سعد راشد

أشلاء متساقطة على أطراف الطريق، وسيارات شبه معدومة ووجوه شابه لا زالت لم تأخذ نصيبها من الحياة وكان ينتظرها مستقبل مشرق، ودماء متطايرة على الأرصفة، وللأسف أن كل ذلك ليست نتيجة عبوة ناسفة أو انفجار بل كل هذا حدث بسفاح يستعرض مهارات سياقته على الطريق وفقد السيطرة على السيارة ليتسبب في وفاة شخصان كان يظنان أن هذا السفاح يقدم عرضاً مميزاً ولكنه قدم لهم العرض الأخير في حياتهما.

المشاهد التي عرضتها الإدارة العامة للمرور في زيارة "الوطن" لها لم تتوقف، ففي مساء هادئ وأجواء عليلة لم يبخل رجل آسيوي بالخروج بدراجته النارية لكي يستمتع بتلك الأجواء وعند الإشارة الضوئية عندما أضاء النور الأخضر له فقد شرع بتشغيل محرك دراجته وينطلق ولم يكن يعلم أن الجهة الأخرى من الإشارة سفاح يقوم بتخطي الإشارة الحمراء ليصطدم به ويفارق الحياة.



قصص سردتها لنا شعبة الحوادث المرورية وتحفظت عن نشر تلك الصور التي شاهدتها "الوطن" ليس لشيء ولكنها مؤلمة جداً ولا يمكن أن يتصور الإنسان أن تكون ضحايا السفاحين تصل لهذه الدرجة.

رئيس وحدة الحوادث بالإدارة العامة للمرور النقيب أحمد سعد السعدي لم يتردد لإظهار حجم الإضرار التي تخلفه تلك الحوادث وما نجمت عنه، ففي العام الماضي بلغت الحوادث الوفاة 50 شخصاً إلا أن في عام 2015 فقد بلغ عدد الوفيات 83 شخصاً، وبالتالي انخفضت نسبة الوفيات ما يقارب 40%.

وعن سؤال "الوطن" عن وقت الحوادث البليغة التي نجمت عنها الوفاة، أكد النقيب السعدي أن الحوادث تحدث بأي وقت ولكن الحوادث البليغة أغلبها تحدث في المساء، وللأسف أن 90% من أسباب تلك الحوادث هي إهمال بشري، أما الباقي يكون عيباً في السيارة أو أمور أخرى".

وقال أن أحد الأسباب الرئيسة في الحوادث هو الانشغال بالهاتف النقال مما تسبب بعدد كبير من الحوادث والتي تصل إلى البليغة أو الوفاة في بعض الأحيان، وعلى السائقين الانتباه من ذلك كون أن الهاتف يشتت التركيز لدى السائقين مما قد يربك حركة الطريق ويتسبب بحوادث بليغة".

وأشار إلى أن الحوادث البليغة معظمهما يكون المتسبب بها من الرجال وليس النساء، إلا أن الحوادث البسيطة فهو العكس أغلبها يكون النساء أكثر من الرجال.

ودعا السعدي جميع السواق إلى ضرورة التقييد باشتراطات السلامة وارتداء حزام الأمان لما يوفره من حماية حقيقية في حال حدوث الحادث، فهناك العديد منها كان حزام السلامة بعد الله هو منقذ أرواح السائقين.

واستمرت "الوطن" بجولتها بإدارة المرور والتقت برئيس وحدة المخالفات المرورية النقيب محمد أحمد الشيخ، فقد كان مبتسماً والباب مفتوح على العلم بأنه لم يكن يعلم بزيارته لنا، فلم يجد حرجاً بالجلوس معه والاستماع لنقل وجهة نظر الكثير من المواطنين جراء حجم المخالفات.

وأكد النقيب الشيخ أن الكثير من المراجعين يسرد لنا حجم المخالفات التي ارتكبها والتي تم رصدها من قبل الكاميرات أو من قبل دوريات المرور، إلا أننا نتعاطى معها بكل رحابة صدر بعيداً عن أي أمور أخرى"، منوهاً أن أغلب المخالفات تنحصر في تجاوز السرعة وقطع الإشارة الحمراء.

