من الأمور المضحكة والتي لا يمكن لعاقل أن يصدقها قول أحد الذين اختاروا العيش في الخارج لفضائية «العالم» الإيرانية إن إيران لا تتدخل في شؤون البحرين وإنها لا تدعم الساعين إلى قلب نظام الحكم فيها وإن كل ما تقوله البحرين في هذا الخصوص عار عن الصحة. أما سبب تصنيف هذا القول في باب الأمور المضحكة فهو أن الجميع يرى كيف أن إيران تسخر كل إمكاناتها لخدمة تلك الفضائية «السوسة» التي تؤكد بعملها أن ما قاله ذاك الشخص غير صحيح على الإطلاق، فلو أن إيران لا تتدخل في شؤون البحرين ولا تدعم «المعارضة» وأنها بريئة من تلك الاتهامات لما خصصت برنامجاً يومياً عن البحرين تبثه منذ أكثر من 6 سنوات على الهواء مباشرة وتتيح من خلاله المجال لكل من هب ودب ليشتم البحرين ويسيء إلى قيادتها وحكومتها وشعبها، ولو أن إيران لا تتدخل في شؤون البحرين ولا يهمها أمرها ولا تدعم تلك المجموعة لما قطعت الثلاثاء الماضي برامجها الاعتيادية واستمرت طوال اليوم تنقل على الهواء مباشرة من قرية الدراز كل ما يدور من أحداث وتطورات ولما استضافت أفراداً على الهواء مباشرة ليقولوا ما يشاءوون ويشتموا ويسبوا وينقلوا ما يدور هناك لحظة بلحظة عبر تلك الفضائية، ولما بدا القلق على وجوه مذيعيها والارتباك على ألسنتهم وهم يتابعون ما يجري هناك، ولما سمحت بالكلام الناقص الدوني ليقال عبر فضائيتها عن بلد تدعي أنها لا تتدخل في شؤونه ولا علاقة لها بما يجري فيه.

مسألة التدخلات الإيرانية في البحرين، ومسألة دعم إيران لكل من يسعى إلى الإطاحة بنظام الحكم في البحرين، ومسألة تورط إيران في عمليات تهريب الأسلحة إلى البحرين وتدريب بعض البحرينيين في معسكراتها في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، كل هذه المسائل صارت معروفة لكل العالم ويتوفر عليها ما يكفي من الأدلة والبراهين ولم يعد أحد يصدق كل من يحاول أن ينفيها لأنها اليوم حقائق .

تلك الفضائية «السوسة» تناولت البحرين بالسوء على مدار ذلك اليوم، فكان الخبر الأول في كل نشراتها الإخبارية عن قرية الدراز، وكان برنامج «حديث البحرين» عن قرية الدراز، وكان برنامج «مع الحدث» عن الموضوع نفسه، هذا بالإضافة إلى البث الحي الذي اختارت له أشخاصا يعرفون كيف يعملون من «الحبة قبة» وكيف يشحنون العامة ويحرضون الشباب كي يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة ويخسروا حياتهم ويتسببوا في جرح أهاليهم.

الدور الذي قامت به هذه «السوسة» الثلاثاء الماضي كان متوقعا ولكنها أيضا أثبتت بما قامت به عكس ما قاله ذاك «المعارض» ويقوله آخرون غيره فوفرت كل الأدلة اللازمة على تدخل إيران في البحرين وحرصها بل وانتظارها لمثل هذا الحدث كي تتناوله بطريقتها.

من تابع ما تبثه هذه «السوسة» عبر برنامجها اليومي عن البحرين في الشهور الثلاثة الأخيرة بشكل خاص لا بد أنه لاحظ أنها كانت تكرر السؤال عن الذي يمكن أن تقوم به الأجهزة الأمنية كي تفض ذلك التجمع غير القانوني في قرية الدراز وعن الموعد المتوقع، وكانت تكرر على ضيوفها السؤال عن ماذا هم فاعلون لو أقدمت حكومة البحرين على فض التجمع بالقوة. وبالطبع كان الجواب الذي تنتظره هو أن «عواقب ذلك الفعل لن تكون حميدة» وأن ذلك سيكون «بداية نهاية النظام»!

ترى أي عاقل يقبل بقول كالذي قاله ذلك «المعارض» لتلك الفضائية «السوسة»؟ وهل يمكن لعاقل أن يصدق بأن إيران التي تقوم بكل هذا وتخصص فضائية بميزانية مفتوحة وغير مدعومة بالإعلان التجاري لا يهمها أمر البحرين ولا تتدخل في شؤونها ولا تدعم من يسعى إلى الإطاحة بنظام الحكم فيها؟