لا نعرف ونحن قد دخلنا القرن الـ21 كيف تقوم بعض الأسر برمي أطفالها في الشوارع دون أدنى حياء أو مسؤولية، تاركة عبء تربيتهم على من يتلقفهم في الشارع. لا يعقل في ظل هذا الجيل المتعلم أنك لاتزال تشاهد الأطفال يهيمون على وجوههم في الشوارع وقت الظهيرة وبعد الليل دون معرفة أهاليهم أين يذهب صغارهم؟ ومع من يقضون أوقات فراغهم؟ وكيف يعيشون حياتهم؟

مَشاهد من هذا النوع المؤلم نشاهدها في كل مكان خصوصاً في بعض القرى والأحياء السكنية الجديدة، حيث نلاحظ الأطفال الصغار جداً وهم يتجولون بمفردهم وسط الأحياء وبين الأزقة، ولربما من حقنا أن نتساءل: أين أهاليهم؟ وهل يعلمون بخروج صغارهم من بيوتهم؟ فإن كانوا لا يعلمون فهذه مصيبة، وإن كانوا يعلمون فالمصيبة أعظم. قبل أيام شاهدتُ بأم عيني مجموعة من الصغار لا تتجاوز أعمارهم الـ8 أعوام وهم يحملون معهم حجارة كبيرة يحاولون إدخالها إلى حديقة عامة للأطفال، ثم قاموا بعد ذلك برمي الحجارة على المنشآت الرئيسة في الحديقة من أجل إتلافها وتكسيرها، هذا ناهيك عن سيرهم في الطرقات بمفردهم في كل الأوقات، وفي حال مشاهدتنا لهؤلاء الصغار بشكل يومي فهذا يعني أن الأم مشغولة عنهم بأمورها الخاصة والأب «راقد في العسل»!

الأب، لا يعلم عن صغيره أي شيء، لا يعلم أين يذهب ومن يرافق وماذا يأكل. ربما يستطيع معرفة بعض المعلومات المهمة عنه في حالة واحدة فقط، وهو أن يتلقى اتصالاً من الجهات الأمنية يخبرونه فيه أن يأتي إلى مركز الشرطة لمعرفة ما قام به ابنه المرمِي في الشارع من قضايا مخالفة للأخلاق والقانون، تخبره الشرطة مثلاً أنه تم القبض على طفله الصغير وهو يسرق أو يتعاطى المخدرات أو في أسوأ الحالات يعلنون حقيقة انضمامه لمنظمات إرهابية خطيرة، وفي كل الحالات يكون المُلامان الحقيقيان هما الأب والأم.

في الدول المتقدمة حين يتم القبض على الصغير الخارج على القانون يقدم الأب المهمل في تربيته لصغاره بهذه الصورة للمحاكمة وكذلك الأم، فهما السبب الرئيس في ضياع هذا الصغير، ولهذا فمن الضروري مراجعة بعض القوانين المحلية التي تتعلق بالتربية وجرائم الأحداث بما يعود إليه سبب انحرافهم ومخالفتهم القانون لسوء سلوك الوالدين وإهمالهما الشديد.

نحن ننصح كل أب أو أم أن يلتفتا لصغارهما وأن يقوما بمراقبتهم في كل الأوقات وتحت كل الظروف، فهذا «زمن صعب» والتربية فيه أصعب، فلا الاستهتار التربوي يبني أسرة فاضلة ولا غياب دور الوالدين يعطي المناعة للصغار أن يتجنبوا فوضى الحياة المعاصرة أو أن يشقوا طريقهم للعطاء والبناء بشكل مريح. أيها الآباء والأمهات، إما أن تحسنوا تربية أطفالكم أو ننصحكم بعدم الإنجاب إذا لم يكن لديكم الوقت الكافي للتربية.