«السفهاء يشكلون الرأي العام والعقلاء يتوارون عن المشهد»، هذه العبارة جزء من تغريدة لوزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد بن طفلة العجمي نشرها مؤخراً في حسابه على «تويتر» يعلق بها على أمور معينة تحدث في الساحة الكويتية، لكنها تصلح لكل مكان في كل زمان وفي هذا الزمان على وجه الخصوص، وهي تعني أن من أطلق عليهم صفة السفهاء يشكلون الرأي العام ويصيرون قوة ضاغطة ومؤثرة عندما يغيب العقلاء عن المشهد. هنا في البحرين غاب العقلاء عن المشهد لذا فإن من الطبيعي أن يشكل من هم دونهم عقلاً وخبرة ومن يسهل وصفهم بتلك الصفة السالبة الرأي العام وفرض أنفسهم إلى الحد صارت بعض المنظمات العالمية التي لها اسمها ومكانتها تعتقد أنهم هم الصح في كل شيء وأنهم يمثلون شعب البحرين.

سبب كثير مما يحدث إذن هو تواري العقلاء عن المشهد واكتفائهم بممارسة دور المتفرج وكأن الأمر لا يعنيهم، ولا يهمهم أن يضيع الوطن بسبب حماقة البعض، وهذا يعني أنه إذا أريد للحال أن يتغير ويتم وضع حد لكل هذا الذي يحدث والاستهتار الذي يمارسه البعض فلا بد من إلزام العقلاء بإدارة المشهد وفرض أنفسهم، وإلا فإن الحال سيبقى على ما هو عليه وسيزداد تعقيداً.

اليوم وبعد كل هذا الذي حدث وصرنا فيه يفترض أنه لم يعد القرار بيد العقلاء الذين اختاروا الفرجة، وصار من العقل أن يتم إلزامهم بالعودة إلى المشهد وإدارته. لم يعد الأمر اختياراً ولابد من إجبارهم على هذا. في السنوات الأولى للأحداث وربما حتى قبل قليل كان تواريهم عن المشهد خيارهم وقرارهم، لكن بسبب ما وصل إليه الحال صار من الخطأ تركهم يختارون موقفهم، وصار لابد من إلزامهم باتخاذ الموقف الذي يجب أن يتخذوه كي لا يستمر أولئك في تشكيل الرأي العام وكي يتم قطع الطريق عليهم وسحب ما صاروا فيه منهم لأنهم ليسوا أهله.

هذه الإشكالية يفترض أن تكون واضحة بشدة للعقلاء الذي تواروا عن المشهد لأسباب مختلفة، وإلا يكونوا سبباً أساساً في تهديد مستقبل الوطن. التواري عن المشهد في مثل هذه الحالة إساءة للوطن لعلها تصل حد الجريمة لأن فيها أذى للوطن وللمواطنين. توفر العقل وتوفر القدرة على توظيفه يلزم أصحابهما العمل وفرض أنفسهم على الساحة وإدارتها وليس مجرد العودة إليها، فالتواري الإجباري ينبغي أن يكون من نصيب أولئك الذين صاروا بسبب تواري العقلاء عن المشهد يتحكمون فيه ويديرونه ويشكلون الرأي العام إلى حد اعتقاد المنظمات العالمية وخصوصاً الحقوقية التي تعودت الانحياز لكل من يتخذ من الحكومات موقفاً سالباً أنهم الذين يمتلكون الحقيقة وأنهم هم الصح فقط وهم من يؤخذ بكل ما يقولونه وإن كان هواء.

حان الوقت ليغادر العقلاء سلبيتهم ويتحملوا مسؤولياتهم ويفرضوا أنفسهم على المشهد، خصوصاً بعدما صار واضحاً أن ذلك البعض لا يمكن أن يحقق أية مكاسب وأن كل ما حققه يتلخص في الإساءة إلى الوطن والناس والحياة، وبعدما تبين أن استمرارهم في التمكن من تشكيل الرأي العام يعني تمكنهم من مزيد من الإساءة إلى الوطن والناس والحياة.

ليس كثيراً على الوطن أن يغادر العقلاء من أبنائه مساحة الحياد التي اختاروها ويتواجدوا في المشهد بقوة، وليس كثيراً على الوطن الانتصار له ووضع حد لكل هذا الاستهتار الذي بلغ حداً لا يطاق. إن كلمة واحدة من من تلك الشخصيات البحرينية التي تجد الاحترام والقبول من الجميع تكفي لإعادة الأمور إلى نصابها، وتكفي لتأكيد أن الخروج من المشكلة التي تم إدخال هذا الوطن فيه عنوة ليست مسألة صعبة.