هكذا في كل مرة، يذهب الناس إلى صناديق الاقتراع لاختيار نائبهم المفضل، وبعد أن يفوز بأغلبية الأصوات يهرب من مسؤولياته تجاه أهالي دائرته. وفي كل مرة كذلك يبدأ الناخبون بالغضب على نائبهم لأنه لم يكن عند مستوى حسن ظنهم به، فيأخذون بالثرثرة «ويتحلطمون» عليه كلما تيقنوا أنهم أعطوا أصواتهم للشخص الغلط.

هذا الأمر بان بشكل جلي في الآونة الأخيرة، فوقت «الامتحان يكرم المرء أو يهان»، فحين اشتدت بالناس الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الدولة فبدأت تتجه لفرض بعض الضرائب والرسوم على الكثير من الخدمات وغيرها، وارتفعت أسعار السلع في الأسواق، لاذ الناس بالنواب من أجل أن يجدوا لهم مع نوابهم فرجاً ومخرجاً لكنهم صدموا بأن الحكومة كانت أكثر رحمة ورأفة بهم من نواب الشعب، وهذا الأمر ينم إما عن ذكاء الحكومة أو غباء بعض النواب أو كلاهما معاً، إذ أن بعض النواب صاروا حكوميين أكثر من الحكومة نفسها في كثيرٍ من المواقف، ولهذا سعى الكثير منهم لشراء الموقف الرسمي على حساب مصلحة الشارع البحريني، بينما لم تكن المسألة تحتمل كل هذا الاصطفاف غير المبرر من طرف الإخوة النواب مع بعض القرارات الحكومية، فلو أرادت الأخيرة أن ترفع من منسوب الضرائب وغيرها قد نجد لها العذر في ذلك، لكن ما عسى أن يبرر النواب وقوفهم الأعمى مع قرارات الحكومة في بعض القضايا المعيشية والاقتصادية دون اعتراض يسجل أو أن يمر دون مساءلة أو حتى نقاش؟

منذ بدأت البحرين تتهيأ وتستعد للانتخابات النيابية ونحن وغيرنا كنا ننصح الناس أن يختاروا مرشحهم بعناية، ومع كل ذلك وفي كل مرة يكررون ذات الأخطاء فينتخبون الشخص «الغلط» ثم يلومونه على تضييع الكثير من فرص التطور والوقوف معهم وقت الشدائد، ونحن نقول لهم أنْ لا تلوموا النواب ولوموا أنفسكم، فأنتم وليس سواكم من أوصل من لا يستحق إلى قبة البرلمان، ولم يجبركم أحد على اختيار النائب غير المناسب، بل على العكس، فالجميع حاول ترشيد وعيكم لأجل اختيار الرجل المناسب لكن دون جدوى!

نحن على يقين أن البعض سيكرر ذات الاختيار السيء في المرات القادمة لكن بصورة أقل من المتوقع، فالديمقراطية تتدرج وتنضج مع مرور الوقت وستختفي كل تبعاتها السلبية مع نضج الناس ونضج التجربة وقبول التحدي. في الختام، نطالب بعض الأخوة النواب بأن يقفوا مع الناس في قضاياهم والاصطفاف معهم في كل أمر عسير لأجل تيسيره وليس العكس.