سلسبيل وليد

انتشرت مؤخراً ظاهرة جمع الأموال في صناديق داخل المساجد ونسبها لجمعيات وهمية، وفي وقت أكدت فيه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن جمع التبرعات داخل المساجد سواء لجمعيات أو غيره ليس من اختصاصها، ونوهت الأوقاف السنية أنها بصدد تشكيل فرق تفتيشية بالتعاون مع العدل والتنمية لكون الأعداد تتزايد.

واشتكى عدد من المصلين انتشار عدد من الأشخاص لجمع الأموال في صناديق ونسبها لبعض الجمعيات قد تكون وهمية بعض الأحيان، حيث يستغلون الأحداث التي تحصل في الدول الشقيقة ويقومون بجمع التبرعات لهم، كما يستغلون الأطفال وذلك غير مشروع قانونياً.



وأكدت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن موضوع جمع التبرعات ليس من اختصاصها، في حين قال رئيس الأوقاف السنية راشد الهاجري إنه وبالتعاون مع العمل والتنمية والاجتماعية، بالإضافة إلى الأوقاف سيتم تشكيل لجان تفتيشية تكون لها صفة رسمية على المساجد و منع غير المرخص لهم من دخول المساجد، لافتاً إلى أن الأوقاف ليس لديها أعداد كافية من المفتشين، كما أن خطيب الجمعة ليس له صلاحية بإيقافهم.

وأضاف أن الجميع يتحمل مسؤولية، فالتنمية هي التي تقوم بالترخيص للجمعيات والصناديق الخيرية، في حين أن العدل والشؤون الإسلامية بدأت تحاول ضبط الظاهرة، خصوصاً بعد الفوضى الكبيرة وانتشارهم في المساجد لجمع الأموال بطرق غير صحيحة و غير مشروعة، حيث تسعى العدل لتنظيم العملية.

وتابع ننصح المتبرعين بعدم التبرع للصناديق التي لا تحمل أسماء جمعيات أو حتى جمعيات معروفة، فهم يساعدون على انتشارها بشكل غير مباشر، وهم لا يعلمون صدقاتهم إلى أين تتجه، ومن يريد التبرع فهناك جهات رسمية أو جمعيات معروفة يستطيع التصدق من خلالها.

وينص قرار رقم (65) لسنة 2012، بشأن نظام الترخيص بجمع المال للجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية الخاضعة لإشراف وزارة التنمية الاجتماعية مادة (10) "يُحظر على أي منظمة أهلية استغلال الأطفال في عملية جمع المال أو التعامل مع مؤسسات تجارية لتسويق كوبونات التبرع".

وكان قد وجه صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء في يونيو 2015 إلى تشديد الرقابة وتعزيز الإجراءات وتفعيلها تجاه جمع الأموال والتبرعات النقدية دون ترخيص وخاصة أمام المساجد وفي الطرقات والأماكن العامة، وأن يتم تنفيذ الأنظمة والتعليمات بحق كل من يثبت تورطه في جمع الأموال أو التبرعات بطريقة غير قانونية أو مشروعة أو لأية أغراض غير محددة بالقانون، موجهاً سموه كل من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ووزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية إلى تكثيف الحملات التفتيشية والرقابية للتأكد من استيفاء من يقوم بجمع الأموال من أمام المساجد وفي الطرقات العامة لكافة الاشتراطات والتراخيص اللازمة لذلك، كما وجه سموه وزارة شؤون الإعلام إلى توعية المواطنين حتى لا يتم استغلال أموال الزكاة والصدقات أو التبرعات في غير أوجه الخير التي يخرجون أموالهم من أجلها.

وقال الإمام الشيخ عادل الكوهجي إننا كمصلين نواجه مشكلة في ظل الزحمة بعد صلاة الجمعة ونحن مع وضد بنفس الوقت وكلنا ثقة بقيادتنا التي تستطيع أن تتصدى لهذه الظاهرة السلبية والتي تسيء سمعة بعض الجهات الموثوقة المعنية.

وأضاف أنا مع المبدأ إذا كان مصدر موثوق مثل جمعيات مرخصة ولكن ضد بعض الاخلاقيات والسلوكيات، فيقوم البعض بتجييش الاطفال وذلك لا يجوز شرعاً قبل أن يكون قانوناُ فهو يعلمهم على التسول فالطفل عجينة لينة لن يستوعب أنها تبرعات وإنما سيعتقد بأنها تسول و سينشأ على ذلك، ولن يتردد من طلب مبالغ مادية من أي شخص.

