على موقع اتلنتيس الإلكتروني نشر الكاتب الأمريكي ايلي الفانون مقالاً بعنوان «شيعة عراقيون يقاتلون في سوريا».

تتصدر المقال صورة لمعمم عراقي قائد في فيلق بدر من منطقة النجف ينعى ويلطم على أربعة نعوش لمقاتلين لقوا حتفهم في سوريا بحلب، وأحاط به مجموعة من مقاتلي الفيلق يبكون زملاءهم، ويتساءل الكاتب ماذا يفعل مقاتلون عراقيون في سوريا؟ أليس لديهم ما يكفي من المتاعب ومن الحاجة لتطهير بلادهم من الميليشيات الإرهابية؟ كيف قتلوا في اشتباك مع الجيش السوري الحر؟

وينسحب السؤال الذي بدأ يتزايد عدد سائليه من المجتمع الدولي بعد أن رفع الغطاء الأوبامي عن حجبه وكتمه، ينسحب إلى ماذا يفعل اللبنانيون الشيعة في سوريا؟ وماذا يفعل الأفغانيون الشيعة في سوريا؟ الجواب هو إيران ومرجعياتها والحرب الدينية التي تخوضها لإسقاط الدول العربية والهيمنة عليهم.

الجواب هو أن الحرس الثوري الإيراني نجح في استغفال الشيعة العرب الذين يقلدون علي خامنئي ويقلدون المراجع الفارسية الأخرى كالشيرازيين، بإقناعهم بأنهم سيحكمون دولهم وربما سيحكمون العالم إن هم حاربوا الأنظمة الحاكمة، والانقلاب على دولهم وعلى الغالبية السنية، وذلك هدف ليس سرياً أو غير معلن أو أن القتل فيه يتم تحت غطاء الدفاع عن الحقوق أو الحريات، أبداً.. فهؤلاء يقاتلون في غير دولهم.

تجنيدهم ليس سراً وتحريكهم وتمويلهم ليس سراً وجرائمهم ليست سراً وتغولهم ليس سراً، وتكذيب هذا الواقع لا يزيدهم إلا خبالاً، والاستمرار باللطم وادعاء المظلومية دون النظر إلى هذا الواقع يزيد من معاناة الجماعات التي تبحث لها عن موقع في أوطانها كمواطنين عاديين لهم ما لغيرهم وعليهم ما على غيرهم.

السكوت عن هذا الواقع ولعب دور الشيطان الأخرس يزيد من مساحة التعميم وحجم المعاناة.

يحتاج هؤلاء اليوم إلى أن يسمعوا الخطاب الجديد الذي ما عاد متردداً في تسمية الأشياء بمسمياتها، بأن تلك الميليشيات هي إرهابية ستحارب من قبل المجتمع الدولي على قدم وساق مع القاعدة وداعش، فجميعها قادت العالم للدمار وآن الأوان للجدية في القضاء عليها، وما اجتماع ترامب المقبل في المملكة العربية السعودية إلا لهذا الغرض، إلى جانب التزام بريطانيا مع دول الخليج بالحفاظ على أمنها من التغول الإيراني.

هناك إذاً منعطف تاريخي يشهد تحولاً في حساب الميليشيات الإرهابية ويساوي الشيعي منها مع السني مما يستدعي أن يفتح هؤلاء بصيرتهم ويعودوا لأوطانهم وإلى القبول بالدول القائمة، قبل أن تقع الواقعة، ويحددوا موقفهم من ولاية الفقيه عليهم، ما هي حدودها؟ أين تبدأ وأين تنتهي؟ وأن يعرفوا أن سيادة الدول لها الأولوية متى ما تقاطعت تلك الأولوية مع تبعية الفقيه، وأن تعلم تلك الميليشيات أنها فقدت الغطاء «الأوبامي» إلى غير رجعة، وستتم مساواتها شاءت الولايات المتحدة أم أبت مع خطر داعش وخطر القاعدة، فتلك الميليشيات وكل من يدعمها بأي شكل من الأشكال هم إرهاب وخطر على دول الخليج. وستتم ملاحقة داعميهم بأي شكل من أشكال الدعم حتى المعنوي منه.

آن الأوان أن تعرف الأجنحة المدنية الداعمة لتلك الميليشيات والمظلة الحامية لها أن إغلاقها وملاحقتها قانونياً سيكون حتمياً هو الآخر وسيكون بقرار وإجماع دولي.

هذا الخطاب هو الخطاب الجاد الذي يجب أن يسمع من عقلاء المجموعات والطوائف والقبائل، هذا هو الخطاب الذي يعيد ترتيب الأفراد في الجماعات كمواطنين لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الالتزام، شيعة كانوا أم سنة، مجموعات دينية كانت أم قبلية هي الأخرى عليها أن تعرف أن الدولة اليوم تنتفض لكيانها وما عاد هناك وقت أو مكان للتسويف والمماطلة.

مثل هذا الخطاب الجاد والحازم و«الحقاني» هو ما سيعيد اللحمة الوطنية ويمنع الهجرات التي يخشاها البعض!! عدم الاكتفاء بالخرس الشيطاني الذي يسكت عن الحق، هو ما سينفع ويبقى في الأرض، التبرؤ والتخلي عن تلك المجموعات الإرهابية، هو ما يحافظ على الأمن والاستقرار للجماعات مثل ما يحافظ على أمن واستقرار الدول.

أما خطاب يخلط السنوات والمراحل ببعضها بعضاً ويعيث بالتاريخ فساداً ويجعل من العقدة الاضطهادية فلتراً للذاكرة يدغدغ ما يطلبها الندابون، يبقيها في حالة الندب واللطم واستدرار العطف، فلا يقود إلا للخذلان واستمرار اجترار الأخطاء مرة تلو الأخرى.