على الرغم من يقين العالم بالمضار الأكيدة للتدخين حسب أحدث التقارير العلمية والطبية إلا أن الكثير من شعوب الكرة الأرضية يصرون على تناول هذا السم القاتل مع علمهم بخطورة ومضار التدخين سواء على البيئة أم الصحة العامة. وحسب آخر التقارير فقد «حذرت منظمة الصحة العالمية من أن التدخين يودي بحياة أكثر من سبعة ملايين شخص سنوياً عبر العالم داعية إلى منع الترويج للتبغ وزيادة الرسوم المفروضة على هذه المنتجات». وبمناسبة اليوم العالمي لوقف التدخين نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً يقيم الكلفة الصحية والاقتصادية للتدخين، وللمرة الأولى تأثيره على البيئة. وقالت مديرة المنظمة «مارغريت تشان» في بيان «التدخين تهديد لنا جميعاً، فهو يفاقم الفقر ويلجم الإنتاجية الاقتصادية ويدفع الأسر إلى خيارات غذائية سيئة ويلوث الجو الداخلي». ويموت سنوياً أكثر من سبعة ملايين شخص جراء التدخين في مقابل نحو أربعة ملايين في مطلع القرن الحادي والعشرين على ما تظهر الأرقام الجديدة لمنظمة الصحة الدولية. ويقضي التدخين وهو السبب الرئيس للوفيات التي يمكن تجنبها، على نصف المدخنين. وينتشر التدخين خصوصاً في صفوف الفقراء ويشكل سبباً رئيساً للتفاوت الصحي بين الأثرياء والفقراء على ما تؤكد منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى أن أكثر من 80% من الوفيات ستسجل في دول ذات دخل متدنٍّ أو متوسط بحلول العام 2030. ويشكل التدخين عبئاً اقتصادياً ثقيلاً للعالم. فهو يكلف سنوياً الأفراد والحكومات أكثر من 1400 مليار دولار على صعيد نفقات الصحة والإنتاجية الماضية أي 1.8% من إجمال الناتج المحلي العالمي.

في البحرين، اقترحت وزيرة الصحة قبل نحو شهرين إعداد تقرير سنوي متكامل عن اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين والتبغ يُرفع إلى مجلس الوزراء نهاية العام الجاري، متضمناً كل المقترحات والتوصيات والمشاريع والفعاليات والأنشطة المتعلقة بمكافحة التدخين من كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية بمملكة البحرين.

في الحقيقة ليس هنالك أصدق من الأرقام التي تؤكد حقيقة الوقائع من كذبها، فكيف إذا كانت الأرقام مشفوعة بأحدث التقارير الصحية والطبية التي تؤكد على الدوام خطورة التدخين على صحة الإنسان بشكل مباشر؟ ما يهمنا اليوم هو ضرورة محاربة هذه الآفة الخطيرة في وطننا وبين ناسنا، فقبل عامين «بلغت نسبة المدخنين في عام في البحرين ممن هم في سن الـ15 وأكثر من الذكور 48.8% مقابل 7.6% للإناث. وتبلغ نسبتهم مجتمعين 56.4%. وسجلت هذه النسبة ارتفاعاً بالمقارنة مع العام 2012 حيث كانت نسبة المدخنين من الذكور 40.1% مقابل 6.9 % للإناث. بحسب التقرير الإحصائي لمنظمة الصحة العالمية لعامي 2015 و2016».

على الدولة أن تبادر لإيجاد حلول سريعة وفعالة لتمدد هذه الظاهرة التي باتت تؤرق الجميع، كما يجب على منظمات المجتمع المدني من إيجاد صيغ عملية لوقف هذا الخطر الفتَّاك، أما الأسرة البحرينية فإنها تتحمل المسؤولية الأولى والكبرى فيما يخص منع صغارها ومراهقيها من الوقوع في فخ التدخين، فلو كانت هناك التفاتات قوية وصارمة من طرف الأسرة لخطورة هذا الأمر منذ البداية ومن ثم منعه لما رأينا هذا الكم الكبير من شبابنا وشاباتنا وهم يتجرعون هذا السم القاتل أمام أعيننا كل يوم حتى بات مشهد «التدخين» أمراً مألوفاً للجميع مع الأسف الشديد.