واقترح الكوهجي ببتخصيص أماكن لجمع التبرعات بحيث لا يتسبب بازدحام و إزعاج للمصلين، فجميع من يحملون صناديق التبرعات يقفون أمام الباب ويضيقون على المصلين الخارجين من المسجد، خصوصاً وأن كثيراً من الجوامع تكتظ بالمصلين وقت صلاة الجمعة، و يقف أصحاب الصناديق كأنما في منافسة من أجل الحصول على تبرعات.

وأوضح أن الترديد بعبارة "تبرعوا تبرعوا" أو الحديث النبوي " اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً"، فهي لا يصح قولها و تسبب إزعاج للمصلين و من أراد أن يتبرع لا حاجة لكل هذه العبارات و الدعوات و الترديد، كما أن البعض لا يقوم بوضع صناديق وإنما يقومون بإظهار أوراق غير رسمية و قد تكون مزورة من أجل جمع تبرعات لإنشاء مبنى في دولة فقيرة، متابعا" لقد قمت بإيقاف عدد من الأشخاص لعدم امتلاكهم تصاريح أو رخص".

وشدد الهاجري على أن الوضع يستلزم تعاون من جميع الأطراف لتصدي للظاهرة لأنها ظاهرة كي لا تنتشر بشكل أوسع.

قال أحد المصلين إننا نتضايق جداً من وجود عدد ممن يجمعون التبرعات عند باب المسجد ونحن لا نعلم لأي جهة يتبعون، فالاسم لا يكون معروفاً ويقوم الناس بالتصدق دون معرفة الشخص أو الجهة و بشكل غير موثوق، ويستغلون الأطفال في ذلك، حيث يغرونهم بالمال فكل صلاة جمعة نراهم في المسجد يزاحموننا وهذا الشيء غير قانوني و غير أخلاقي ونحن نود نعلم أين تذهب هذه المبالغ، كذلك يستغلون الجنسيات الآسيوية لحاجتهم لمبالغ مادية.

وأضاف أنهم يقومون بجمع التبرعات بالتزامن مع الاحداث حيث يلصقون صور لأطفال سوريا أو اليمن أو العراق بحجة أن التبرعات ستذهب لهم ولكن باستخدام أسماء وهمية كما يجمعون تبرعات لإفطار صائم أو مصحف، ومنهم من يكون ترخيصه قد انتهى، وتابع قمنا بإيقاف آسيوي يقوم بجمع التبرعات في صناديق وعندما سألناه عن اسم الجهة التابع لها أكد لنا أنه شخص يقوم أسبوعياً بإعطائه ثوب و 5 دنانير من أجل جمع التبرعات في المساجد دون العلم بإسم الشخص.

فيما قال المصلي عبدالسلام عبدالله إن أكثر ما يضايقنا أن جامعي التبرعات يتزاحمون بشكل كثيف عند أبواب المساجد و كأنما الموضوع في منافسة، وتحدث ازدحامات فجميع المصليين يريدون الخروج و هم يقفون سداً منيعاً، و كأنما لسان حالهم يقول اتدفع تطلع، موضحاً أنه جرب مرة الخروج من باب آخر للمسجد و لكن لا فائدة فهم موزعون في كل مكان ويحتاج وقتاً للخروج من المسجد.

وأضاف أنهم في بعض الأحيان يتجمعون داخل المسجد بعد الصلاة مباشرة و تحدث الازدحامات قبل الوصول لبوابات الخروج، على الرغم من أن المساجد تكون مكتظة بالمصليين دون وجودهم، ومع وجودهم يتسبب بازدحام أكبر خصوصاً وأنهم يقفون ويسيرون عكس سير المصلين.

وأكد المصلي أحمد عبدالحكيم أنه دائما ما كان يقوم بالتصدق لهذه الصناديق بنية الصدقة وأضع ما تيسر من المبالغ في هذه الصناديق ولكن بعد صلاتي في المسجد أكثر من مرة تفاجأت بأن الشخص الذي يحمل الصناديق كل مرة يقوم بحمل صناديق بأسماء جمعيات مختلفة و جديدة علينا، و توقفت عن الصدقة لهذه الصناديق لعدم وجود ثقة وذلك ليس جيداً لكونه يؤذي الجمعيات الموثوقة.

وطالب أحمد بجهة مختصة تقوم بالتفتيش على هذه الصناديق، خصوصاً وأن وجودهم يضايقنا وما يحزننا فعلاً وجود أشخاص يتصدقون بنية حسنة وعدم معرفتهم بأن هذه الصناديق غير موثوق بها فيساعدون على انتشارها ومن الصعب إعطاء النصيحة لجميع المصلين.