظاهراً في تفريغ شحنة غضب داخله تحولت مع الوقت إلى كتلة من الحقد المفضي إلى افتقاد الحكمة.

لكن تلك التصرفات التي هي في كل الأحوال تصرفات مراهقين تكشف عن أمرين مهمين، الأول هو أن من يقوم بها يستغل القانون البريطاني ويعمد إلى لي عنق المواد المتعلقة بحقوق الإنسان وتوظيفها لخدمة أهدافه، والثاني هو أن الفعل لا يقوم به واحد أو اثنان أو مجموعة أفراد ولكن فريق متكامل، ليس من يقوم بالاعتداء على الضيوف إلا أحد أطرافه، فهناك الآخرون الذين يقومون بالمهمة الأكبر المتمثلة في تناول ما حدث من خلال وسائل الإعلام «السوسة» التي يتم توظيفها بشكل لافت وفاضح.

من تابع ما بثته الفضائيات «السوسة»، الإيرانية وتلك التابعة لها والممولة منها، وما نشرته المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي عن حادث الاعتداء على اللواء عسيري لا بد أنه لاحظ هذا الأمر، ولاحظ كيف أنها تعاطفت مع المعتدين وبررت فعلتهم واستغلت الحادث لإعادة بث المواد التي سبق أن بثتها عن الحرب في اليمن والمراد منها الإساءة إلى السعودية ودول التحالف العربي الذين قرروا إنقاذ المتضررين من اختطاف الحوثيين للشرعية في اليمن ومحاولتهم فرض أنفسهم بالقوة. من ذلك على سبيل المثال المقابلة التي أجرتها إحدى الفضائيات مع المعتدي على عسيري ونشرتها على موقعها الإلكتروني حيث اهتمت بنشر تفاصيل الغرض منها الإساءة إلى السعودية والتحالف العربي، الأمر الذي يؤكد أن فعل الاعتداء لا يقوم به منفذه فقط وأنه ليس إلا عنصراً من بين عناصر تقوم بتنفيذ العملية.

الذي قام بعملية الاعتداء على اللواء عسيري بريطاني اسمه سام والتون، قدمته وسائل الإعلام «السوسة» على أنه ناشط حقوقي وأنه «عبر عن احتجاجه على الصمت الدولي بطريقته الخاصة»، أما معاونه فللأسف «بحريني» سبق أن قام بمثل هذا الفعل أيضاً. وبالتأكيد لا يمكن استبعاد فكرة سعيهما مع آخرين مثلهما إلى كسب الشهرة من خلال هذه السلوكيات السالبة والتي تسيء إلى منظمات حقوق الإنسان التي تنطلق من تقاريرها.

ما قام به المعتدون على عسيري ومسؤولين خليجيين آخرين كانوا في زيارات رسمية إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى لا يمكن وصفه إلا بقلة الذوق والأدب، كما أنه لا يمكن تصديق مسألة الدفاع عن حقوق الإنسان بالاعتداء على حقوق الإنسان. ترى أي عاقل يمكن أن يصدق بأن ما قام ويقوم به أولئك المراهقون هو دفاع عن حقوق الإنسان؟ أوليس لهذا المعتدى عليه حقوق أيضاً كونه إنساناً؟!

هذا النوع من الاعتداءات بمثابة إعلان رسمي عن قلة الحيلة ووصول ممارسيه إلى مرحلة صاروا يشعرون فيها بأنهم ليسوا قادرين على فعل مفيد يعبرون من خلاله عن مناصرتهم للطرف الذي قرروا الوقوف معه واعتبروه صاحب الحق وكل الحق. طبعاً من دون إغفال ما يرمي إليه محركو هذه الأيادي الآثمة والذي كشف عنها وعنهم وفضحهما اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية «السوسة» وتلك التابعة لها والممولة من قبلها باستغلالها الحادث لخدمة أهدافها.