إن كنا سنحارب الإرهاب بشتى صوره فلا بد من فتح ملف تصدير الإرهاب من العراق، ولسنا من نلقي بالتهم على العراق العزيز جزافاً، فنائب الرئيس العراقي، أسامة النجيفي، الذي انتقد فيه زعيم فصيل شيعي دعا لتشكيل «بدر شيعي» في المنطقة، يؤكد بأن الخزعلي والبطاط وغيرهم باتوا يشكلون خطراً على السلم الإقليمي.

ويأتي انتقاد النجيفي، وهو زعيم ائتلاف «متحدون»، تعليقاً على تصريحات قيس الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق» المسلحة، الذي صرّح خلال مناسبة دينية الأسبوع الماضي، أن الفصائل الشيعية في المنطقة «ستقيم البدر الشيعي وليس الهلال الشيعي»، على حد تعبير الأخير. وقال نائب الرئيس العراقي، إن «هذه تخرصات «افتراءات» غير مسؤولة، وإن هذه البلاد لن تخضع لأجندة خارجية، الهلال الشيعي والبدر الشعبي مرفوض لنا بشكل كامل». وأضاف أن «هذه البلاد ستبقى على هويتها العراقية الأصلية، وما يحمل هذا المشروع «البدر الشيعي» من أبعاد توسعية واستهداف لعقائد وهوية المنطقة مرفوض من قبلنا وسنتصدى له».

وشدد على أن «من يطلق هذه التصريحات، عليه أن يراجع نفسه وأن يتحرك ضمن الإطار العراقي، لا أن ينفّذ أجندات الدول الأخرى «لم يذكرها»، ومن تبنى هذا الموضوع يجب أن يحاسب».

ووفق رؤية «الخزعلي»، فإنه بظهور من «صاحب الزمان، وهو الإمام الثاني عشر الغائب» بحسب الشيعة، فإن قواتهم ستكون قد اكتملت ممثلة بالحرس الثوري في إيران، و«حزب الله» في لبنان و«أنصار الله» (جماعة الحوثي) في اليمن، و«عصائب أهل الحق» في سوريا والعراق.

و«عصائب أهل الحق» التي يتزعمها «الخزعلي» المعروف بقربه من إيران، تعد إحدى أبرز المجموعات المنضوية ضمن «الحشد الشعبي» في العراق.

وسبق أن أصدر «الخزعلي» تصريحات أثارت جدلاً في العراق، منها أن «معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش، ستكون انتقاماً وثأراً من قتلة الحسين، لأن هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد»، وفق تعبيره (انتهى) تجد حكومة العبادي نفسها بين نارين الآن، نار زيادة نفوذ الهمينة الإيرانية، ونار تبدل السياسة الأمريكية تجاه إيران من جهة أخرى، ولأن العراق مازال في حاجة للدعم الأمريكي للتخلص من داعش ولبسط السيطرة على المناطق السنية المتمردة، وبحاجة للمملكة العربية السعودية لمساعدته في تهدئة تلك المناطق ولإعادة إعمارها كما يلوحون، فإنه بين نارين، هل تستجيب للضغط الأمريكي السعودي وتعود العراق دولة عربية مستقلة حليفاً لأشقائها العرب؟ أم تخضع للضغط الإيراني وتبقى تحت نفوذه محتلة؟

أكبر التحديات التي تواجهها حكومة العبادي في صور النفوذ الإيراني متمثل في خروج أكبر الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي عن سيطرة الحكومة العراقية، وليس تصريح الخزعلي إلا إحدى صور الخروج عن تلك السيطرة، أما الخبر الذي سربته حكومة العبادي الإثنين الماضي لوكالات الأنباء فكان مثالاً آخر، ولم يكن الخبر إلا رسالة مقصودة تسبق به حكومة العبادي اجتماع الرياض، بقصد تبرئة ذمتها بالمحاولات وإن كانت فاشلة!! حيث كشفت مصادر سياسية عراقية لوكالات الأنباء، وأخرى حكومية في بغداد، يوم الإثنين، عن خلافات سياسية وصفتها بـ«الحادة» بين رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وفصائل محددة داخل ميليشيات «الحشد الشعبي»، بسبب استمرار احتضان تلك الفصائل لعناصر بحرينية مطلوبة في مملكة البحرين بتهم الإرهاب، وتدريبها في معسكر جنوب العراق، فضلاً عن رعاية تلك الميليشيات لمواقع وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي معادية للمنامة.

