إن كانت من جهات تعيش وضعاً صعباً اليوم، ففي مقدمتها تأتي الجمهورية الإيرانية التي يحكمها خامنئي، ومن بعده تلك الكيانات الممسوخة التي تشكلت بعد تفتيت بعض الدول واقتطاع أجزاء من دول أخرى، إضافة لدول باتت من أجل تنفيذ أجندة المشروع الصفوي، توجه نيران مدافعها إلى صدور أبناء شعبها.

المخطط الإيراني يتهاوى، هذه حقيقة وإن حاول الإعلام الصفيوني إظهار العكس، عبر تركيزه على المناطق التي يستثمر فيها من خلال عملائه وطوابيره ليحولوها إلى شبيهة بالعراق الذي أثخن ومزق.

الانتخابات الإيرانية الأخيرة، تأتي لتضيف حلقة جديدة في «المسلسل الديمقراطي الصوري» الذي يخرجه خامنئي، وينفذه ممثلوه من «الكومبارس» الذين لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يخرجوا عن أمره.

الرئيس السابق أحمدي نجاد حاول أن يترشح، فماذا فعل به خامنئي؟!

هذه الحالة بحد ذاتها يجب أن تنشر على نطاق واسع، لأنها تكشف بالحرف «زيف» الادعاء الإيراني بشأن ممارسة الديمقراطية، فالرجل الذي كان يوماً من الأيام «خاتماً» في يد خامنئي، وتغيرت النظرة تجاهه حينما صدرت منه بعض التصريحات التي يعبر فيها عن رأيه كرئيس، فوصل الأمر لاختطافه من قبل مجتبى ابن خامنئي واحتجازه في قبو وتعنيفه، تخيلوا عنفه ابن خامنئي وهو رئيس دولة.

إيران داخلياً تغلي، وهذا واقع، فالكثيرون يبلعون جمراً بسبب «ديكتاتورية» خامنئي، ولو «خيروا» أو منحوا الحق في «تقرير مصيرهم» لمضى غالبيتهم لرفض الاستمرار تحت حكم «الرجل الواحد» الذي يفرض عليهم بـ«طغيان» مريع طاعته والسجود له تذللاً، كونه صوت الرب وممثله.

الأحواز لن تستقر على الإطلاق تحت هذا الحكم الجائر، ومعركة إيران القادمة ستكون بداخلها، من خلال انتفاضة الشعب المغلوب على أمره، والمحكوم بالحديد والنار، والذي مورست بحقه أشنع وأبشع انتهاكات حقوق الإنسان، ووثقت المنظمات الدولية الحقوقية أخطر الأرقام وأكبرها التي تكشف حجم الإعدامات المخيف، ونسبة القمع والإرهاب الممارس من السلطة على الشعب.

دولياً، ستعود إيران لتعيش في عزلة، بعد بصيص أمل منحه إياها سيئ الذكر باراك أوباما، إذ زمن هذا «اللاعب الفاشل» في مقدرات الحراك الدولي ليس بنفس زمن الرئيس الجديد دونالد ترامب وطاقمه المعادي بوضوح لإيران باعتبارها رأس الإرهاب الدولي.

الوضع الصعب الذي نتحدث عنه، يضع إيران في مواجهات عديدة وعلى جبهات مختلفة، أولها ضياع الفرصة الذهبية المتمثلة بمد يد الأمريكان صراحة لهم، فهيلاري كلينتون لو تغلبت على ترامب، لكانت مضت في نفس اتجاه أوباما، ولمنحت إيران صلاحيات أكثر، ولواصلت في أسلوب العمل الملتوي القائم على الغدر بالحلفاء.

بالتالي المغازلة الأمريكية انتهت، والنوم في عسل أوباما ولى إلى غير رجعة، وليس هذا وحده المؤشر القوي فقط، بل على الجهة المقابلة تقف بريطانيا برؤية مغايرة عن السابق، وبأسلوب تعامل مع دول الخليج العربي قائم على تعزيز العلاقات، وإعادة إصلاح الجسور التي تأثرت بسبب موجة «الخريف العربي»، وما ارتبط بالتعاون مع إدارة أوباما.

التحركات الخليجية المتوافقة مع التوجه الدولي لمحاربة الإرهاب، بالأخص الدواعش وتنظيمات إيران الإرهابية الأخرى وعلى رأسها «حزب الله» وفصيل الحوثيين المتمرد، كلها أمور قلبت المعادلة وأثرت بقوة على المخطط الإيراني.

لذلك ترون الآلة الإعلامية الإيرانية تعمل من جديد، بدأت مهاجمة التحالفات الخليجية والعربية، وصلت خامنئي لوضعية الساعي باستماتة لمهاجمة المملكة العربية السعودية، بل وصلت أذرعه الشيطانية وطوابير عمالته الخائنة في داخل الخليج لدرجة استهداف الوجود الأمريكي العسكري، وشتم الأمريكان وتسقيطهم، بعدما كانوا خلال فترة إدارة أوباما يمجدون الولايات المتحدة ويعتبرونها الصديقة التي تدعم ادعاءاتها بحق دولنا.

المعادلة تنقلب بشكل واضح، إيران باتت تخبص في تحركاتها، وضع الأمريكان الجديد يزعجهم، والاندفاع البريطاني للتعاون الوثيق مع دول الخليج العربي يقلقهم، وفوق كل ذلك، خطاب القوة الصادر عن دولنا بقيادة الشقيقة السعودية واضح بأنه يمضي لدفعهم إلى حد الجنون.

للنظام الإيراني نتمنى الانهيار تلو الانهيار، فبسقوطه تحل أمور عديدة، استهداف الخليج العربي سينتهي، والشعب الإيراني نفسه سيتحرر ممن نصب نفسه رباً عليهم.