منذ قرابة خمسة أعوام مضت اتخذت من عبارة «المجد للأقوياء» شعاراً في حياتي، وقبل بضعة أشهر بدأت بالتسويق لهذا الشعار في حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، مرجع ذلك خبرتي الشخصية المتواضعة وتجربتي التي واجهت فيها صعوبات جمة وتحديات ضخمة لأجد لنفسي موطئ قدم في الطريق الذي أرنو للوصول إليه. وهكذا هي الدول، من لم تجد للقوة طريقاً، لن تتمكن من الصمود في وجه الطوفان الجارف الذي حلّ بالعالم وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، فبالقوة تثبت الدول مكانتها والكيانات وجودها.

ولأن للقوة أوجهاً متعددة أصبح من الضرورة الوقوف على استخدامات كل منها في الظروف والأوقات التي تتطلب اللجوء إليها، والقوة الصلبة رغم جدواها في بعض الأحيان، إلا أن القوة الناعمة أكبر تأثيراً، وهو ما ترجمه الدور الإيراني في المنطقة بوضوح، وحقق المشروع الفارسي التوسعي هيمنته بتمكن واقتدار. بينما للقوة الناعمة أدوات كثيرة أبرزها الأيديولوجيا، والإعلام والدعاية، والدبلوماسية، والاستخبارات، ومراكز الأبحاث، وقوى الضغط في الخارج، فضلاً عن الأدوات الناعمة التي تصنعها الدول لنفسها أو توظفها بما يتناسب مع خصوصياتها كما فعلت إيران في التسويق لأيديولوجيا التشيع، والتعويل منذ وقت بعيد على الهجرات المنظمة الإيرانية للخليج العربي وتمكين المهاجرين اقتصادياً.

وبينما نجد العالم يوظف القوة الناعمة بشكل فاعل يؤتي نتائج ملموسة تحقق سياساته الخارجية واحدة تلو الأخرى، كان الخليج العربي ولسنوات طوال مكتوف الأيدي متلقياً لكل الأفعال ولا تتجاوز ردود أفعاله عقد الحاجبين والشجب والاستنكار والتنديد وإصدار البيانات، ما خلق صورة نمطية عن الخليج العربي لا تختلف كثيراً عن صورة الرجل الذي يتقاضى مرتبه لقلقه المستمر على العالم..!! ولكن الحقيقة أن ما من أفعال حقيقية تذكر، إلى أن شهدنا التحول الخليجي، من خلال «عاصفة الحزم» في اليمن، التي أعادت للخليج هيبته، وعملت على توظيف القوة الصلبة الخليجية على نحو فاعل وجيد، غير أنه، ألم يكن من الأولى العمل منذ وقت بعيد بقوة ناعمة أكثر فاعلية تجنباً للضخ بدماء وأموال الخليجيين في ميدان الحروب؟!

* اختلاج النبض:

إعلان نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لتشكيل مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات، تقدم مذهل وسباق محموم نحو التفوق والصدارة، والقوة الناعمة الإماراتية التي أثبتت نجاحها من قبل لا سيما اقتصادياً ودبلوماسياً، آخذة في المضي قدماً بأدوات جديدة ثقافية وإنسانية وفنية، ولعله من الجيد لو تعمل دول الخليج الأخرى على استقاء مشاريع مشابهة من وحي الريادة الإماراتية، شريطة أن يصحب إنشاء مجالس أو هيئات للقوة الناعمة في الخليج الجدية في العمل والعزيمة الراسخة على التحول والتأثير. وإن كانت الإمارات سباقة نحو المجد المستحق، نتطلع لأن يكون شعارنا القادم «المجد للخليج».. الخليج القوي.