تسريب مثل هذا الخبر من قبل مسؤولين حكوميين عراقيين يأتي استجابة لتلك الضغوط الأمريكية السعودية، وتبرئة ذمة من قبل العبادي بأنه «يحاول» فرض السلطة المركزية على فصائل مسلحة تأتمر بأمر الحرس الثوري الإيراني، ولا تأخذ صلاحياتها من الحكومة العراقية، إنما وصف تلك الخلافات «بالحادة» يشي بصعوبة السيطرة على تلك الميليشيات وعدم قدرة العبادي على فرضها، ومثلها تصريح النجيفي نائبه.

الحشد الشعبي واحد فقط من صور الطوق الإيراني على العراق لكن الخناق على عروبة العراق بدأ من خلال السيطرة الدينية الإيرانية على المدن المقدسة والحوزات العراقية في النجف وكربلاء، فسيطرت إيران بذلك على القرار السياسي العراقي، فلا مرجعية تصل إلى درجة علمية تتيح لها الوصول لدرجة التقليد إلا بموافقة إيرانية، بل يشترط في المرجع أصوله الفارسية، والسيطرة السياسية بالتالي أصبحت تحصيل حاصل، فتحكمت إيران في الانتخابات وبيدها بالتالي أن تعين وتزيح الحكومات والبرلمانات معاً، أما السيطرة الأخيرة والتي لا تقل عنها خطورة هي السيطرة العسكرية بفصائل الحشد الشعبي التي تأتمر بأوامر قاسم سليماني لا بأوامر رئيس الحكومة العراقية.

العراق إذاً محتل حرفياً وواقعياً، إنما العمل على تخليص العراق من النفوذ الإيراني مهمة لا بد أن تكون على رأس أولويات أجندة الاجتماع الأمريكي مع دول مجلس التعاون إن كانت مواجهتنا مع الأذرع الإيرانية في المنطقة حتمية فلا بد أن تبدأ من العراق، فلا خيار لنا غير ذلك بعد أن أصبح العراق وكراً لتصدير تلك الأذرع التي تعيث بأمننا فساداً، إذ قال مسؤول عراقي في أمانة مجلس الوزراء، في المنطقة الخضراء ببغداد لوكالات الأنباء بورود معلومات عن وجود نحو 50 بحرينياً قدموا للعراق خلال الأشهر الماضية بحجة زيارة العتبات المقدسة، وتلقوا تدريبات قصيرة في موقع تدريب تابع لميليشيا «حزب الله» العراقية، قرب بادية النجف، على الطريق المؤدي إلى كربلاء.

وبيّن أن «المعلومات تشير إلى وجود نشاط غير محلي للميليشيات، وتدخل بشؤون دولة أخرى»، مؤكداً أن «حزب الله» العراقي، و«عصائب أهل الحق»، وميليشيا «الخراساني» وميليشيا «الإمام علي» تقوم بتنظيم دورات حول إعداد العبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، واستخدام السلاح، لمواطنين من البحرين بلغ عددهم، منذ مطلع هذا العام، نحو 50 شخصاً، عدا عن الذين يقيمون في العراق منذ نحو أربع سنوات، بسبب إصدار القضاء البحريني مذكرات قبض في حقهم بتهم الإرهاب. وبيّن أن رئيس الوزراء تلقى معلومات من دولة عربية، غير خليجية، حول الموضوع، ووعد بإغلاق كل الأنشطة التي من شأنها تعكير أمن الدول الأخرى، إلا أنه فشل في ذلك بسبب رفض تلك الميليشيات الطلب. (انتهى) لم نكن لندعو للتدخل في الشأن العراقي لولا تدخل الشأن العراقي بشؤوننا، ونتمنى على البحرين أن تطرح ملف العراق في اجتماع الرياض وبقوة.