لا شك في أن الوسيلة الإعلامية قوة وسلاح لا يستهان بهما، يمكن من خلالها نشر توعية وتوضيح حقائق معينة أو يمكن نزع ضبابية قضية هزت الرأي العام، ولكن أن تجتمع الدراما والأغنية والإعلان حول قضية مثل الإرهاب بطلها الوحيد تنظيم الدولة «داعش»، فهو تشويه للحقائق، لا خلاف أبداً على أن تنظيم «داعش» هو تنظيم إرهابي يتستر وراء الدين الإسلامي، ولكن ليس كل مصيبة أو إرهاب أو فوضى على الكرة الأرضية أصلها «داعش»، فهناك قوائم كثيرة لمنظمات إرهابية تكونت وأثارت الفساد والفوضى واستباحت القتل من غير وجه حق قبل تنظيم «داعش» مثل «حزب الله» الإرهابي والحرس الثوري الإيراني، فلماذا لم تشملهم المسلسلات ومقاطع الأغاني والاستشهاد بهم رغم علانية إرهابهم؟

مسلسلات رمضان لهذا العام تصب في فكر واحد، وهو أن الإرهاب هو «داعش»، و«داعش» هو الإرهاب، وما من إرهاب تعاني منه المنطقة -منطقة الشرق الأوسط- غير إرهاب تنظيم «داعش»، في محاولة جادة لمسح ذاكرة الشعوب بأن التفجيرات والفوضى التي يخلفها «حزب الله»، وما يقوم به الحرس الثوري الإيراني من قتل وفوضى هو إرهاب داعشي، أيضاً زرع فكرة أن أصل الإرهاب يأتي من تنظيم «داعش»، وهذا الزيف كما قلت سابقاً هو تشويه ومغالطات واضحة للحقائق، برغم أننا نعلم جيداً بأن تنظيم «داعش» الإرهابي وصل للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لكنه وقف عند أعتاب إيران وإسرائيل ولم يتأثرا منه، والسؤال الذي يجب أن يطرح نفسه، ليس لماذا لم يطلهما؟ وإنما كيف أصبح تنظيم «داعش» المحسوب على الطائفة السنية تابعاً في الخفاء لـ«حزب الله» والحرس الثوري الإيراني؟!

مملكة البحرين من الدول التي تعاني من الإرهاب بشكل كبير ويومي، فبجانب إرهاب «حزب الله» وتنظيم «داعش» هناك «ائتلاف شباب 14 فبراير»، و«سرايا الأشتر»، و«سرايا المقاومة الشعبية»، هذه منظمات إرهابية زرعت داخل المملكة من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، راح ضحية إرهابهم الكثير من رجال الأمن، كانت لهم عوائل وأحباب وأسر يحتسبون شهادتهم وشبابهم وأرواحهم لله وللوطن، لم تسرد الدراما ومقاطع الإعلانات عن إرهاب هذه المنظمات في المملكة، فهل للإرهاب دين معين أو مذهب؟

نحن عندما نكتب عن الإرهاب لا نعني طائفة دون طائفة لإيماننا بأن الإرهاب إن حل دمر اليابس والأخضر، ودمر ديناً وشعباً واقتصاداً ولحمة، ولكن هناك من يستهدف في كتاباته ورواياته وإعلاناته عن إرهاب دون إرهاب آخر، فمتى ما استهدف تنظيم «داعش» معتقداته قامت قيامته على «داعش»، ومتى ما استهدف «حزب الله» أو المنظمات الإرهابية التابعة للنظام الإيراني مملكتنا الغالية تجف الأقلام عن الكتابة، وتصمت الحناجر على أبسط الاستنكار، تباح الدماء والأرواح من غير إنسانية، فقط لأنها لا تساير معتقداتهم، دائماً ما يردد الفنان -الممثل والمغني- بأنه يؤدي دوراً مهماً في مجتمعه لا يقل أبداً عن أدوار الآخرين، فالرسالة المجتمعية التي ينشرها تعكس جوانبها الإيجابية أو السلبية على المجتمع، لذلك عليهم أن يعوا ما وراء رسالتهم الفنية وأغنياتهم التي يتغنون بها وألا ينساقوا وفقاً لأهداف هادمة، أو أن يمسحوا حقيقة واضحة، فوراءهم جمهور كبير يتبعهم ويقلدهم فرفقاً بعقول الشباب والمراهقين، ورفقاً بتاريخ الوطن، فما تتعرض له المملكة والمنطقة من إرهاب ليس إرهاب «داعش» فقط وإنما إرهاب منظمات كثيرة سبقت تنظيم «داعش» بكثير.