«شر البلية ما يضحك»، هذا ما ينطبق تماماً على بعض المؤسسات الرسمية التي تقوم «بتدليع» نفسها من ميزانية الدولة في الوقت الذي تعاني فيه من نقصٍ حادٍّ في أهم المتطلبات المهنية الواجب عليها وضعها في سلم أولوياتها، لكن بعض العاملين والقائمين على إدارة شؤون المال الحكومي لا يفقهون ولا يدركون كيفية التعامل مع المصروفات المخصصة للأمور الضرورية، فيقومون بصرفها بشكل خاطئ وقبيح على أمور هامشية مما يعزز هذا السلوك الشائن، أمور بعيدة عن روح القانون ولو على حساب أشياء أكثر أولوية من «صواني الرهش» وتوديع الموظفين وتكريمهم وربما إقامة مناسباتهم الخاصة على ظهر الدولة.

قبل أيام قليلة كشف صحيفة «الوطن» عن خبر مضحك ومحزن في ذات الوقت يتعلق بهذا الأمر، يقول الخبر: «كشف رئيس اللجنة المالية والقانونية بمجلس المحرق البلدي غازي المرباطي أن إدارة الخدمات الفنية ببلدية المحرق تصرف على باقات الورود والطعام بمختلف أنواعه من حلويات ومعمول وشوكولا وصواني البقلاوة والحلوى البحرينية والكعك بما متوسطه 300 دينار شهرياً، وبنسبة 75% من قيمة المصروفات المخصصة للنثريات. ولفت إلى أن النثريات تتضمن قرطاسيات وأحباراً وآلات الطباعة وغيرها من الالتزامات، منوهاً بأن القانون جاء واضحاً صريحاً في ذلك حيث «لا يجوز استعمال سلفة المصروفات النثرية في غير الأغراض المخصصة لها». وقال المرباطي: «على سبيل المثال تم صرف 100 دينار على 5 صواني حلويات دفعة واحدة في 18 أبريل 2016، وهي عبارة عن صينيتي بقلاوة و3 صواني حلويات مشكلة، وتكررت هذه الحالة في شهور أخرى حيث يتم الصرف في اليوم نفسه أو خلال يومين أو ثلاثة أيام متتالية».

هذه المهزلة هي إحدى المهازل التي تقع في بعض مؤسسات الدولة حيث يتم استغلال أجزاء من ميزانية المؤسسة الرسمية المسمى «بالنثريات» المخصصة للأمور الفنية والداخلية للمؤسسة نفسها لتصرف بكل استهتار على «الغبقات والريوقات والحفلات» دون وجود أية رقابة فعلية من طرف المؤسسة نفسها خصوصاً في ظل الأزمة المالية للدولة. بلدية المحرق ليست استثناء أبداً، فهناك الكثير من المؤسسات الرسمية لديها هذا السلوك الأرعن وغير المسؤول، بل إن بعض هذه المؤسسات تقيم الكثير من الغبقات أمام أنظار المراجعين دون أدنى خجل أو حياء، وهذا السلوك ينم عن قلة وعي من طرف بعض الموظفين، فهم بالإضافة لتجاوزهم قانون المصروفات المخصصة لإدارة شؤون المؤسسة التي يعملون فيها يقومون بالأكل جهاراً نهاراً أمام أعين المراجعين وهذا ما لا ينبغي أن يكون أبداً، ولهذا فإننا نذهب إلى الرأي الذي يستوجب وقف «الأكل» فوراً داخل مؤسسات الدولة إلا في الأماكن المخصصة لوجبة الإفطار الصباحي فقط، أما الأكل «فوق» طاولات الموظفين وداخل مكاتبهم فهذا ما لا يجوز فعله، والأهم من كل ذلك أن تكون «فلوس» الحلويات والورود والمعمول والبقلاوة من جيوب الموظفين وليس من ميزانية الدولة. هذا قانون وليس رأياً.