أسبوع واحد فقط يفصل بين شعب إيران ورئيسه الجديد، ففي التاسع عشر من هذا الشهر يتوجه المدونة أسماؤهم في كشوف الناخبين إلى صناديق الاقتراع لـ«انتخاب» الرئيس الذي يراد منهم انتخابه وتقرر أن يفوز، ففي إيران لا يمكن لأي مترشح أن يفوز بهذا المنصب -أو بغيره- إلا إن كان المرشد يريد له الفوز به. هذه حقيقة يدركها الشعب الإيراني جيداً، فهذا المنصب الرفيع لا يمكن أن يشغله سوى المرضي عنه، ومع هذا يقبلون على الانتخابات، بعضهم خشية التعرض للأذى والحرمان من أمور معيشية، وبعضهم إيماناً واعتقاداً أن عدم المشاركة فيها يعني الإساءة إلى شخص المرشد الذي هو «ظل الله على الأرض». ولأن الهدف هو توفير صورة تبين أن إيران تمارس الديمقراطية وأن شعبها يعيش هذه الحالة ومتمسك بها لذا فإن الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات تكررت من المرشد أخيراً حتى وصل به القول «إن المشاركة سوف تخيف الأعداء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية»! وهذا يعني باختصار أن من يتأخر عن المشاركة فإنه يقف مع معسكر الأعداء وخائن، وهذا يكفي لشحن البسطاء واللعب بعواطفهم ووطنيتهم.

أما الإعلام الإيراني فسيبذل كل جهد ممكن لتأكيد كل ذلك ولبيان أن إيران دولة ديمقراطية وأن ديمقراطيتها تتميز عن الديمقراطية التي يتم ممارستها في بلاد الغرب وفي كل بلاد العالم وأنها هي الديمقراطية الحقيقية والصادقة، وسيتم بالطبع توظيف كل الفضائيات «السوسة»، الإيرانية وتلك التابعة لإيران والمتوفرة في العديد من البلاد العربية والأجنبية لدعم هذه الفكرة، رغم أن الجميع يعرف جيداً اسم الفائز مسبقاً، ففي إيران لا يمكن لأي من المترشحين الستة لمنصب رئيس الجمهورية أن يفوز إلا إن كان خامنئي يريد له أن يفوز، فهو لا يريد رئيساً يناقشه أو يتأخر في تنفيذ أوامره، ولا رئيساً يحتج على إلغاء قراراته وكسر كلمته، ولا رئيساً يشك خيطاً في إبرة من دون إذنه وتعليماته. «للتذكير فإن الأسماء الستة تم اختيارها من بين أكثر من ألف اسم ترشح أصحابها لمنصب رئيس الجمهورية تم شطبهم بقرار في لحظة».

ما رآه العالم من «ديمقراطية إيران» في العقود الأربعة التي سيطرت فيها العمامة على الحكم في هذا البلد يجعله لا يشك في هذا الكلام ولو للحظة، فالفائز هو من يريد له المرشد أن يفوز، والفائز سيشغل منصباً شكلياً لا قيمة له قياساً إلى قيمة المنصب الذي يشغله المرشد، والفائز سينفذ كل ما يريده منه المرشد حرفياً ومن دون مناقشة، والفائز سيضطر في بعض الأحيان إلى تحمل غضب البؤساء من الشعب الإيراني الذي يفقد أهله في لحظة في حادث في أي مكان فلا يجد وسيلة للتعبير سوى الضرب بأيديه المغلولة على سيارة الرئيس لو حدث وقرر تفقد المكان، كما حدث أخيراً عندما زار الرئيس روحاني المنطقة التي حصل فيها الانفجار في المنجم وأودى بحياة أربعين عاملاً.

انتخابات الرئاسة في إيران مسرحية من إخراج متمكن في إخراج هذا النوع من المسرحيات وقادر على كتابة السيناريو وتنفيذه مشهداً مشهداً وبدقة متناهية، وخلال الأسبوع المتبقي على فتح صناديق الاقتراع سيتلقى الشعب الكثير من الرسائل التي تتضمن التوجيهات التي تعينه على أداء دوره المطلوب منه أداؤه في تلك المسرحية، وبالتأكيد سيتم استغلال حديث ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن إيران بطريقة تدفع الناخبين إلى انتخاب من يريد المرشد تفويزه، بل إن هذه العملية بدأت بالفعل حيث أوعز إلى وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان الرد بالتهديد بجعل المدن السعودية باستثناء مكة والمدينة المنورة مدناً غير آمنة.