أثناء إلقاء رئيس لجنة تحكيم جائزة الأمير خليفة بن سلمان للصحافة الأستاذ إبراهيم بشمي في الحفل السنوي للجائزة وأمام تطرقه لمواقف سمو رئيس الوزراء مع الصحافة البحرينية كان سموه يبتسم ومتفاعلاً مع كل كلمة تقال خاصة عندما قال بشمي «لو كان سمو رئيس الوزراء رئيساً للتحرير لأتعب الصحافيين».

الأستاذ بشمي خلال استرساله في الحديث كان يشير إلى العلاقة غير العادية بين سموه والصحافيين حينما قال «العلاقة بين سموكم والصحافة علاقة غير عادية من قارئ غير عادي يؤمن بالصحافة والكلمة ويعي مفهومها وأبعادها وهو يعتبر الصحافيين وكتاب الأعمدة خط الدفاع الأول ويرى أنهم مفاتيح فهم الشعور الوطني تجاه مختلف الأمور وأن دورهم لا ينحصر في التنبيه إلى النواقص والأخطاء، لذا إن سمو رئيس الوزراء يعلي من شأن الصحافيين ويقدرهم ويطمئن على الوطن بوجودهم».

كما أشار إلى ما يقوله سموه معلقاً على قيمة الصحافة أنها صوت قوي في الدفاع عن قضايا الوطن وأن تكريم الصحافيين غيض من فيض عطائهم من أجل الوطن، لذلك إن مهمة تشكيل الوعي المجتمعي ليست المشكلة الهينة وإنما تحتاج إلى أن تبين الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الأخرى جملة من القيم التي تسهم في توجيه الطاقات إلى كل ما يعزز التماسك المجتمعي!

ابتسامة سمو رئيس الوزراء الداعم الدائم للصحافة البحرينية ومشجع أقلامها الوطنية عادت بنا بالذاكرة إلى لقاء جمعنا مع سموه خلال أزمة البحرين الأمنية 2011 عندما كنا نتكلم معه حول عوائق وتحديات الصحافة البحرينية وكان سموه يحثنا على المثابرة ويحملنا مسؤولية الدفاع الإعلامي عن الوطن، ونذكر هذه الجملة بالذات حين قلنا له «هناك خطوط حمراء في الصحافة تمنعنا من أن نتقدم أكثر ونوضح حقائق البحرين» فقال لنا مبتسماً «الخطوط الحمراء في الصحافة اجعلوها خطوطاً خضراء».

تلك الجملة كانت رسالة مختصرة من سموه إلى الصحافيين تحمل منهجية صحافية يشجع سموه على تطبيقها وتعكس إيمانه العميق بأن الصحافة الوطنية عليها أن تتعامل مع الخطوط الحمراء التي توضع لها بمزيد من المثابرة والعزم حتى تكون خطوطاً خضراء يمضي الوطن من خلالها نحو مزيد من التطور والتنمية، وبألا يقفوا عند أي حاجز أو عائق بل بإمكانهم من خلال عملهم وإصرارهم أن يحولوا العوائق إلى مكاسب ومنجزات، هذه الكلمات البسيطة هي التي تمثل حكمة بليغة وشعاراً يصلح أن يكون مبدأ من مبادئ الصحافة الوطنية كان تنبيهاً لنا استحضرناه في كثير من المحطات لاحقاً، خاصة أن الأبواب المغلقة والعقول الموصدة والملفات الشائكة الصعب تداولها لا بد من إيجاد وسيلة لتحويلها إلى ملفات خضراء قابلة للتداول والمعالجة كي ينهض الوطن ويتقدم أكثر.

الصحافة في مملكة البحرين بحاجة فعلاً لقارئ غير عادي يعي مفهوم وأبعاد كل قضية وكلمة ويقرؤها بطريقة تختلف عن القراءة السطحية التي للأسف بعض المسؤولين يطالعون فيها الصحافي وبالذات كاتب المقالات، هناك حاجة ملحة عند بعض المسؤولين أن يستلهموا من سمو رئيس الوزراء روحه الرحبة وفكره العميق في قراءة الكتابات وتمحيصها، فالصحافي فعلاً مفتاح الشعور الوطني نظراً لطبيعة عمله التي تجعله يحتك بمختلف شرائح وفئات المجتمع ويكون قريباً من القضايا وخفايا الأمور، ودور الصحافي يتجاوز مسألة التنبيه للنواقص والأخطاء بالدولة إلى تداول الحلول والمقترحات التي من شأنها أن تعالج المسألة برمتها، إنه يعيد صياغة القضايا قبل الكلمات من خلال أطروحاته، والصحافة ليست طريقاً مفروشاً بالورود بل بالشوك الذي مهمة الصحافي أن يكشفه ويزيله حتى يضمن ألا يعرقل الطريق نحو التنمية وحتى يحقق التماسك المجتمعي الذي يعزز التماسك الأمني لوطنه.

المشهد العام لمواقف سموه مع الصحافة يؤكد أنه مهتم بمسألة خلق هذا الوعي المجتمعي وأنه يدعم الصحافة ذات القيم والأخلاق المجتمعية والمبادئ الوطنية لا صحافة العلاقات العامة والمجاملات الخالية من الأطروحات والرؤى.

كما أن كلمة وزير الإعلام البحريني مشكوراً كانت مثل المنبه الموجه للعائلة الصحافية في مملكة البحرين من أن متطلبات هذه المرحلة بالذات تحتاج منكم الكثير بل مضاعفة الجهود أكثر حين قال «الحرب أولها كلام وأنتم كنتم ومازلتم الخط الأول المدافع عن الوطن والمواطن، ما حدث خلال السنوات الأخيرة ليسا عبثاً وهناك لايزال من ينظر لهذه المنطقة من خلال تقارير مراكز رأي ودراسات وهذه المراكز ترى أن 50% من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي وهمية، ونفسها المراكز هذه تبث تقارير خاطئة عن البحرين من خلال ما يكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل إلكترونية بعناوين وهمية وهي محاولات فاشلة لتشويه سمعتنا».

لذا ففي كل مناسبة صحافية وطنية يجتمع فيها أهل الصحافة والإعلام تبرز في الواجهة تحديات ومسؤوليات أكثر يستشعرها الصحافي البحريني الذي يدرك أن متطلبات المرحلة الصحافية الحالية في مملكة البحرين باتت تتطلب منه مضاعفة الجهود في شتى المجالات والقطاعات التنموية التي يتطرق إليها من خلال قلمه، ذلك أننا في حرب إعلامية شرسة تود النيل من منجزاتنا وتزوير مسيرتنا الإصلاحية، والصحافي اليوم ليس مجرد كاتب كلمات بل جندي محارب، كتاباته يجب أن تكون مقابل أعداء وطنه في الإعلام مثل الرصاصات!

* إحساس عابر:

أبدى رئيس لجنة تحكيم الجائزة الأستاذ إبراهيم بشمي تمنياته أن تتسع مجالات الجائزة مستقبلاً لتشمل تكريم الفائزين في يوم وطني شامل للمثقفين والفنانين في احتفالية جوائز الدولة التقديرية، وبدورنا نبدي تمنياتنا أن تكون هناك جوائز متنوعة ما بين تشجيعية وجوائز تحفيزية وجوائز تقديرية لأعمدة الصحافة البحرينية ورموزها الوطنية.