إن ذلك العمل الإرهابي ضد كنيسة مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية عمل مجرم وجبان والذي هو باسم «داعش» حيث تزامن مع أسبوع الآلام الذي يمثل أسبوعاً من القدسية الدينية لدى الأقباط والمسيحيين وهم إخوة للمسلمين وأبناء وطن واحد وهوية واحدة، فالمصريون من الأقباط والمسلمين دافعوا معاً عن الوطن وعاشوا معاً في وطن واحد آلاف السنين وحاربوا العدو ومازالوا يحاربون الأعداء المجرمين والإرهابيين وسوف يستمرون كذلك.

إن هؤلاء الذين يقتلون الناس باسم الدين البريء منهم ومن أفعالهم بوجه خاص هم فصيل مجرم وإرهابي مهما كان الاسم الذي يحملونه أو الشعار الذي يرفعونه، فهم قتلة ومجرمون وإرهابيون تجردوا من كل سمات الإنسانية، بل من أي دين من الأديان التي هي بريئة منهم تماماً إعمالاً لقول الله تعالي «من قتل نفساً بغيرِ نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، «سورة المائدة: الآية 32».

إن هؤلاء المجرمين يقتلون الناس بلا قلب ولا رحمة ولا عقل في وقت صلواتهم وهؤلاء المجرمون لا يعرفون أي معنى للصلاة فسبق أن قتلوا مسلمين في مساجدهم في دول إسلامية وعربية. وحقاً ينطبق عليهم القول إنهم ليسوا مسلمين بل قال الله تعالى فيهم: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً»، «سورة النساء، الآية: 93». كما قال الله تعالى «وإن طائفتان مِن المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين»، «سورة الحجرات، الآية: 9». إنهم فئة باغية وينطبق عليهم القول القرآني في الآية السابقة. وينبغي أن نلاحظ دقة القرآن فهو لم يقل من المسلمين بل قال من المؤمنين. وكافة العقائد تؤمن بالله والاختلاف بين الأديان والعقائد فهو في الطقوس والشعائر وليس في جوهر الإيمان. ولا في جوهر الانتماء للإنسانية كما في تحريم القتل وتغليظ جريمته في الآية السابقة في سورة المائدة.

إن هؤلاء يناقضون كل قول في الإسلام وكل سلوك للنبي عليه الصلاة والسلام وكل كلمة في القرآن الكريم الذي أكد أن الرسول والمؤمنين برسالته يؤمنون بكافة الرسالات والعقائد والكتب المنزلة من الله. ولم يعطِ الإسلام تفويضاً لأحد لكي يقتل باسم الدين أو يعطيه تفويضاً ليكون متحدثاً باسم الله أو باسم الإسلام الذي لا ينتمون إليه سوى بادعاء كاذب كما قال الله تعالى «ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً»، «سورة الكهف، الآية: 5».

إن احترام قدسية الكنائس والمعابد والصوامع أو أديرة الكهنة والرهبان من أولى مبادئ الإسلام فقد رفض أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصلاة في الكنيسة بالقدس خوفاً من أن يأتي من بعده أناس لا يفهمون الدين الصحيح ويقولون إن عمر صلى هنا ويستولون على الكنيسة، فما بالك بمن يدمرون الكنائس ويقتلون المسيحيين والعابدين لله في أسبوع مقدس للدين والعقيدة المسيحية، وهذا يتناقض تماماً مع قول الله تعالى «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، «سورة البقرة، الآية: 285». إن هؤلاء القتلة المجرمين والإرهابيين هم خارجون عن الملة التي ينتسبون إليها كذباً وزوراً وبهتاناً، إنهم فئة باغية أمر الله بقتالها حتى تعود للصواب وتؤمن بالدين الحق الذي يقوم على التسامح والاعتراف بالآخر واحترامه، وحقاً قال الله لنبيه «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، «سورة يونس، الآية: 99».

وكل إنسان مؤمن بعقيدته ومن ثم عليه التسامح والتعامل باعتدال وعقلانية ومساواة وسلام. فإذا كان الإسلام من منطوق الكلمة هو دين سلام فكيف يدعي هؤلاء الانتماء للإسلام الذي هو بريء منهم ومن أعمالهم، إنهم مجرمون كاذبون، إن جميع البشر متساوون وها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستدعي عمرو بن العاص وابنه عندما كان حاكماً على مصر وأنبه وابنه الذي أساء معاملة قبطي مصري وأمر ابن القبطي المصري بضرب ابن عمرو الحاكم المسلم إعمالاً للعدالة الإسلامية التي لا تفرق بين إنسان وآخر بغض النظر عن دينه أو عقيدته، بل إن النبي الكريم قال في حديث، «استوصوا بقبط مصر خيراً فإن لي فيها صهراً ونسباً»، فكيف يدعي هؤلاء القتلة الإرهابيون المجرمون أنهم مسلمون أو أنهم يرتكبون جرائمهم باسم الإسلام الذي هو بريء منهم.