وعن سؤال الوطن عن مضاعفة مبلغ المخالفات، أكد النقيب الشيخ أن مبلغ المخالفات لا يتضاعف فمثلاً تكون مخالفة السرعة قيمتها 50 ديناراً عند رصدها من قبل أحد الدوريات يتم وضع مهلة أسبوع لتسديد المخالفة بسعر مخفض 50%، وفي حال تعدت هذه المهلة يتم أخذ المبلغ بالكامل في حال عدم التسديد خلال تلك المهلة، فيما المخالفات التي ترصد بالكاميرات فهي غيابية وتلقائياً يكون مبلغها مخفض".

وطرحت "الوطن" عن وجود حالات إنسانية لا يمكن لها دفع مبلغ المخالفات التي تصل لمبالغ عالية، أوضح النقيب الشيخ إن إدارة العامة للمرور تضع بعين اعتبارها ذلك، فهي هدفها في تلك المخالفات هو الحفاظ على سلامة الأرواح، فيمكن لأي شخص يثبت عدم قدرته دفع تلك المخالفات بأن تتم عملية التسوية بدفع جزء منها ويتم التنسيق ذلك مع النيابة العامة لتعهد المخالف بتسديد المبلغ كاملاً بالوقت المتفق عليه".

وعن شكاوى بعض المواطنين بشأن تحديد السرعات بالشوارع بحيث لا تتناسب مع الحركة المرورية، أكد النقيب الشيخ أن جميع الشوارع تقوم الإدارة العامة للمرور بدراستها بالتنسيق مع مهندسي وزارة الإشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني، حيث يتم وضع السرعة المناسبة لها وذلك لضمان أعلى معدلات الأمن والسلامة.

وفيما يتعلق برصد الكاميرات لمخالفات السرعة، أكد النقيب الشيخ أن جميع الكاميرات مبرمجة على رصد المخالفات عندما تتجاوز السرعة المحددة بالشارع بمعدل 10%، كما أن الإدارة تعمل بالفترة الحالية لدراسة الكاميرات التي ترصد مخالفات السرعة لتكون مناسبة لحركة الطريق.

وأكد أن المعدل اليومي لعدد المخالفات المرصودة يبلغ حوالي 1500 مخالفة باليوم، حيث أن 75% منها هي مخالفة تجاوز السرعة المحددة، وبالتالي فأن الإدارة العامة للمرور ترصد 63 مخالفة في الساعة.

إلا أن جولة "الوطن" لم تنتهي عند هذا الحد، فقد قامت بزيارة إدارة الثقافة المرورية والتقت بالمقدم أسامة محمد بحر مدير إدارة الثقافة المرورية فقد كان الحديث معه لا ينتهي عن رصد المخالفات وخطط الإدارة العامة للمرور بتطوير تلك الخدمات، فقد أكد للوطن أن سلامة وأرواح السائقين ومرتادي الطريق هو الهدف الأساسي التي تسعى له الإدارة، وأن ما يشاع بشأن المخالفات المرورية هو أمر مبالغ فيه ، لأن هذا يعبر عن استهتار من قبل بعض السواق للأنظمة المرورية التي تكفل لحماية الأرواح.

وقال المقدم جميع الإجراءات التي قامت بها الإدارة العامة للمرور قد انعكست إيجاباً في خفض معدلات الوفيات، وبالتالي فأن رصدها جاء بنتائج إيجابية في الحفاظ على الأرواح.

ونوه أن خطط الإدارة العامة للمرور لن تتوقف في عملية التطوير، فهناك عدد من الخدمات يتم تدارسها لخصصتها ومنها فحص المركبات، حيث هناك تجارب مميزة بالدول المجاورة بخصوص هذا الشأن.

أما عن سؤال "الوطن" عن عدم وجود آلية لإبلاغ السائقين بالمخالفات، فقد أكد المقدم بحر أن الإدارة قد فتحت قناة بموقع الحكومة الإلكترونية يمكن لجميع السائقين التسجيل وأن يتلقوا أي مخالفة يتم رصدها أول بأول، وقد تم نشر هذا الأمر عبر وسائل الإعلام المختلفة، ونتمنى من الجميع السواق التسجيل بتلك الخدمة ليكونوا على علم بمخالفاتهم فور رصدها".

وفي نهاية الجولة، لوحظ أن أغلب رؤساء الوحدات بالإدارة العامة للمرور هم من فئة الشباب مما يؤكد أن هناك وجوه شابه قيادية في مراكز حساسة ومؤهلة لتطوير الأنظمة المرورية برؤية طموحة.