القول بوجود منظمات تابعة لـ«حزب الله» اللبناني المحظور ولإيران في العراق واليمن والبحرين ودول أخرى عديدة، عربية وأجنبية، قول لم يعد بحاجة إلى دليل، فأينما التفت المرء يرى بكل حواسه كل الأدلة والبراهين. يكفي العلم بأن تلك المنظمات لا تستطيع أن تدبر أمورها وتعمل و«تناطح» في جنيف وغير جنيف من دون دعم وتمويل من هذا الحزب الذي بدأت إدارة ترامب تسليط الضوء عليه، ومن إيران التي «تغرف» من ثروة شعبها وتعطي هذه المنظمات وهذا الحزب الذي اعترف أمينه العام قبل عدة شهور وعلى الهواء مباشرة بأن إيران هي التي تموله منذ نشأته وهي التي توفر له مختلف أنواع الأسلحة وأن أحداً لا يستطيع اكتشاف الكيفية التي يتلقى الحزب عن طريقها تلك الأموال وكل ما يحتاجه من دعم من إيران.

الحقيقة التي لم يعد أحد يختلف بشأنها هي أن تلك المنظمات لا تستطيع أن تعمل من دون دعم هذا الحزب وإيران، ولو أن إيران دخلت في حالة صحوة للحظة واحدة وقررت التوقف عن تمويل ودعم تلك المنظمات لتوقف نشاطها في التو والحال. والحقيقة التي لم يعد أحد يختلف بشأنها أيضاً هي أن إيران تفعل كل ذلك من أجل مصلحتها المتمثلة في السيطرة على كامل المنطقة واستعادة «مجدها الغابر». ولو أن الخبر الذي ملخصه أن الإدارة الأمريكية تجري مراجعة لسياستها تجاه «حزب الله»، وإيران طبعاً، صحيح واتخذت قراراً موجباً في هذا الخصوص فإن هذا يعني أن تلك المنظمات ستنتهي سريعاً.

المعلومة الأكيدة والثابتة هي أن إيران تمول «حزب الله» في لبنان، وحزبها هذا يمول تلك المنظمات في كل تلك الدول، والجميع -الحزب والمنظمات- يعمل لصالح إيران وينفذ كل ما تريده من دون مناقشة. والمعلومة الأكيدة والثابتة أيضاً هي أن لإيران وحزبها في لبنان اليوم أسطولاً من الفضائيات «السوسة» التي تعمل ضمن خطة لا مجال فيها للخطأ ولا تسامح وأن هذه الفضائيات منتشرة في العديد من الدول ولها تأثير كبير على الرأي العام العربي والعالمي. والمعلومة الأكيدة والثابتة كذلك هي أن لإيران وحزبها ذاك «رجالاً» مهمتهم التطبيل لكل ما يصب في مصلحتها ومهاجمة وانتقاد كل من يعمل ضد تلك المصلحة أو حتى يختلف مع ما تطرحه ويطرحونه نظرياً «المتابع لتلك الفضائيات يلاحظ بسهولة قيام بعض أولئك بالإعلاء من شأن كل كلمة يقولها أمين عام «حزب الله» في خطاباته وأن الفاصل بين تعليقاتهم وتحليلاتهم وتطبيلاتهم وبين الخطاب لا يتجاوز الدقائق الخمس.. والأمر نفسه فيما يتعلق بكل خطاب وكل تصريح يصدر عن شخصيات إيرانية يتقدمها بالطبع ما يصدر عن المرشد».

عمل غير عادي يقوم به هذا الحزب الذي يمجد في إيران قائماً وقاعداً وفي كل حين، وعمل غير عادي تقوم به تلك المنظمات التي تمجد في الحزب وفي إيران، وعمل غير عادي تقوم به الترسانة الإعلامية الإيرانية الرهيبة التي تطورت إلى الحد الذي صار سهلاً عليها القول للشعب الإيراني وكل تابع لها من العرب والخليجيين بأن كل ما يرونه بأعينهم غير صحيح وأن الصحيح هو ما تقول لهم إنها تراه، وهذا يشمل حتى الألوان!

ما ينبغي الاعتراف به هو أن إيران نجحت في كل هذا، فحزبها في لبنان يؤدي كل المطلوب منه بدقة متناهية، والمنظمات التابعة للحزب في كل تلك الدول تقوم بالمطلوب منها بدقة متناهية. وما ينبغي الاعتراف به هو أن إيران تمتلك اليوم ماكينة إعلامية ضخمة يمكنها قلب الحقائق والترويج لكل ما ترغب في الترويج له. ليس هذا ادعاء ولكنه حقيقة تعرفها الإدارة الأمريكية جيداً.