جلست على مقعد الانتظار بأحد المراكز الصحية، أنتظر فرصتي لمقابلة الطبيب، وكعادة أي منتظر أن يشغل نفسه بشيء ما في تلك الفترة، أمضيت هذه الفترة أتصفح وجوه من حولي وجدت على يميني سيدة آسيوية، بزيها الجميل بادلتها الابتسام والحديث وكان حديثنا باللغة الإنجليزية، فأفاجأ أنها تقول إنها بحرينية، وفعلت ذات الشيء مع السيدة التي عن يساري وهي من جنسية أخرى بزيها، ولهجتها وطريقة تعاملها مع أبنائها فإذا بي ألمح بطاقتها السكانية والمكتوب عليها بحرينية، جلت بناظري في منطقة الانتظار لأجد المنتظرين معي من جنسيات مختلفة كدت أصرخ فيكم من منكم بحريني؟ وجدتني مضطرة لهذا السؤال فلا الزي ولا اللغة، ولا العادات، ولا السلوك يعكس هوية أهل قومي، سألت نفسي ماذا يجمعني بهم؟ أيجمعني بهم ذكريات الطفولة في أزقة وطني، أم عادات وتقاليد أحببناها وسعدنا بها، أو قيم نشأنا عليها، أم صحبة اقتسمناها، ويا لخوفي إن كان وطنهم القديم لازال بداخلهم وبقلبهم ولا زالوا يشعرون أنهم ضيوفنا وينتظرون يوم الرحيل إلى أرض الطفولة، نعم نحن شعب اعتدنا على التعايش مع الجميع مهما اختلفت أدياننا، ولغاتنا، وعاداتنا، لكن اليوم قضيتنا مختلفة، قضية بحريني بلا هوية بحرينية، أنا لا أطرح سؤالاً كيف أصبح بحرينياً؟ أو ولماذا أصبح بحرينياً؟ هذه ليست قضيتي وليست مجال اهتمامي ولكن السؤال ماذا علينا أن نفعل لنجعل جميع البحرينيين بهوية واحدة، كيف نغرس في قلبهم حب البحرين لتكون وطناً وليس سكناً، كيف نجعلهم منا لا غرباء بيننا، وكاد قلبي يدمي عندما سمعت أطفالهم وهم من مواليد البحرين يتحدثون بلهجة أوطان آبائهم، فبادرت إلى هاتفي أبحث في وسائل التواصل الاجتماعي عن مشروع يعالج الهوية وقضية تعزيز الهوية البحرينية، يغرس فيهم حب التحلي بالهوية البحرينية، لغتنا، لهجتنا، عاداتنا، تراثنا، سلوكنا وأسلوبنا في الحياة، لم يعد أمامنا خيار سوى أن نضع الخطط، والبرامج والمشاريع لنجعلهم بحرينيين فعلاً، فكلمة بحريني ليس جوازاً أحمر الغلاف فقط، بل بحريني بسلوكه، بعاداته، بلغته، بعلاقاته وصداقاته، بتاريخه، وبحبة لوطنه، ماذا نفعل لإدماجهم في مجتمعنا، فإن الهوية هي جوهر المواطن، وترتبط بالدين واللغة والعادات والتقاليد ولكل هوية خصوصيتها وتفردها بصفات معينة، فعندما يسافر مواطن للخارج للدراسة أو للعمل أول ما يوصي به التمسك بهويته وعدم التأثر بالهويات والثقافات المخالفة لثقافتنا وعاداتنا، ولكن الآن ونحن في موطننا أصبحنا نواجه تعدد الهويات والثقافات المختلفة فأصبحنا مطالبين بأن نتمسك بهويتنا، فأنا أشفق من يوم يكتسب فيه أبناؤنا هوية هذه الفئة متأثرين بهم، فأبحث عن أبناء وطني فلا أعرفهم، أشفق من يوم يزدري فيه الشباب الهوية البحرينية، لذا يجب التكاتف بين مؤسسات الدولة للحفاظ على هوية شبابنا وغرس هويتنا لدى الحاصلين على الجنسية البحرينية لتحقيق درجة عالية من التجانس والانسجام، فإن الهوية جسر يعبر من خلاله الفرد إلى بيئته الاجتماعية والثقافية، وهي الإحساس بالانتماء والتعلق بالوطن، إن قضية غرس الانتماء للوطن لهي قضية تتعلق بضمان الاستمرارية التاريخية لأمة لا يمكن التشكيك في انتماءاتها من خلال الحفاظ على المكون الثقافي للمواطن البحريني.

وهنا تذكرت مشروع وطني أطلقه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الخيرية الملكية، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، نعم فقد كان سابقاً لزمانه وهو مشروع «بحريني وافتخر»، أطلقه عام 2011، حيث وجه سموه لإنشاء هذا المشروع الوطني المتكامل للعمل على إبراز كل ما له من منفعة لسمعة الوطن الحبيب والمواطن الطموح المخلص، وذلك لدعم تفعيل دور الشباب البحريني في المسيرة التنموية الحضارية، كما أطلق سموه «مؤسسة بحريني وافتخر»، والتي تركز على تنمية طاقات الشباب واستثمارها، فدعونا نعمل وبتضافر جهود كل قطاعات المجتمع للحفاظ على الهوية الوطنية تحت مظلة هذا الشعار، دعونا نسير على توجهات سموه لنعيش جميعنا على أرض هذا الوطن بحب وسلام، ونضع استراتيجية تتبناها مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني بغرض غرس الانتماء والهوية البحرينية لدي الحاصلين على الجنسية البحرينية بهدف حفظ توازن الفرد وتكامله مع المجتمع وإظهار الولاء للوطن والانتماء إليه ولا نغفل أن من أبرز سمات المواطنة أن يكون المواطن مشاركاً في الأعمال المجتمعية والتي من أبرزها الأعمال التطوعية، لذا يجب إطلاق أنشطة تطوعية وثقافية داعمة لترسيخ مفهوم المواطنة بكل أبعاده لنعيش جميعنا نعتز به، بتاريخه، بماضيه، بحاضره، ونصوغ معاً مستقبله، ودمتم أبناء وطني شعباً واحداً متآلفاً متحاباً.