تعيش وسائل الإعلام حالياً خضم جنون السيارات الطائرة، فهذه التقنية لم تعد مجرد خيال علمي، وإنما غدت حقيقة يجري اختبارها والتحضير لإطلاقها في القريب العاجل، لكن هذا لا يعني أن تتحمس كثيراً لفكرة السيارات الطائرة، فهناك من المخاوف بشأن التحليق فيها ما قد يعيدك إلى أرض الواقع.

وبدأ الأمر الجمعة الماضي عندما أعلنت شركة "أيروموبيل" السلوفاكية أنها جاهزة لتلقي طلبات الشراء المسبق لسياراتها الطائرة المتوقع طرحها عام 2020. وتبعها كشف شركة "كيتي هوك" التي يمولها مؤسس غوغل لاري بيج، عن فيديو لنموذج أولي من سيارة طائرة، وبعد يوم انطلق مؤتمر شركة أوبر "قمة إيليفيت" الذي يستكشف رؤية الشركة للسيارات الطائرة.

وإلى جانب الشركات الثلاث السابقة، كشفت شركات أخرى عديدة عن تجارب ناجحة لسيارات طائرة بعضها يقلع عمودياً مثل السيارة الطائرة لشركة "ليليوم" الألمانية، وبعضها تملك مراوح كالطائرة المروحية تطوى عندما تكون السيارة على الأرض مثل سيارة شركة "بال في" الهولندية، لكن هذا الاندفاع نحو المستقبل تواجهه عقبات هامة أبرزها:



1- نظام التحكم بالحركة الجوية

رغم أن إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية وافقت على تجارب اختبار للعديد من السيارات الطائرة على مدى السنتين الماضيتين، فإن السماح للمستهلكين بقيادة سياراتهم في السماء مسألة تتطلب إجراءات صارمة وأنظمة جديدة كلياً لمراقبة الحركة الجوية.

وبهذا الصدد يقول الأستاذ الفخري بكلية مكورميك للهندسة في جامعة نورث ويسترن الأميركية جان أتشنباتش إنه لا يتصور تحليق سيارات طائرة بالطريقة ذاتها في البيئة الحضرية مثل شيكاغو، وذلك أنه يجب تصميم "طرق جوية" في السماء تتبع مجرى الطرق العادية من فوق كنظام ثانوي، وهذا أمر يبدو صعباً جداً، فبمجرد أن تحلق السيارة ستصبح خاضعة لإدارة الطيران الاتحادية التي تعاني حالياً لتنظيم حركة الطائرات المسيرة الصغيرة، فما بالك بالسيارات الطائرة.

2- التكلفة العالية

من المتوقع أن لا تقل تكلفة السيارة الطائرة الواحدة عن مليون دولار، مما يجعلها أمراً بعيداً عن متناول المستهلكين من الطبقة المتوسطة.

لكن الباحث في معهد بروكلين لبرنامج دراسات الاقتصاد كليفورد وينستون يعتقد أن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بعدد السيارات الطائرة التي يمكن دعمها في الجو، مشيراً إلى أن الأمر يتطلب توفير ملايين السيارات الطائرة كي يصبح ثمنها في متناول المستهلكين العاديين.

كما إن هناك مسألة بطاريات السيارات الطائرة وما إذا أمكن اعتبارها مصدر طاقة قويا بدرجة كافية لتصل بالركاب إلى هدفهم قبل نفادها، فالسيارات الطائرة ليست مثل سيارات تسلا الكهربائية فلا يمكن التوقف على جانب الطريق لشحنها بالطاقة.

3- الأمان

رغم أن الطائرات تعتبر إحدى أكثر وسائل السفر أمانا، فإن وضع أعداد إضافية من المركبات الثقيلة في الجو مثار قلق لكل من قائدي السيارات الطائرة والمشاة على الأرض.

ويقول أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة "نورث ويسترن" روبرت غوردون "لا نريد للسيارات الطائرة أن تتساقط من السماء على منازل الناس عندما يمرض قائد السيارة الطائرة أو يصاب بأزمة قلبية".

فعلى خلاف الطائرات، فإن سائقي السيارات الطائرة الذين يمرضون أثناء التحليق لن يوجد لديهم على الأرجح طيار مساعد لحالات الطوارئ.

كما إن على سائقي السيارات الطائرة تخطي اختبارات بدنية متكررة شبيهة بما يفعله قادة الطائرات، وهذا أمر ليس مثالياً للمسافرين الذين يأملون في استخدام السيارات الطائرة للذهاب إلى العمل أو المدرسة على أساس يومي، وفقاً لغوردون.

ويثير غوردون أيضاً مسألة تنظيم الحركة الجوية، حيث يقول إنه لا يمكن السماح للسيارات الطائرة بالتجول مثل السيارات على الطرقات، لأنه لا توجد هناك طرق ولا إشارات مرور في الجو. كما إن على سائقي السيارات الطائرة اجتياز اختبارات في الاتصالات اللاسلكية المستمرة، مما يتطلب رخصة قائد طائرة إلى جانب رخصة قيادة السيارة العادية.

وبالنظر إلى أن القوانين التي تنظم حركة الطائرات المسيرة من دون طيار الاستهلاكية لاتزال في بداياتها، وكذلك لاتزال السيارات المسيرة ترتكب حوادث على الأرض، فقد يتطلب وقتاً طويلاً قبل السماح للسيارات الطائرة بالإقلاع.