عواصم - (وكالات): اعلنت فرنسا انها اخذت علما بالمعلومات الامريكية حول وجود محرقة جثث لحرق رفات محتجزين في سجن تابع للنظام السوري، وطالبت بـ "تحقيق دولي في اسرع وقت". وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية "ان هذا الاتهام في غاية الخطورة"، مشددا على ان للنظام السوري "ماضيا مثقلا بالرعب". في غضون ذلك، يشارك وفدا الحكومة السورية والمعارضة الثلاثاء بجنيف في جولة مفاوضات جديدة ينظمها وسيط الامم المتحدة ستافان دي ميستورا الذي سعى، بلا جدوى حتى الان، الى انهاء النزاع المستمر منذ 6 سنوات. واستقبل دي ميستورا وفد الحكومة السورية بقيادة سفير سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري. ومن المقرر ان يلتقي دي ميستورا وفد المعارضة ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات التي مقرها في الرياض ويقود وفدها نصر الحريري ومحمد صبرا. وسبق ان نظمت 5 جولات من المفاوضات غير المباشرة منذ 2016 برعاية الامم المتحدة لكن دون نتيجة تذكر. واسفر النزاع في 6 سنوات عن مقتل اكثر من 320 الف شخص، في حين غادر اكثر من نصف السوريين منازلهم والحق دمارا كبيرا بسوريا. كما تخللته فظاعات ومجازر بحق مدنيين واستخدام اسلحة كيميائية. وآخر ما اثير في هذا الصدد الاتهامات التي وجهتها واشنطن لدمشق الاثنين باقامة "محرقة للجثث" للتخلص من قسم من رفات آلاف المعتقلين الذين تمت تصفيتهم في السنوات الاخيرة، وحثت موسكو على الضغط على حليفتها لوضع حد لعمليات "القتل الجماعي". وتلتقي هذه التقارير مع ما جاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية في فبراير 2017 التي كانت اتهمت السلطات السورية باعدام 13 الف شخص بين 2011 و2015 في سجن صيدنايا منددة بـ "سياسة التصفية" التي تشكل "جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية". وطالبت فرنسا الثلاثاء بـ "تحقيق دولي في اقرب الآجال حول سجن صيدنايا" و"دعت داعمي النظام وخصوصا روسيا، الى استخدام نفوذها على دمشق لتسمح بوصول لجنة تحقيق دولية والهيئة الدولية للصليب الاحمر الى الموقع. في المقابل، أكدت وزارة الخارجية السورية الثلاثاء ان الاتهامات الامريكية حول وجود "محرقة جثث" في سجن صيدنايا شمال دمشق "ادعاءات عارية عن الصحة... اعتادت "الادارة الامريكية" على اطلاقها قبيل اي جولة سياسية سواء فى جنيف او استانا". واعتبر نصر الحريري مساء الاثنين في جنيف ان ما اشار اليه الامريكيون "قطرة من بحر".

ويرى محللون ان مباحثات الامم المتحدة الرسمية في جنيف تبدو وكأنها في سباق مع محادثات أستانا الموازية التي تركز على الامن والتي بدات في يناير 2017 وتشهد زخما أكبر، خصوصاً بعد توقيع مذكرة في الرابع من الشهر الحالي تقضي بإنشاء أربع مناطق "تخفيف التصعيد" في الجبهات الاكثر عنفا في سوريا. وقد وضع الاتفاق موضع التطبيق. ومنذ بدء سريان الاتفاق قبل اسبوع، تراجعت وتيرة القتال في مناطق عدة. وتمكن دي ميستورا في الجولة الرابعة في جنيف في فبراير من جعل طرفي النزاع يقبلان اجندة تتمحور على 4 محاور هي مكافحة الارهاب والحكم "للاشارة الى الانتقال السياسي" والدستور الجديد وتنظيم انتخابات. لكن لم يتحقق اي تقدم منذ ذلك التاريخ. ويتمسك وفد الهيئة العليا بمطلب رحيل الرئيس السوري بشار الاسد عن السلطة في المرحلة الانتقالية، الامر الذي ترفضه دمشق بالمطلق وتعتبره غير قابل للنقاش أصلاً. وتطغى محادثات استانا، بالاضافة الى إخفاقات الفصائل المعارضة العسكرية الاخيرة على جولة المفاوضات الحالية.

وتسعى الامم المتحدة اليوم بكل الوسائل للاحتفاظ بدورها بعد الاتفاق المهم الموقع في استانا في 4 مايو لاحداث "مناطق تخفيف التصعيد" في سوريا للحد من اراقة الدماء. واعتبر دي ميستورا انه بعد هذا الاتفاق باتت مفاوضات جنيف "ملحة"، مؤكدا ان "تخفيف التصعيد" لا يمكن ان يطبق "دون افق سياسي". واضاف "نحن نعمل بالتكامل" مع مسار استانا. وكان قال الاسبوع الماضي في جنيف ان جولة المفاوضات الجديدة ستكون "قصيرة" من 4 ايام وذلك بهدف "طرق الحديد وهو حام". وكما فعل في الجولات السابقة سيتولى دور الوسيط بين الطرفين. وكان الرئيس بشار الاسد وصف مفاوضات جنيف بأنها "لقاء اعلامي". وعلق دي ميستورا متسائلا لم سيرسل الاسد وفدا "من 15 الى 18 شخصا" الى جنيف اذا لم يكن "مهتما ومنخرطا في العملية السياسية".