طبعاً، لن يبرز الإعلام «الأصفر» المروج لـ«دوار الانقلاب» ورموز التحريض وداعمي الإرهاب، لن يبرز كلام مساعد وزير الخارجية البحريني السيد عبدالله الدوسري الذي كشف فيه أن البحرين كانت ثاني أقل دولة في عدد التوصيات بعد فنلندا، في مراجعات جنيف مستعرضاً ذلك بالأرقام.

لن تجد ذلك أبداً، بل ستجد عناوين ومواضيع تتصدر الصفحات الأولى «تهاجم» البحرين، وتنشر تقارير جهات تقلل من شأن إنجازات مملكتنا في مجال حقوق الإنسان.

لكن اتركوا عنكم هذا المثال، إذ «شكراً» لانقلاب 2011، الذي أسقط لنا عديداً من الأقنعة، وكشف لنا مضامين «خبيثة» تجاه هذا البلد مخفية في الصدور، وامسكوا «نفس الحدث» وأعني مراجعة حقوق الإنسان في جنيف، وركزوا في بيان «معين» لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» التي «يفرشون» بياناتها إن كانت ضد البحرين، فقط ركزوا واعرفوا الفرق، الفرق بين من يعمل ضد بلاده، ويغض النظر عن العدو الصريح الذي يستهدف بلاده، وبين من في قلبه بلاده.

الإعلام «الأصفر» لن ينشر شيئاً عن إيران في شأن حقوق الإنسان، ورغم أنه «تفنن» في نشر ما يسيء للبحرين، وغيب «عن عمد» تصريحات الوفد البحريني في جنيف، إلا أنه وفي نفس تعاطيه للمناسبة لم ينشر أي شيء عن المعادية لنا إيران، ولم يبرز تصريحات المفوضية التي أعلنت وبإجماع أعضائها عن كون إيران «متصدرة» انتهاكات حقوق الإنسان في العالم.

تذكروا التقرير الموسع الذي نشروه ووضعوا فيه تصريحات كل الدول التي تقدمت بملاحظات عن البحرين، في حين لم ينشروا أي شيء عن إيران، أقلها على لسان الدول الكبرى، مثل مطالبة الاتحاد الأوروبي إيران بوقف اضطهاد الأقليات الدينية والعرقية، وتقليل أعداد الإعدامات، ووقف الاعتقالات الواسعة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وممارسي حرية التعبير.

لم ينشروا كلام فرنسا عن وجود معدل لألف حالة إعدام سنوياً في إيران، وكذلك تعذيب المعتقلين وسجناء الرأي، بل لم تهمهم إدانة ألمانيا لانتهاكات إيران لحقوق المرأة والتضييق على المشاركة السياسية والحريات. وكذلك لم يكترثوا بكلام أستراليا عن الاختفاءات القسرية والإعدامات بحق عرب الأحواز. ورغم أن «الإعلام الأصفر» استمتع بنشر تصريحات سويسرا عن البحرين، لكنه لم يكترث بكلام سويسرا عن منع إيران لدخول مسؤولي الجهات الحقوقية الأممية، والممارسات القمعية ضد الناس.

والغريب أن «الإعلام الأصفر» الذي «يلاحق» تصريحات «هيومن رايتس ووتش» عن البحرين، ويبرزها وإن كانت بحجم «السطر الواحد»، تجاهل تقريراً كاملاً لنفس المنظمة وثقت فيه النقاط التالية عن النظام الإيراني الدموي القامع للحريات، ننشرها بنصها الصادر عن «هيومن رايتس»:

* إيران هي الدولة الوحيدة التي تستهدف تصفية المعارضين لسياساتها من كتاب ومثقفين وسياسيين بتوجيه العديد من الاتهامات الوهمية لهم لإصدار أحكام إعدام.

* قوات الأمن والمخابرات هما أكثر من انتهك حقوق الإنسان في إيران في 2015، حيث فرضت السلطات قيوداً خانقة على حرية التعبير والمعارضة، وواجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والفنانون والصحافيون أحكاماً قاسية بتهم أمنية مريبة، وزُج بالعشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المعتقلات بسبب أنشطتهم السلمية أو المهنية.

* في 2 أغسطس 2016 أعدم النظام 20 شخصاً اتهمهم بـ«محاربة الله»، والمحكومون تمت إدانتهم من المحاكم الثورية بعد اتهامهم بانتمائهم لجماعة معارضة تصفها إيران بـ«الإرهابية».

