ضحايا دير محافظة المنيا هم شهداء وحدة الوطن وتماسكه، ويستحقون مزيداً من الاهتمام والرعاية، لأن هذه ليست المرة الأولى في المنيا ولا في مصر، بل إن هؤلاء الإرهابيين يتغلغلون في مناطق ومؤسسات عديدة في المجتمع، ويعيثون في مصر فساداً. وهذه الظاهرة الإرهابية ليست قاصرة على مصر، بل في دول أوروبية وآسيوية عدة، فالطغمة الثلاثية الراعية للإرهاب معروفة، فهي تملك المال وتملك العقيدة الفاسدة مثل الإرهابيين، الذين تدعمهم وتمارس التناقض بين ما تقوم به في بلادها وبين مواقفها مما يحدث في مصر أو غيرها. فهم يرتكبون في أوطانهم أبشع الجرائم ويدعمون الإرهاب مالياً وفكرياً وتدريباً وتسهيلاً ويخصصون له الفضائيات والإيواء بدعوى الدفاع عن الإسلام أو عن الديمقراطية وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام أو حقوق الإنسان فهم يقيمون نظماً استبدادية فاسدة في بلادهم، ويبيعون أنفسهم للشيطان لتدمير الدول الأخرى حقداً وحسداً من عند أنفسهم.

إن الإرهاب الأسود الجبان ضد الأقباط هو جريمة ثلاثية، إنه قتل للنفس يتناقض تماماً مع الآية الكريمة «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً». ولذا فمن الضروري معاقبتهم كما في آية القصاص، النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص. والشق الثاني، إنه جريمة ضد مكون مهم من مكونات الشعب المصري سبق من بالتواجد على أرض الكنانة من الأديان السماوية جميعاً، إنهم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، وهم مؤمنون بالوطن ولديهم ولاء له وليس مثل هذه الفرق الضالة والمضلة والفاسقة والمرتدة والخارجة عن الإسلام، وهو ما يجب على علماء الدين أن يبادروا لتوصيف هؤلاء القتلة المجرمين الإرهابيين التوصيف الصحيح ويعيشون في القرن الحادي والعشرين وليس في الماضي. إنه يجب تطبيق حد الحرابة عليهم كما في الشريعة الإسلامية. الشق الثالث في هذه الجريمة، هو أنها ضد الإنسانية ولذلك يجب أن تتكاتف الدول جميعاً المؤمنة بحقوق الإنسان وبالسلام والأمن الدولي في الإبلاغ وفضح المجرمين غير المتورطين مباشرة في الجريمة، إنهم ممن ينطبق عليهم الفتنة أشد من القتل، فعقابهم أشد وتوصيفهم في الإسلام أكثر شدة، إنهم مارقون خارجون من الملة، وقد قاتل الخليفة أبو بكر الصديق أمثالهم بلا هوادة في حرب الردة ويجب توصيفهم كذلك ومعهم أعوان الشر، الذين يقيمون أجهزة إعلام ومراكز أبحاث تروج للإرهاب في الدول الأخرى ويتبادلون المنافع والسمعة السيئة بتمويل وتدريب واستضافة هذه العناصر الإجرامية. ويجب على هؤلاء أن يتعظوا بالتاريخ أنه مهما كان شعورهم بالأمن تحصناً في أرضهم أو أموالهم والاحتماء في أعوانهم وحلفائهم فعليهم أن يتذكروا أنه «لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله». فإنهم ساعون بالفساد في الأرض ويجب معاقبتهم بحد الحرابة ويتكاتف الجميع لإعلان حرب شاملة عليهم وأعوانهم ومموليهم ومستضيفيهم.

لقد تقاعس علماء الدين عن الدفاع عن أستاذ جامعي مصري تضمنت أطروحته العلمية آراء لا تعجب بعض هؤلاء المتطرفين وأقاموا دعوى الحسبة ضده لتطليق زوجته بزعم أنه كافر، رغم أنه صرح علانية بأنه مسلم وزوجته شهدت بذلك، ولكن إرهاب المتطرفين المتعصبين لم يكبحه العلماء المعتدلون ولا القضاء العادل الذي حكم بتطليق الزوجة المسلمة من زوجها المسلم فهاجر مع زوجته لهولندا، وبعد عدة سنوات توفي إلى رحمة الله، ولم يتحرك علماء الدين لرد اعتبار الرجل وإبطال فتوى ذلك الذي أقام الحسبة، وإبطال حكم القضاء آنذاك. إن هذا درس لمن يعتبر أن النار إذا تركت سوف تحرق الجميع وها هي الآن تحرق أبناء وأطفال مصر من الأقباط والدور على أبناء وأطفال مصر من المسلمين وعلى الدول الأخرى، كما حدث في بريطانيا بهجرة تلك الذئاب المنفردة بل هم وحوش يجب القضاء عليهم بعمل جماعي شامل يتولاه علماء الدين والمدرسون والآباء والأمهات والإعلام، كما تتولاه أجهزة الأمن بحزم وقوة ويتولاه حماة الوطن بمثل الضربة الجوية التي قامت بها القوات المسلحة الباسلة ليظل المصريون في أمان إلى يوم القيامة، رغم كيد المتآمرين وأعوانهم الذين يؤوونهم، فالوحش إذا لم يجد فريسة سيفترس صاحبه وعلى الباغي تدور الدوائر.

وفي إطار الأمن الاحتياطي ضد المحاولات الإرهابية ينبغي على كل تجمع ديني أو سياسي أن يبلغ أجهزة الأمن بالتحرك لمكان مقدس أو مناسبة دينية. وختاماً نقول، شكراً لقيادة وشعب مملكة البحرين المبادرة في مساندة مصر ولجميع الأشقاء العرب وغيرهم الذين بادروا بإدانة الإرهاب. والعزاء للإخوة الأقباط ولكل شعب مصر لهذه الكارثة الخطيرة.