كثر الحديث سلباً عن الخدمات والرعاية الصحية لوزارة الصحة، ولذلك نقول إن التستر على الأخطاء من منطلق المصلحة الفردية أو الجماعية، كمن يزين قبح العمل بمساحيق أسوأ من القبح نفسه، وإن العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله لا ينفعه.

وللابتعاد عن اللبس فإنني سأتطرق في هذا المقال للخدمات والرعاية الصحية فقط، دون الإشارة للأخطاء الطبية التي سنتطرق لها لاحقاً، التي أودت بحياة مرضى، منها ما صدرت أحكام قضائية بها ومنها ما هو منظور أمام المحاكم إلى الآن، وكيف تعاطت الوزارة مع هذه الأخطاء وهل قدمت الاعتذار أو واست أسر الضحايا، وهل اتخذت إجراءات في حق من تمت إدانتهم قضائياً أو مازالوا يزاولون مهنتهم أو تم إرسالهم لدورات؟

عناوين تنافي الواقع

جاء في ميثاق العملاء لوزارة الصحة: سنرد على شكاوى العملاء ضمن الجدول الزمني المتفق عليه. وسنعمل على علاج الشكوى بنسبة 100% من خلال آليات خاصة للتعامل معها.

لو تمعنا قليلاً في هذه الشعارات لرأينا أنها تفتقر إلى أبسط ما يؤكد مصداقيتها وهو تحديد الوقت لاستخلاص النتيجة للشاكي، وللتدليل على ذلك لقد تم إرسال شكوى أحد مرضى السرطان الذي لاقى الإذلال والتهديد بعدم صرف الدواء له مرة أخرى من قبل إحدى الصيدليات الخاصة المكلفة بصرف الأدوية الخاصة بمرض السرطان من قبل وزارة الصحة، كما أن الصيدلي لم يكتفِ بإذلال المريض بل ادعى بأنه يصرف الأدوية للمريض مجاناً وأن كلفتها 75 ديناراً، هذا بجانب عدم قبوله الوصفة إذا كانت مطبوعة إلكترونياً مدعياً أنه يجب كتابتها يدوياً!

ومن المضحك المبكي أنه جاء في ميثاق العملاء كذلك: تحال جميع التظلمات والشكاوى والاقتراحات إلى إدارة العلاقات العامة وفي غضون 24 ساعة تحول للأقسام المعنية في الوزارة.

علماً بأنه تم إرسال هذه الشكوى منذ أكثر من 8 أيام للعلاقات العامة عبر حساب الوزارة على «تويتر»، الذي من المفترض أن يكون همزة الوصل مع العملاء، إذ أضحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم من أهم وسائل التواصل لتلقي الشكاوى والقياس للجهات الرسمية وكبريات الشركات على مستوى العالم، ما عدا وزارة الصحة.

كرامة المريض مصانة

أسوأ ما في الشكوى المرسلة من مريض السرطان، وهو راضٍ بقضاء الله وقدره، أن يتم إذلاله كلما ذهب لاستلام علاجه، وتذكيره بسعر الدواء وكأنها منة عليه لا حق مكتسب كفله له الدستور! والأسوأ من ذلك أن يتم تجاهل هذه الشكوى بشكل تام من قبل وزارة الصحة، في مخالفة صريحة لميثاق العملاء. ولكن يبقى السؤال لماذا لم يتم النظر في هذه الشكوى؟!

لا مروءة لكذوب

لا يختلف اثنان على أن مستشفى السلمانية أحد الصروح بالدولة، يقوم بجزء ليس باليسير بالواجبات المنوطة به، وفي المقابل لا يختلف اثنان على أن الخدمات الصحية التي تكفلها الدولة يجب مراقبتها وقياسها من قبل المجتمع نفسه، قبل أن يخرج علينا من يدعي بأن هذا المقال يهدف للتقليل من جهود الدولة في قطاع الصحة. نقول لهؤلاء لا مروءة لكذوب ولا ورع لسيئ الخلق. إن الالتفات عن شكوى تتعلق بكرامة مريض، والضرب عرض الحائط بما جاء بميثاق يكفل حقوق المرضى هو كمن عمل ما ليس من طبعه ولو كان صواباً فتعرض لخطرين خطر النفاق وخطر الإخفاق. وللحديث بقية عن آلام أخرى بوزارة الصحة.