في تصريحات لافتة، يقول المدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي أيه» مايكل بومبيو، إن تهديد إيران لأمن المنطقة وتعدياتها ضد جيرانها وكذلك خطرها على الأمن العالمي، كل ذلك تزايد منذ الاتفاق النووي الذي وقعه الغرب معها منتصف 2015، مشيراً إلى أن طهران اليوم «تقترب أكثر من ذي قبل من تحقيق الهلال الشيعي الذي لا يصب لا في مصلحة الولايات المتحدة ولا في مصلحة حلفائها»، داعياً في نهاية تصريحه إلى ضرورة التصدي للطموحات الإيرانية قبل أن تستفحل وتشعل المزيد من النيران المسعورة في المنطقة.

بالنسبة لنا، نحن أهل المنطقة، لم يأت الخبير الأمريكي بشيء جديد، فهذه معلومات نعرفها ونتعايش معها يومياً، لكنها تفتح الباب مشرعاً على تساؤلات مهمة تخص جزءاً مهماً من أبناء أوطاننا، ألا وهم إخواننا الشيعة العرب، وعلى الأخص تلك الفئة منهم التي تظن ولو للحظة أن إيران هي حاميتهم وهي من ستوفر لهم مستقبلاً مزدهراً أكثر مما وفرته لهم أوطانهم ودولهم التي ولدوا فيها ويحملون جنسيتها.

ابتداءً، نحن كأبناء المنطقة من سيحدد مستقبلنا ومن سيصنعه، بإذن الله تعالى وتوفيقه، لا الطموحات الإيرانية ولا التحذيرات الأمريكية، لذلك فإن السؤال المنطقي الأول هو: يا أخي الشيعي العربي، والخليجي خصوصاً، في صف من ستكون، بلدك أم إيران؟ دعني أذكرك بحجم التحريض والتدريب الذي قامت به إيران لتحريض وتشجيع الشيعة العراقيين ضد وطنهم العراق ونظام صدام حسين، ولسنا هنا في وارد الدفاع عنه.

وقد وصلت الأمور بإيران إلى حد منح الجنسية الإيرانية لمئات الآلاف من شيعة العراق وتجنيدهم في فيلق القدس ومنحهم رواتب عالية، وقامت قيادات عميلة لإيران بأعمال يندى لها الجبين من أجل التحريض على احتلال العراق وإسقاط صدام، بما يخدم الأجندة الإيرانية لا العراقية، وكلنا نعرف كيف أصبح العراق اليوم: مجرد حديقة خلفية مهملة للعبث الإيراني! حديقة يقول فيها رجل الدين الشيعي العراقي إياد جمال الدين: «والله الذي لا إله إلا هو، ما سرقه صدام والبعث في 35 سنة حكم، أقل مما تسرقه القيادات الشيعية الحالية في شهر».

إذن، يا أخي الشيعي الخليجي، في صف من ستكون: بلدك أم إيران؟ لتعرف الإجابة تذكر من جاء بهذه القيادات التي تحدث عنها إياد جمال الدين، وأذكرك أيضاً أن نصف قيادات نظام صدام كانوا شيعة، لكنهم كانوا في صف بلدهم، وليس في صف إيران.

ودعونا هنا نعود قليلاً إلى البحرين فأذكركم بمصير نصر ابن مذكور عميلهم الذي نصبوه على البحرين، ماذا حصل له عندما هزمه الشيخ أحمد الفاتح رحمه الله؟ هل هب الصفويون الفرس لإنقاذه ونصرته أم تركوه لمصيره، بعد أن أدركوا أنه ورقة واحترقت لا أكثر.

هنا أطرح عليك، يا أخي الشيعي العربي، والخليجي خصوصاً، السؤال التالي: ترى هل الجنة والشهادة محرمة على الشيعة الفرس وحلال فقط للشيعة العرب؟ لماذا أسأل؟ انظروا حولكم: هل ترون أي إيراني يقاتل في الميليشيات التابعة لفيلق القدس في العراق أو سوريا أو حتى لبنان؟ الموجودون كلهم من غير الإيرانيين الفرس، هل الجنة تقبل الشيعي الباكستاني والأفغاني والبحريني والسعودي والعراقي وحتى المتشيع النيجيري، وترفض الفارسي، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

الجواب بسيط: أنتم في نظرهم مجرد وقود محرقة لا أكثر، إذن لماذا تقبلون أن تقوموا بهذا الدور ومن أجل ماذا ومن؟ لكي تعرف الجواب أكثر، دعنا نفكر قليلاً، ماذا سيحصل لا قدر الله لو تحققت أحلام إيران وتأسس الهلال الشيعي، أو احتلت إيران دولة عربية بالكامل، تريدون جواباً عملياً: انظروا إلى واقع أشقائكم العرب الشيعة في الأحواز المحتلة في المحمرة وجوارها، وحتى بندر عباس وبندر لنجة، وقارنوا حياتهم مع حياة المستوطنين الفرس الذي تم جلبهم لتفريس تلك المناطق.

إن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، ومن لم يستطع أن يوفر العدل والإنصاف والازدهار والحياة الكريمة داخل «جمهوري إسلامي إيران» لن يستطيع أن يحقق شيئاً من ذلك خارجها. إيران دولة مصاصي دماء، ولا يهمها خارج حدودها إلا الاستمرار في سفك الدماء لا أكثر، فهل هذا ما تريده لأسرتك ولنفسك يا أخي الشيعي العربي؟

لا أظن! هنا تحديداً، أذكرك بما فعلته لك ولأسرتك دولتك الوطنية التي عاملتك كمواطن ووفرت لك الحياة المستقرة الكريمة، ولم تتوقع منك شيئاً سوى أن تكون مواطناً بحق، وليس عميلاً لجهة أجنبية.

السؤال الآن: أيهما أنت؟