لا تأتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج لتفكيك تحالفات إقليمية وإعادة تركيبها، بل لتضع مساراً جديداً لسياسة أمريكا الخارجية، أساسها تعزيز العلاقات مع شركائها في العالمين العربي والإسلامي، ولتجاوز بلاده سياسة حكمت العلاقات الخليجية الأمريكية إبان عهد إدارة الرئيس أوباما. والتي وإن كانت الرؤى الاستراتيجية الحاكمة لها تتضمن محاربة الإرهاب إلا أنها افتقدت الدراية وتطرفت في الحذر في معالجة الأمور، فكان هناك اختلاف في وجهات النظر الخليجية-الأمريكية في معظم القضايا الإقليمية في سوريا واليمن والعراق.

زيارة الرئيس الأمريكي ترامب «ثلاثية الأبعاد» سيعقد خلالها مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود، ثم القمة الخليجية-الأمريكية، والقمة الإسلامية-الأمريكية. وهذه القمم نجاح للدبلوماسية الخليجية التي جعلت وجهة الرئيس الأمريكي الأولى خارج بلاده هي الخليج العربي، مما يعني الانتقال بدول الخليج من الهامش كما كان يراد لها أن تكون في عصر أوباما إلى المركز وقيادة الأحداث التي تواجه الشركاء كمكافحة الكراهية والتطرف، والإرهاب. حيث لا نمانع في الخليج صراحة لو امتد الزمن العسكري لبعض الأزمات لكن بتدخل أمريكي، كالقضاء على «داعش» ووقف جرائم الأسد وعودة الحكومة الشرعية في اليمن إلى صنعاء بناء على مقررات المبادرة الخليجية. وبما أن النصر يحققه الجنرالات ويديمه الدبلوماسيون لذا على الإدارة الحالية الكف عن قص أجنحة البنتاغون ووزارة الخارجية فمن خلالهما تقود أمريكا جهود الخليجيين كقدوة حسنة. كما أن على ترامب أن يظهر النية على بذل جهود لإنهاء الإرهاب تتعدى إلباس المسلمين ثوب الملامة فالكثير من الإرهابيين أتوا من خلفيات إجرامية ومجتمعات علمانية. كما أن على ترامب تجفيف منابع الإرهاب بتشجيع الحكم الرشيد في العراق وسوريا واليمن بدل ترك حكومات تلك البلدان بيد إيران التي تدفع لخلق حالات التذمر ثم التمرد ثم الإرهاب بين مواطني تلك الدول.

* بالعجمي الفصيح:

لقد سبق أن كتبنا عن عاقبة مزاج التطير العام الذي رافق وصول ترامب للبيت الأبيض، لكن الحذر يدعونا الآن إلى عدم التفاؤل المفرط في «ترامب العرب» -كما وصفه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «CSIS»- وبرجل يحاول أن يبهرنا باستعراض قدراته في جمع 56 من قادة عالمنا في ثلاث قمم مرة واحدة بقممه «ثلاثية الأبعاد»، فالحوار في القمم الثلاث يجب أن يٌرى كعملية وإجراء أكثر مما يُرى كحدث وفعالية تنتهي بنهاية الزيارة. فالإبهار هو العمود الفقري لتقنية الأبعاد الثلاثة «3D» في السينما حيث جعلت بإمكان المشاهد رؤية الأحداث بشكل أكثر قابلية للتصديق، لكن معظم الأفلام لم تضف جديداً بل كانت عبئاً على ثمن التذاكر فقط.

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج