«1» عندما أكتب رسائل حياتي المعتادة، فإني أنظر من خلال عدستي الخاصة لصور الحياة، ومن تدفقات الحياة في مشاعري، فيهمني حينها أن تقع حروفي في مكامن قلوب من أقصد، وتكون رسائلي مؤثرة في حياة كل من يقرأ.. ليس شرطاً أن يتأثر بها، بل يكفيني أن يقرأ السطور ليشاطرني واقع الأيام وأحاسيس الزمان.. فعدستي الخاصة تلتقط مجموعة من الصور التي أحبها في مسيرة حياتي.. حتى وإن تكرر المنظر أحياناً، ولكن دلائله تختلف وألوانه تتغير بتغير الزمان وتغير الحال وتبدل مفاهيم الحياة.. عدستي تكبر الأشياء حتى يستوعب قلبي واقع الأيام، وحتى يكتب قلمي حروفاً تزيل عني غبار الحياة.

«2» أستشعر شوق النبي صلى الله عليه وسلم لإخوانه الذين لم يراهم.. كما نتمنى أن نكون منهم.. فما أروع اشتياق النبي صلى الله عليه وسلم لإخوانه الذين يحبهم ولم يراهم.. جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة، فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا». فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ قال: «بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض..».

«3» أكتب إليك رسائل الحب التي اعتدت أن أكتبها منذ أمد بعيد.. تلك الرسائل التي لم تنقطع بيننا أبدا، فكانت حروفها البلسم الشافي لجراحات الحياة.. اعتدت أن أكتب فصولها لأنها الباب المفتوح لمحبة الآخرين.. واعتدت أن أبث من خلالها شجون نفسي حتى أفرغ أي طاقة سلبية مكبوتة، وأجدد طاقتي الإيجابية في مناحي الحياة.. اعتدت أن أكتب إليك أشواقي، وأتفنن في خط حروفي، وأرسم لوحة فريدة في مغزاها قد لا تفهم معانيها وتقاسيمها إلا أنت.. لذا فكل رجائي أن تبادلني محبتك كما أحببتك، تبادلني حروف الحب التي لن تنتهي من حياتي إلا بانتهاء أنفاسي من هذه الدنيا.. تبادلني همسات الشوق التي أكتبها إليك شوقاً وحباً لما بداخل نفسك.. فلا تحرمني من بضعة سطور معدودة أقرأها لتنفرج معها أسارير نفسي.. اكتب ما بداخلك وعبر.. وخاطبني بودك.. بمحبتك وشوقك كما أرسلتها إليك.. ولتكن كلماتك لها مغزى الحب الأصيل.. لا كلمات عابرة.. تؤدي من خلالها واجب الحياة.. لأني أحبك فسأظل أبث إليك سطور فصول الحياة.. أبدا ما حييت.

«4» عندما تتحدث إلى من تحب بقلبك، فإنك ستملك وجدانه وستتخاطب معه بأحاسيسك.. قلما نجد من يتقن هذه المهارة، وقلما نجد من يحب أن يعيش مع أحبابه بقلبه لا بالعصا والشدة.. قد تخطئ وتقع فريسة لتصرفات همجية لا تقصدها مع من تحب، ولكنك ما تبرح أن تعود إلى قلبك الحاضن لهمومك.. فهو لا يبعدك عن قلبه قيد أنملة، لأنه يعرفك من أنت.. فصحبة الزمان ألبسته وجدان المحبة التي لا تتزعزع ولا تتغير مع تقادم الأيام.. قلبك وقلبه هما القلب النابض لحياة المحبة والوئام.

«5» لم أكن أتوقعه أبداً أن يكون ذلك الوحش الكاسر الذي ينهش في الآخرين بلا رحمة وبلا تعقل.. ولم أتوقعه أن يتحول إلى صورة مخيفة تزعج حياة من حوله، وتبعد عنه أعز أصحابه.. لم نتعود منه أن يكون على هذا النحو، ولم نعش معه أياماً كرهتنا في شخصيته، فقد اعتدنا أن تكون صفحات أيامه مليئة بالمشاعر الجياشة، وبالحب والحنان الذي يحتضن كل من حوله بلا استئذان.. فكرت ملياً في صاحبي.. فأدركت بأنه مازال مصراً أن يبرز عضلاته في مدرسة الحياة، وإن كان على حساب خسارة علاقاته مع أعز من يحب.

«6» بلا مقدمات قطع وصال الحب، وقطع كل حبال التواصل التي تربطه مع من نشأ في ظلال محبتهم، وأغدقوه بفيض حنانهم، وجمعتهم معه لحظات وارفة في ظلال كتاب الله الكريم، ونهل معهم من منهل العلم والمعرفة وبحور الأخلاق والقيم الفاضلة.. باتوا يبحثون عن سبب واحد مقنع لابتعاده عن وصالهم، ومراجعة كل مواقف الحياة معه.. فلم يجدوا إلا «رسائل الحب» التي تبادلوها معه في أجمل الأيام.. فهل من الصواب يا ترى أن يعمم مواقف حياته مع كل من حوله.. وهل من العدل أن يبتعد عن صور الوفاء والمحبة مع أطياف قلبه.. بالفعل مؤلمة هذه الأفعال.. لأنها تبدد أواصر المحبة بين الناس، وتمزق كل صور ذكريات الحياة.

«7» افتقدتك كثيراً في حياتي، فمنذ فترة طويلة لم أرَ وجهك البشوش يطل علي ويسأل عني كما اعتدت ذلك منك.. افتقدت أحاديثك الممزوجة بعذب الحياة، وضحكاتك التي تزيل عني هم الأيام، وحديثك المشوق عن ذكريات الزمان.. وعندما أفتقدك فإني لا أنتظرك طويلاً حتى تبادر إلى معانقة مشاعري.. لأني لم أعد أحتمل البعد، فحياتي إنما هي أجزاء يكمل بعضها بعضاً، ولا أقوى أن أخسر أي جزء منها حتى لا أتعثر في جوانب الطريق.. ثق أن محبتك تسري في وجداني ما بقيت..

«8» اختر صحبتك الزكية الحنونة، أركانها الحب في الله والتواصل والوفاء، لا يغيرها الزمان، ولا تمزقها الأحوال المتغيرة.. صحبة تمد يدها الحانية إليك في كل حين، تصحبك في كل الملمات، وتضحي بأوقاتها من أجل أن تسعدك.. صحبة تمضي معك في طريق الجنان، لأنها تحب أن تلتقي معك في ظلال الرحمن.. اختر صحبة وفية إذا غبت عنهم سألوا عنك، وإذا احتجت إليهم أسرعوا يلتمسون حاجتك.. همهم إسعادك وبث الفرحة في نفسك.. لا تتأثر بتوجيهاتهم، لأنهم يريدون مصلحتك وعيونهم ترصد حياتك.. احتفظ بهذه الصحبة في حضنك الدافئ واستمتع معهم في حياة قصيرة، حتى تلتقي بهم في الفردوس الأعلى.

* ومضة أمل:

رسائل حب تروي فصول قلب بث أشواقه لمن يحب.