من الأساليب الملتوية والشيطانية في استراتيجية الإرهاب هو تعدي الخطوط الحمراء الخاصة بدين المرء وعقيدته، ظناً من الإرهابي بأنه يسلك أسهل وأيسر الطرق لتفكيك النسيج الواحد والوحدة الوطنية من خلال الدين، فهذه حيلة قديمة اتخذها الإرهاب وبعض الجماعات لتفكيك المجتمعات المتماسكة، وقد وفقت هذه الجماعات في زمن سابق في استخدام هذه الحيل، ولكنها لم تعد مجدية في الوقت الراهن، ليس لأن المرء لم يعد يغار على دينه ولكن بالتأكيد لأن المجتمع تحصن بوعي كبير وقناعة تامة بأن الإرهاب لا دين له، وأن كل إرهابي يمثل نفسه لا يمثل الدين والمذهب الذي ينتمي إليه.

على مدى السنوات السابقة من العنف والتطرف حاول الإرهاب أن يتغلغل في عقول بعض المجتمعات لتشتيت الجهود في الوحدة والتنمية والتطور، ولكن لله الحمد، كشفت المجتمعات الواعية التواء هذا التطرف وتستره وراء دين لم يعلُ يوماً ولم يسمُ بإراقة الدماء، فأي دين هذا الذي يفخر بعدد مجازره وكثرة ضحاياه، وأي شريعة في عقائد البشرية تحلل القتل وترخص الأرواح كما يفعل الإرهابيون ومن يساندونهم.

إلى متى يعتقد من يتبنى التطرف والإرهاب أنه على حق وأن إراقة الدماء وزهق الأرواح وسيلة صحيحة في التعبير عن غضب أو امتعاض أو رأي؟ إلى متى يتصور هذا الإرهابي بأن ما يخلفه من فوضى هو بداية لإصلاح مجتمع وتعديل اعوجاج؟ ألا يكفي ما تمر به دولنا العربية من ضغوط تفوق كل درجات التحمل، ألا يكفي سقوط دولنا واحدة تلو الأخرى، فلسطين والأحواز والعراق وسوريا واليمن الشقيق، ألا يكفي شتات الشباب وتشتيته بين الحق والباطل، ألا يكفي الغزو الفكري والاستعمار الثقافي الشيطاني الذي يستهدف طاقات الشباب ويطوق كل الجهود في النهوض والتقدم إلى الأمام.

الإرهاب يلعب بورقة خاسرة عندما يستهدف كنائس مصر، فالمصريون منصهرون في منظومة واحدة، المسلم أخو المسيحي أخو اليهودي يجمعهم دائماً وأبداً حب مصر، فمصر ستبقى عصية على الإرهاب، مصر منذ أيام ودعت أبناءها في مشهد يتفطر له القلب، ودعت ضحايا التفجيرين في الكنيستين في الإسكندرية وطنطا، مصر استعانت بالجيش المصري مرة أخرى لتأمين الأمن الداخلي وليتولى مهامه مع الشرطة لحفظ الاستقرار في البلاد، من يلعب مع مصر يخسر دائماً، فمصر العربية ستبقى رغماً عن الإرهاب بلداً أمناً متكاتفاً وعلى قلب رجل واحد، ولن ينزع من يتبنى الإرهاب دور مصر في دعم استقرار المنطقة وفي الوحدة العربية ودورها في مكافحة الإرهاب، وسوف لن يبقى بإذن الله وبجهود متضافرة أي إرهابي على أرض الكنانة.

قيادة وشعب البحرين سيكونون دائماً سنداً لمصر وداعماً لها في مكافحة الإرهاب، في خط واحد ونهج واحد بإذن الله.

* كلمة من القلب:

للأقباط المسيحيين في مصر مكانة عزيزة لدى المسلمين، فماريا القبطية مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم إبراهيم ابن رسول الله، كانت قبطية، قبل أن تدخل في الإسلام، أهداها إليه حاكم مصر المقوقس بعد أن بعث الرسول إليه خطاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، فما كان من المقوقس إلا أن تلقى الخطاب من غير استعلاء أو غرور ورد على رسول الله عليه الصلاة والسلام بخطاب موزون كان محل تقدير لرسول الله وحامل الرسالة، فالسماحة واحترام الأديان منذ ذلك الحين كفيلان بأن يحميا مصر ويجعلاها بلد الجميع وأرضاً شريفة خطا على أرضها كثير من الأنبياء والرسل.