«1» رمضان لا يمهلنا كثيراً لنلتقط أنفاسنا فيه لنؤدي حقه علينا.. فسرعة انقضاء الأيام والأعمار لا تمهلنا كثيراً لنقوم بواجبات كثيرة تلقى على أعتاقنا في زحمة الحياة.. وخير طريق للخروج من مأزق تلك الضائقة إنما يكون بالمبادرة السريعة لصالح الأعمال، وإعمار الأوقات بطاعة الرحمن.. أيام رمضان تنقضي سريعاً.. فلا تهدر أوقاتك فيما لا يرضي الكريم المنان.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر» رواه الترمذي.

«2» من بركات رمضان أنك تحظى بلقاء أحباب لك أبعدتهم ظروف الحياة وقسوتها من اللقاء بك والاستمتاع باستذكار ذكريات الماضي الجميل الذي جمعتك بهم.. جميل أن تلقاهم على ضفاف شهر الخير تجدد معهم أواصر المحبة والأخوة التي فترت منذ زمن.. والأجمل أن تجدهم يسرعون الخطى للقائك حتى يظفروا بالأجر.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضاً، أو زار أخاً له في الله، ناداه منادٍ: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً».

«3» تتألم عندما تخلو ليالي رمضان الجميلة من آباء وأمهات وأحباب ارتوت حياتك من أريج محبتهم.. لقد افتقدت طلتهم وإشراقة وجوههم.. ولكن ما يخفف عنك لوعة ذلك الغياب أنك تذكرهم في دعواتك في جوف الليل الأخير، وتتبتل إلى المولى الكريم أن يجمعك بهم في مستقر رحمته.. رمضان يحلو بلقاء الأحباب.. فاجمعوا من تحبون على مائدته واستمتعوا بكل لحظاتكم معهم.. فإن ساعة الرحيل إذا حانت لا ينفع معها الندم.

«4» لمحت من بعيد ابتسامة الرجل المسن المحتاج، وهو يحمل مساعدة من إحدى المؤسسات.. هي مساعدة بسيطة ولكنها تعني عنده الكثير، ولعل البعض منا يستثقل تمرة صغيرة يضعها في فم مسكين «اتقوا النار ولو بشق تمرة».. فحاولوا أن ترسموا بسمة الخير على وجوه كل من تلقونه.. فما أروع رسم الابتسامة على وجوه المحتاجين والمعسرين في هذا الشهر الكريم..

«5» عندما تفقد اتصالك بمن يرفض أن يفهمك بالصورة السليمة، أو يرفض أن يتفهم أسلوب حياتك الذي عاشه معك منذ سنوات طويلة.. فإنك حينها ستكون مضطراً لتغيير نمط حياتك وأسلوب تعاملك معه حتى لا تتأثر سعادة حياتك بالعقم الحياتي الذي يبادلك به الطرف الآخر.. ملزم أن تغير العديد من الأساليب التي تتعامل بها، حتى تعيش بسعادة وتبتعد عن بساط التذبذبات الحياتية.. لا تستطيع أن تقنع كل من تتعامل معه بأسلوب حياتك، لأن كل واحد يقتنع بأسلوب معين يعيش به.. فكن فارساً تتبدل سرعته كلما تمرن كثيراً، والتزم بضوابط تخفف عنك الضجر والسآمة.

«6» كتب له هذه الرسالة بعد انقطاع طويل: «أخي الحبيب.. اشتقت للقياك كثيراً، فقد أبعدتنا أحوال الدنيا عن اللقيا وتبادل شجونها، وبت أبحث في ذاكرة الزمان عن تلك الأطياف التي جمعتنا في فترات متعاقبة من الزمن، كنت من خلالها أرتشف من معين الخير ما يقربني إلى المولى الكريم.. كنت فيها كمثل البلبل الغناء يترنم بألحان المحبة يأسر القلوب بألحانه الشجية.. لا تستغرب عندما أعاود كتابة هذه السطور، وأعاود عناق محبتك التي لطالما اشتقت إليها في زمن ما، وها أنا اليوم أشتاق إليها من جديد حتى أستظل بها معك تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة».

«7» هم يعتقدون أنك مصر على انتقاد أسلوب حياتهم، ومصر على انتقاد واقع حالهم، ومصر على أن تتدخل في تفاصيل حياتهم.. هم يعتقدون أنك قد لا تؤدي واجبك كما يريدون، وخرجت عن الأسلوب الأمثل لمعالجة الأمور.. لعمري أنهم لم يعرفوك بعد، ولم يعرفوا ذلك الحب المكنون في قلبك النابض لهم.. لم يعرفوا سعة قلبك وطيبته، وحبك لهم الذي جعلك تراهم الصورة الأجمل في حياتك.. لذا حرصت أن تلونها بألوان السعادة، وبخبرات الحياة التي جعلتك تهتم بهم دون غيرهم.. فمن يحبك يحرص على نصحك.. فقط تتوق نفسه للتقدير والفهم الصحيح حتى يقوى وثاق الوصال والود.

لم يكن يريد أن يكون مثل ذلك الثعلب المكار الذي يتحين الفرص السانحة لكي ينقض على فريسته ليلتهمها، أو ينهش في جسدها ويقطع أحشاءها.. لم يفكر لحظة واحدة أن يتحول إلى الوحش الكاسر الذي يهاب من ظلاله الجميع.. فرقة قلبه وشخصيته الفريدة، وحبه للخير علمته أن يكون القلب المفتوح الذي يحتضن الجميع.. ولكن لربما احتاج في بعض الأحيان إلى أن يتقمص مثل تلك الشخصيات المزعجة، وأن يلبس رداء الشدة حتى يستطيع أن يتعامل بأريحية مع مختلف مواقف الحياة، لأنه باختصار أيقن بعد مراحل عمرية متباينة أن شخوص الحياة إنما هم أمزجة متفاوتة، تتطلب أن تكون معها حذراً مستعداً لمواجهة معاركها الحياتية..

«8» تسعى بعض الأقلام المأجورة أن تنال من أمن وطني وأمن خليجنا الواحد، ويسعى البعض لكي يصطاد في الماء العكر، ويحقق مآربه الدنيئة في تفتيت وحدة الشعب وانسجام أهدافه.. تزعج بالفعل تلك التصرفات الرعناء التي هي جزء لا يتجزأ من المخطط الصهيوني لتقويض أمن الخليج واستقراره ورخاء شعبه. اللهم احفظ بلادنا الحبيبة وخليجنا من كيد الكائدين وشر الحاقدين، وأدم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.

«9» ابتعد عن الدخول في متاهات تفاصيل الأمور حتى لا تزعج نفسك كثيراً، وترهقها في أمور لا تعود عليك بالنفع والفائدة.

* ومضة أمل:

كم أحبك يا رمضان.. أمهلني قليلاً.. حتى لا تمر علي أي لحظة من لحظاتك دون أن أستفيد بها في الارتقاء بروحانية نفسي.. والتي هي بالأمس.. فاترة جداً.. أمهلني فأيامك السعيدة تسعدني وتبعدني عن ضير الأيام.