لم تكن تقارير إعلامية تلك التي أدانت إلقاء الكيماوي على خان شيخون بل كان بياناً رسمياً لدول مجلس التعاون نصه «إن دول مجلس التعاون تدعو مجلس الأمن الدولي إلى إدانة هذه الجريمة البشعة ومحاسبة مرتكبيها وفق القوانين الدولية والعمل على وقف جرائم الحرب التي ترتكب ضد أبناء الشعب السوري ووضع حد للمأساة المؤلمة التي تعيشها سوريا منذ ست سنوات» ولا نقبل أن تكون لدى مملكة البحرين صحيفة مرخصة بقانون بحريني تكذب بيان المجلس وتستهزئ به وتسمي إدانته الرسمية «مزاعم» فتلك «المزاعم» لم تكن تقارير صحافية أو إعلامية حتى يستهزأ بمصداقيتها، بل هي إدانة رسمية من قيادات وشعوب دول مجلس التعاون، إنما نحن في البحرين تركنا من سمى شهداءنا قتلى وحميناهم من الإدانة الشعبية قبل الإدانة القضائية!!!» ألا تجد في الأسد عيباً؟ ألا تجرؤ على إدانته؟ أتنتصر للموقف الروسي علانية وتروج له ولا ترى وجوه الأطفال ولا ألمهم وهم يتلوون من اختناقهم؟ ألا ترى معاناة ملايين المهجرين، ولا ترى مئات الآلاف من الجثث ولا ترى حطام البلد الذي خلفه لمجرد أن من ارتكب هذه الفظائع من مذهبك؟ أنت إذاً وصلت للدرك الأسفل من الانحطاط وحالة بحاجة لدراسة نفسية تبحث لا عن شكل وطبيعة التربية والبيئة التي أخرجت هذا العفن فحسب، إنما تبحث عن التأصيل الديني والفقهي الذي شرعن هذا المرض وجعله حالة طبيعية، لقد أشحنا جميعنا بوجوهنا عن صور جثث الأطفال وصراخهم، خجلاً من أنفسنا لعجزنا عن مساعدتهم، إنما أن تسمي تلك الصور الحية «مزاعم» فإن الحيوان يربأ بنفسه عن أن يتشبه بك».

ذلك ما قاله أحد نواب البرلمان التركي ويدعى سيلاي كونان لزميل له يدعى طوبال نائباً عن ولاية هاتاي في البرلمان التركي كان يدافع عن الأسد ويبحث له عن مبررات ومخارج تنجيه من تلك الجريمة الشنعاء.

سيلاي غضب أشد الغضب لأن طوبال تحدى مشاعر الأمة التركية واستفزته وقاحة طوبال وأدان قيحه الطائفي الذي طفح، وقال له «هذا برلمان تركيا لا برلمان الأسد»

الاستفزاز لم يكن فقط لانعدام الإنسانية في موقف طوبال إنما الذي استفزه هو أنه يتخذ أحد الأتراك من البرلمان الوطني منصة للإضرار بمصلحة أمن الدولة ومعاكسة سياستها، فذكره بانتمائه الذي نساه.

أما مسألة انعدام الإنسانية فقد كانت في زمان الطيبين عاراً يستحي منه صاحبه ويخصف عليه من ورق الصمت يداري به سوءته، فنعمة من الله أن تعلو إنسانيتك فوق أي اعتبار آخر، منة من الله أن ترى الجريمة جريمة بغض النظر عن مرتكبها، من دينك أو من غيره، من مذهبك أم من غيره، من جنسك أم أصولك العرقية أو أي رابط آخر، فكلها روابط لا بد أن تدنو وتتضاءل أمام الروابط الإنسانية، والطفل الذي يتلوى اختناقاً وينتفض ويعلو فمه الزبد سواء كان بوذياً أو مسلماً، أبيض أم أسود فلا يمكنك إلا أن تتواضع أمام ألمه وتجثي على ركبتيك اعتذاراً له إن عجزت عن مساعدته.

إنما حين تحمل نفساً قادراً على أن يغض الطرف عن هذا المنظر، لا بل يكشف عن سوءته علناً وجهاراً ليبرر لمن يرتكب هذه الجريمة النكراء ويبحث لهم عن مخارج، بل ويجرؤ على أن ينكرها ويدعي أنها «مزاعم» لمجرد أن من ارتكبها يشترك معه في المذهب، فتلك والله حفرة لا قرار لها من الانحطاط والقذارة والقرف والعفن ومكب للنفايات والمخلفات الأخلاقية، قياساً بانحطاط الجريمة التي تغض طرفك عنها.

فإن أضفت لها استهزاء بموقف وطنك وسياسته الخارجية وتسمية بيان دول مجلس التعاون «مزاعم» فأنت أمام خيانة وطنية طفح قيحها الطائفي على السطح.