نابلس – (الجزيرة نت): على غير عادتها، استفاقت نابلس -كبرى مدن شمال الضفة الغربية- الخميس على حالة من السكون التام الذي ساد أرجاء المدينة، في مشهد أعادها إلى فترة لانتفاضة الأولى عام 1987، فقد أعلنت -مثل بقية المدن الفلسطينية- إضرابها الشامل تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين الذين يدخل إ ضرابهم المفتوح عن الطعام يومه الحادي عشر.

ويضرب ما لا يقل عن 1500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال المختلفة، يتصدرهم القيادات الأسيرة وممثلو المعتقلات، رفضا للانتهاكات الإسرائيلية بحقهم كسجناء، ودعوة لتحسين ظروفهم الحياتية داخل الأسر.

وجاء إضراب الخميس بدعوة من لجنة إسناد الأسرى التي تضم القوى الوطنية والإسلامية، وقد استجابت له السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحكومية والأهلية كالجامعات والبنوك والمواصلات العامة.



وجاب ملثمون شوارع المدن الفلسطينية محذرين من فتح المحال التجارية ومن أي خطوات تقود لكسر الإضراب، كما دعت مكبرات الصوت في المساجد الجميع إلى الالتزام بالإضراب.

ويتخلل الإضراب برامج وفعاليات تضامنية تقام بمختلف المدن والبلدات الفلسطينية، حيث شيَّد معظمها خيما وسط مراكزها، امتلأت بها صور الأسرى والشعارات المؤازرة والرسائل التضامنية المحلية والدولية.

واعتبر سياسيون وأسرى محررون أن هذا الإضراب يوصل رسالة فلسطينية "موحدة" إلى الاحتلال بوقوف الكل الفلسطيني خلف أسراه، ويحذر من "عصيان وتمرد" شعبي إذا ما استمر في انتهاكاته.

وقال وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع إن "الإضراب رسالة للعالم بأن الحياة الفلسطينية لن تعود طبيعية ما دام الأسرى يتعذبون وما داموا مضربين".

وأكد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يدعم الإضراب باعتباره إنسانيا لا سياسيا، كما أن مطالب الأسرى حقوق عادلة أقرتها القوانين الدولية والإنسانية، وأن من حقهم العيش بكرامة.

وحذَّر قراقع من أن تتطور وسائل التضامن مع الأسرى وتتعدى حدود الاعتصام والمسيرات والندوات والاحتجاجات الداخلية إلى أشكال وطرق أخرى.

بدوره أكد الأسير المحرر والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن كل خطوة يقوم بها الشعب تهم الأسرى، وأن الإضراب لا يبعث برسالة تحذيرية للاحتلال فقط، وإنما يفضحه أمام العالم ويكشف صلفه وانتهاكاته بحق الأسرى.

وأضاف قبها الذي أفرج عنه في اليوم الرابع للإضراب من داخل سجن هداريم واستمر في إضرابه حتى وصل منزله، أن الإضراب الشامل الذي يطال مناحي الحياة الفلسطينية سيعكس أثره المادي أيضا على دولة الاحتلال بحكم الارتباطات "العضوية" اقتصاديا معها.

ونقل رسائل عدة للأسرى تؤكد أهمية الخطوات التي تتخذها الجماهير في الخارج وتقود إلى كسر شوكة الاحتلال ورضوخه، ومن أهمها أن الإضراب وطني يخوضه الأسرى بقياداتهم المتعددة، وليس فصائليا كما يروج الاحتلال له.

كما أن إضراب الأسرى -بحسب قبها- فيه رسالة لحماس وفتح بأن "الجوع يوحدنا" وأن المصالحة وإنهاء الانقسام مطلب وطني بعيدا عن توتير الأوضاع الداخلية، محذَّرا الأسرى من التساوق مع الإعلام الإسرائيلي الذي يحاول إثارة النعرات والفتن بينهم سعيا لتشويه الإضراب.

أما القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين زاهر الششتري فرأى أن الإضراب الشامل يعيد تصدر الحركة الوطنية للأحداث وهو ما لم يحدث منذ أوسلو، مشددا على أن المطلوب "برنامج تصعيدي ضد الاحتلال يكون إضراب الأسرى بدايته".

وأضاف أن "الإضراب الشامل لا بد أن يقود انفكاكا تاما مع الاحتلال سياسيا واقتصاديا رغم الثمن"، وذلك بتصليب الموقف الداخلي أولا، ورفض استجداء المفاوضات العبثية بحيث لا يكون الإضراب سلعة بسوق التفاوض".

ودعا الششتري إلى إيجاد حاضنة شعبية ووطنية لمعركة الأسرى والتوقف عن إثارة الخلافات الداخلية، لأن المطلوب إيجاد حاضنة شعبية ووطنية للأسرى، خاصة أن الشعب سبق بنضاله القوى والفصائل المطالبة الآن بتبني مواقفه والابتعاد عن مصالحها الخاصة.