إن الدعم الذي لقيه الإعلام من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر قد مكن الجهاز الإعلامي الوطني بكل روافده من تجويد المنتج الإعلامي وأخذ زمام المبادرة والمقدرة على التطور المستمر للارتقاء بالرسالة الإعلامية الموجهة للداخل والخارج، إذ باتت الرسالة الإعلامية بعيدة عن الصوت العالي وأصبحت تخترق القضايا الأساسية بالهدوء والعقلانية والحجة المقنعة حتى تزيد من إقناع الجمهور المتعرضة له.

ولذا وجدنا دخولاً مباشراً للقضايا الخاصة بحماية البحرين من أعداء نجاحها وفي نقل صورة الواقع الحقيقي لها للعالم، وفي التصدي للحملات الكاذبة والمضللة الموجهة ضد البحرين والتي تستهدف التقليل من حجم منجزاتنا الوطنية في السياسة والاقتصاد والقانون وحقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية والعمرانية.

فالأحداث التي شهدها عالمنا العربي منذ عام 2011، قد نبهت الإعلام الوطني في كل الدول العربية ومنها البحرين إلى أن يكون في حالة من اليقظة والاستعداد والجاهزية على إدارة الازمات والقدرة على الرد علي الإعلام الخارجي صاحب الأجندات المتعددة والذي يستهدف إضعاف وحدة شعوبنا العربية والتفافها حول قادتهم الوطنيين، ولذا فإن هذه اليقظة تنبه إعلامنا لأن يعمل بحرفية عالية وبتقنية متطورة حتي يكون شكل الرسالة الإعلامية وأساليب إنتاجها فيها من المواصفات المهنية ما يمكن صوتنا الوطني بأن يكون مسموعاً في كل مكان، وعارضاً للحقائق على لسان أصحابها حفاظاً على هويتنا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية.

ولذا كانت توجيهات صاحب السمو للعاملين في هذا الجهاز بأن تكون «الرسالة الإعلامية التي تنطلق من تلفزيون البحرين هي رسالة ألفة ومحبة وسلام تعزز من قيم الوحدة والتماسك بين أبناء الوطن وترسخ من المبادئ السامية التي قامت عليها البحرين وتعزز من هويتها وثقافتها العربية الأصيلة»، هذا بالإضافة للعمل على التسويق السياسي لقضايا البحرين خارجياً ودعم الوحدة الخليجية بحكم أن العلاقة بين شعوب الخليج العربي وحكامها ذات خصوصية فريدة ومميزة.. علاقة أساسها مبادئ الدين الإسلامي والثوابت الشرعية والدستورية، وروح الود والتفاهم وهو ما يجعل للإعلام البحريني استراتيجية بعيدة المدى لا تتغير بتغير الأفراد القائمين على هذا العمل.

ومن واقع رصدنا لأداء الإعلام عقب هذه النقلة التقنية نجد أنه يسير في مهنية متوازنة تعمل في اتجاهات أربعة كي يحقق الأهداف الملقاة على عاتقه، أولاها، الإعلام الإخباري الذي يتوافر فيه معايير المهنية والمصداقية والحيادية، وثانيها، الإعلام الترفيهي الجاد الذي يجذب المشاهد ويربطه بسياقه المحلي والخليجي والعربي، إلى جانب الإعلام الخدمي الذي يلبي احتياجات الجماهير ومتطلباتها، وأخيراً الإعلام التحليلي والتفسيري الذي يُكون اتجاهات الرأي العام ووعيه في الاتجاه السليم عبر النقاش والحوار البناء الذي يسهم في تكوين العقل الجمعي للجماهير بحيث يصبحون ظهيراً مسانداً لأداء الجهاز الإعلامي على المدى البعيد.

المهم أن الجهاز الإعلامي قد وضع قدميه على الطريق الصحيح وهو طريق التطوير والتحديث والعمل بشكل احترافي بعيداً عن الانكماش والاغراق في المحلية الشديدة، وبدأ يرنو بعينيه نحو الخارج وتحدياته والداخل وتفاعلاته، ولا شك في أن هذا الفكر الجديد سيجعل منه أداة أساسية في خدمة القضايا الوطنية والذود عنها والوقوف سداً منيعاً ضد كل من يحاول الإضرار بالبحرين وذلك لإيمانه بأنه لا يكفي أن نكون أصحاب قضية عادلة إنما يجب أن يكون لدينا المحامي الواعي القادر على الدفاع عن عدالة هذه القضية ورد الحقوق لاصحابها، ولاشك في ان هذه الروح الجديدة التي تسود تلفزيون البحرين ستزيد من إقبال الجماهير عليه في السنوات القادمة، تلك الجماهير التي كان يتجه جزءاً كبيرا منها - خاصة الشباب - الى القنوات الخاصة والاجنبية بحثا عن محتوى يلبي متطلباتهم ويشبع احتياجاتهم الاعلامية والمعرفية.

ان ما وصل اليه هذا الجهاز من تطور كبير ما كان ليتم الا بفضل الدعم الكبير الذي لقيه من صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء وهو ما ساعد هذا الجهاز على اخترق الصعوبات وتطوير ذاته حتي يستطيع ان يلبي المتطلبات الوطنية سواء في رسالته الاعلامية للداخل او رسالته للخارج، وهذا ما يدفعنا لدراسة دقيقة لطبيعة تحديات مرحلة القفزة النوعية التي احرزها هذا الجهاز والطرح المستقبلي له حتى يتسم ادائه بالتميز خلال السنوات المقبلة وهذا ما نتطرق له في الجزء الثالث من هذا المقال. وللحديث بقية.

* أستاذ الإعلام بجامعة البحرين