إن لمشروع قانون الأسرة أهمية كبيرة لحل الكثير من المشاكل الأسرية التي أصبحت تشكل عبئاً على المجتمع وبات إقراره حاجة ملحة، فهذا المشروع من شأنه توفير الاستقرار والحماية للأسرة البحرينية ببيان حقوق وواجبات كل أطرافها، وفقاً لمبادئ وأحكام الدين الحنيف، وبما يحفظ للأسرة كيانها ويقوي أواصرها، ويسهم في استقرارها، وينعكس بشكل إيجابي لتحقيق التماسك الاجتماعي والذي ينعكس بشكل مباشر على استقرار المجتمع، ومما لا شك فيه أن إصدار قانون للأحوال الشخصية خطوة رائدة تجعل البحرين في مصاف الدول المتقدمة.

وجاء إصدار حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أمراً ملكياً رقم 24 لسنة 2017 أواخر الشهر الماضي بتشكيل لجنة شرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة مكونة من عشرة أعضاء ممثلين من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والقضاة الشرعيين لدراسة المشروع ومراجعة أحكامه كما أوكل لها العديد من المهام حتى صدور قانون الأسرة، وهي خطوة تبشر بإصدار القانون قريباً.

وعلى الرغم من جهود المجلس الأعلى للمرأة منذ إنشائه بموجب الأمر الملكي رقم «44» لسنة 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة ونجاحه في تمكين المرأة على جميع الأصعدة وكسب حقوقها من خلال رسم طريق مشرق للمرأة بشكل منهجي بوضع أطر قانونية وتشريعية تحقق لها مكانتها، فاستطاع أن يحل جميع الإشكالات وتذليل العقبات التي تعترض طريقها نحو التقدم والإسهام في العملية التنموية ليصبح المجلس رافداً للمرأة البحرينية لتكون شريكاً فعالاً على مختلف الأصعدة جنباً إلى جنب مع الرجل لتشغل مناصب قيادية في الدولة، فوصلت لمنصب وزيرة، ورئيسة هيئة ووكيلة نيابة وغيرها من المناصب القيادية التي من خلالها ساهمت في صنع القرار، كما تمكنت المرأة من الوصول لمقاعد في البرلمان وكان لها دور فاعل في هذا المجال ولجهودها الأثر الملموس. كما كان للمجلس الأعلى للمرأة جهود حثيثة في دعم المرأة اقتصادياً من خلال تبني برامج اقتصادية متنوعة وحرص على التعاون مع المؤسسات الرسمية والخاصة وتشجيعها على تبني السياسات والخطط والبرامج الداعمة لتمكين المرأة البحرينية، بما حقق للمرأة الاستقرار والتمكين الاقتصادي وتفعيل دورها كشريك متكافئ في دفع عجلة التنمية وحققت المرأة في هذا الجانب نجاحات يشهد عليها الواقع المحلي والعالمي.

إن الإنجازات التي سطرها المجلس الأعلى للمرأة لتمكين المرأة كثيرة لا يتسع المجال لحصرها في هذا المقام، ولكن بقي مجال لا زالت المرأة تقصى منه وهو دخولها في مجال العلوم الشرعية، فلم تحظَ المرأة بمقعد في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وكذلك الحال في المجلس الأعلى للأوقاف الإسلامية، وغيرها من الوظائف في مجال العلوم الشرعية، فالبحرين لديها العديد من النساء المختصات في مجال الشريعة الإسلامية، بل هناك العشرات منهن تخرجن من الجامعات بتفوق في هذا المجال، وكذلك هناك العشرات منهن حصلن على مؤهلات في الدراسات العليا بتفوق، إلا أن الفرص لم تتح لهن واقتصر دورهن على التدريس في المدارس، كنا نطمح أن نجد بين نسائنا القاضيات الشرعيات، والواعظات، وعضوات في المجالس الشرعية، وعضوات في هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، والمفارقة تكون كبيرة عندما يغيب دورها في مجال قضايا الأسرة، إن المرأة البحرينية قرأت، وتعلمت، وساهمت، ودخلت في جميع المجالات والاختصاصات وحققت نجاحات يشهد بها الجميع، ويعتز بها كل مواطن بحريني، بل أصبحت تجربتها، مثالاً يحتذى به في المحافل العربية والعالمية، فنجد من نساء البحرين الطبيبات، والمهندسات، والأكاديميات، والممرضات، والتربويات، وحتى في مجال الاقتصاد والتجارة وريادة الاعمال، فأرى أن المرأة كما نجحت في هذه المجالات المختلفة وأثبتت جدارتها قادرة علي الخوض في مجال اختصاص الشريعة الإسلامية. لعمري إنه سؤال يفرض نفسه على هذا الوسط، فلم لا تستثمر طاقات النساء، نعم، نجد انهن أخذن مساحة في مجال تدريس تحفيظ القرآن وتجويده، من خلال مراكز تحفيظ متخصصة للنساء فكان لابد من قبولها في باقي مجلات الشريعة، فلا زالت الفرص محظورة عرفا عليها، ومن هنا نرفع أصواتنا للمجلس الأعلى للمرأة لتمكين النساء المتخصصات علمياً في هذا المجال، ولنا في السيدة عائشة رضي الله عنها قدوة فهي فقيهة وراوية للحديث، فطموحنا في نساء يسرن على نهجها وفي المجلس الأعلى للمرأة رجاؤنا.