معذرة إن بدأت مقالي بكلمات وجمل قاسية، لكنه عندما يطفح الكيل فلا يتوقع منا السفهاء والأقزام والعملاء كلاماً منمقاً.. بل سنسمعهم كلاماً جارحاً هو أشد وقعاً عليهم من السيف الصارم إن بقي فيهم ذرة من غيرة أو إحساس.

لقد أصابني الذهول وأنا أستمع لنشرة الأخبار لإحدى قنوات العراق الفضائية، والتي تناولت فيها الشأن الداخلي البحريني في موضوع خاص جداً وسيادي وهو بالتحديد: «حكم القضاء في قضية الشيخ عيسى قاسم ثم فض الاعتصام في قرية الدراز وبطريقة مهنية..».

فانبرت بعض القيادات والزعامات وقادة الميليشيات العراقية واستنكرت وأوعزت لأتباعها بالتوجه إلى السفارة والقنصلية البحرينية في العراق بالاحتجاج على حق سيادي مارسته مملكة البحرين!!

فمهما حاول الأعداء والمتربصون من جهد لتشويه الحقائق والسعي لخلط الأوراق لكنه تبقى الحقيقة تتكلم عن نفسها وليست بحاجة للتنميق والتسويق.

فالمتابع المنصف للملف البحريني وقضائه وخاصة موضوع محاكمة الشيخ عيسى قاسم يلمس بوضوح نزاهة ذلك القضاء واستقلاليته ومهنيته، فلقد جاء الحكم متوازناً ومخففاً بعد أن استوفت المحكمة كل إجراءاتها، أما ما حدث بعدها من قرار جريء لوزارة الداخلية وذراعها الأمني في فض اعتصام المئات من مؤيدي الشيخ ممن تجمعوا لأشهر مضت دون ترخيص في قرية الدراز أمام منزله وفيهم الكثير من المطلوبين للعدالة، وما أحدثوه في تلك القرية من أذى في قطع للطرقات والتضييق على سكانها وما حولها فكان عملاً مهنياً تم بأقل التضحيات من الطرفين، وهذا لا يحدث إلا مع قوات أمنية ذات مهنية عالية الانضباط والتدريب!!

إن جرائم الطغمة الحاكمة في بغداد فاقت كل الجرائم في العصر الحديث ولا يضاهيها بوحشيتها سوى جرائم النازية ومحاكم التفتيش الإسبانية!

وسأتطرق إلى جريمة واحدة من جرائمهم ألا وهي مجزرة معتصمي الحويجة لأترك للقارئ الكريم وجه المقارنة بين فك اعتصامي الدراز البحرينية والحويجة العراقية!!

فبعد أن وصل الظلم والطغيان مداه في التعامل السيئ والتهميش والتصفيات والاعتقالات مع مكون عراقي رئيس في البلد من قبل سيئ الصيت المالكي وطاقم حكومته والميليشيات التي تعمل تحت إمرته وجيشه الطائفي مما اضطر طبقات عريضة من الشعب بنصب خيامهم في كل مكان وحدث ذلك تحديداً عام 2013، والتظاهر سلمياً مطالبين بحقوقهم وإنصافهم ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الأولى وإيقاف الاعتقالات بدون أمر قضائي وإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين الأبرياء، لكنه صد عنهم وازدادت الاعتقالات بين صفوفهم ووصفهم بالفقاعة النتنة!! واستمرت تلك الاعتصامات بمسارها السلمي مما أحرج ذلك النظام الدموي فما كان منه إلا أن ينهيها بطريقة دموية، فغشيهم ليلاً بقوات الجيش والميليشيات المدججة بالسلاح وبدأت تمطرهم بأنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة، مما أوقع مجزرة في تلك المخيمات!! واسألوا أهل قضاء الحويجة الذين نكبوا بفلذات أكبادهم ورجالهم الذين ذبحوا وتفحموا في خيامهم وقد فاق عددهم الـ50 شهيداً وعشرات الجرحى!!

وليت الأمر اقتصر على ذلك فلقد ارتكب ذلك النظام وزبانيته وجيشه الخيانة العظمى عندما سلموا لـ«داعش» الإرهابية مدينة الموصل العراقية وانسحبوا منها صاغرين وقد دمرت اليوم تدميراً كاملاً وقتل من أهلها الألوف وهجر وشرد أهلها في الخيام!!

أما محاكمهم الهزيلة وقضاؤهم المسيس فحدث ولا حرج، فبين ليلة وضحاها يبرئ فيها المتهم ويتهم البريء، إما بصفقات سياسية أو رشاوى مالية!! ولا أريد أن أسرد عيوب ذلك النظام الفاشي المتهرئ وأكشف عورته أكثر من ذلك وأكتفي بهذا الحد ولدينا المزيد!!

فعيب وصفاقة وخزي على ذلك النظام وأدواته تناول الملف البحريني وحشر أنوفهم المزكومة وأفواههم النتنة في أمر لا يعنيهم وهو تدخل مقيت سافر في شأن داخلي بحت، وهم يعلمون حق اليقين أن وضع البحرين ومواطنيها وأمنها هو اليوم في قمة الرقي وربما يمثل حلماً للعراقيين وللكثير من الشعوب المبتلية بحكام طغاة أمثالهم بأن يعيشوا ويتنعموا مثلما يعيش إخوتهم شعب البحرين في كنف ملك عادل حكيم وحكومة وقيادة رشيدة آلوا على أنفسهم السعي لتوفير العيش الرغيد والكرامة لمواطنيهم وبسط الأمن في ربوع مملكتهم..

«استفيقوا واعلموا حجمكم.. وإن عدتم عدنا!!».