* وثقت «هيومان رايتس ووتش» أكثر من 230 إعداماً في الفترة ما بين يناير حتى أغسطس 2016، وبهذا تبقى إيران الرائدة إقليمياً في عمليات الإعدام.

* بحسب المنظمة، في عام 2015، أعدم النظام الإيراني بين 966 و1055 شخصاً، ووثقت منظمات حقوق الإنسان إعدام 4 أحداث على الأقل في 2015، في خرق التزامات إيران بمقتضى القانون الدولي.

* وفقاً لأرقام منظمة العفو الدولية، فإن إيران أعدمت 694 شخصاً في 7 أشهر في العام الماضي، بمعدل 3 إعدامات يومية، وفي الشهر الأول من العام 2015، تمت المصادقة على أحكام إعدام صادرة بحق 27 شيخاً وداعية من أهل السنة بتهمة الدعاية ضد النظام.

* قلصت السلطات الإيرانية بشدة من حقوق حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع، فاعتقلت وحبست الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين وغيرهم ممن جاهروا بالمعارضة، بتهم فضفاضة وغامضة، وظل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ضد المعتقلين أمراً معتاداً مع إفلات مرتكبيه من العقاب، وكانت أحوال السجون قاسية.

* نفذت السلطات الإيرانية عقوبات قاسية، بما في ذلك سمل العيون وبتر الأطراف والجلد. وفرضت المحاكم أحكام الإعدام على مجموعة من الجرائم، وأعدم العديد من السجناء.

* في 2015 تتالت أحكام الإعدام على أسس طائفية وعرقية وفكرية، وتنوعت التهم من «محاربة الله» إلى «التحريض ضد النظام»، وكانت المعارضة مريم رجوي أصدرت بياناً أواخر العام الماضي تحدثت فيه عن ملف لجرائم النظام الإيراني، وشددت على ضرورة إحالته إلى مجلس الأمن واعتبارها جرائم ضد الإنسانية، وقالت إن جرائم النظام منها 120 ألف حالة إعدام سياسي، و7 مجازر في معسكرات أشرف وليبرتي.

* بلغ عدد قرارات الأمم المتحدة التي أدانت فيها انتهاكات حقوق الإنسان في إيران 63 قرار إدانة، خصوصاً أن الإعدامات والقتل السياسي هما من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان الموجعة في إيران، نظراً لأعداد ضحاياها الكبيرة، ولأن عدداً منهم من فئة اليافعين، ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

* يعد عام 1988 العام الأكثر دموية في التاريخ الإيراني الحديث، حيث أصدر الخميني فتوى سرية باعتبار أعضاء «مجاهدي خلق» المعارضة لحكمه، اعتبر أنهم «يحاربون الله، وأنهم مرتدون عن الإسلام»، وجاءت النتيجة بتنفيذ مذبحة حقيقية وإعدامات جماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين من الزمن، وبقيت المجزرة قيد الشك والمعلومات القليلة إلى أن أخرج أحمد منتظري نجل المرجع الشيعي الراحل آية الله منتظري تسجيلاً صوتياً يدين مسؤولين في النظام الإيراني ويثبت قيام النظام الإيراني حينها بتنفيذ الإعدامات الجماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين.

هذه بعض النقاط من تقرير «هيومن رايتس»، المنظمة التي يتغنى بها «الانقلابيون» و«إعلامهم الأصفر» حينما يتم التطرق للبحرين في بياناتهم، فلماذا إذن لا يمارس «مدعو الاحترافية» احترافيتهم، وينشرون «ولو فقرات صغيرة» تبين حقيقة الوضع الإنساني الكارثي في إيران، بدل «تضخيم» الوضع في البحرين، وفبركة أخباره، مثلما فعلوا في 2011 ؟!

حينما يكون الحديث عن إيران، فإن حبيبة قلوبهم ومن يدعمون مشروع توسعها الصفيوني «محمية» و«خط أحمر» لا يتحدثون عنه، لكن عن البحرين، يسلون أقلامهم بكل حقد، وبعدها «يتباكون» ويدعون لـ«المصالحة»، ويحلفون زوراً أنهم وطنيون.

وطنيتكم للشمال هناك، وليست هنا، وحفظ الله البحرين من شروركم.