لكل منا عيوبه ونقاط ضعفه الظاهرة منها والباطنة، والتي يعرفها وموقن بها، ولكنه قد يتأخر كثيراً في علاجها ومقاومتها فتتمكن منه وتسيطر على كيانه، فيحينها لن يقوى إطلاقاً على معالجتها والتخلص منها.. لكل منا هفواته وزلاته التي يعترف بها داخل نفسه، وعليه حينها ألا يستسلم لحبائلها بل يقاومها على الدوام ويحرص على صبغ حياته بصبغات التفاؤل حتى لا يقع فريسة سهلة لأشواكها.

من هنا فإن الواجب على كل ذي لب أن يتفقد قلبه بين الفينة والأخرى، ويراجع حساباته مع نفسه، ويراجع معايبه ونواقص نفسه وهفوات حياته، لأن ميدان الحياة لا يعطيك الفرصة الأخرى بعد مرور الأولى، فاغتنم فرصتك الأولى في التغيير والتصويب والقضاء على السوس الذي ينخر في نفسك دون أن تحس به.. بالفعل أنت تحتاج إلى أن تتدارك الحياة وتعالج كل نقيصة لديك ونقاط الضعف لأنك لن تضمن أن تعيش بعد اليوم بل بعد هذه اللحظة.

يحدثني أحد المشايخ في إحدى الدول عن أخيه وهو استشاري العناية المركزة، بأنه قد استأذنهم في يوم ما للذهاب إلى المستشفى بعد أن تلقى اتصالاً من الطوارئ يخبره بأن هناك حالة مستعجلة تلتقط أنفاسها الأخيرة في العناية المركزة، وبالفعل ذهب إلى المستشفى وحاول ما في وسعه لإنقاذ حياة ذلك المريض، وبالفعل نجحت محاولاته بفضل الله تعالى في إنقاذ هذا المريض.. ثم عاد إلى المنزل.. وكانت المفاجأة.. أسلمت روحه إلى المولى الكريم بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة!! سبحان الله الكريم.. ذهب لإنقاذ حياة المريض.. ثم حان أجله بلا مرض! هكذا هي حياة الإنسان، وهكذا هو الموت لا يمهلك أبداً، ولا يمنحك فرصة أخرى لبذل المزيد في حياتك.

لذا دعونا من خلال معايشتنا لهذه الأيام الفضيلة ونحن نلتقط أنفاسنا فيها، أن نعالج مواطن الخلل في نفوسنا، ونقاوم أمراض قلوبنا التي لا يعلمها إلا المولى الكريم.. دعونا نغسل أرواحنا استعداداً ليوم الرحيل، وليراجع كل واحد منا نفسه.. ما هي نقاط ضعفي التي أبعدتني عن ربي؟ ولنستثمر كل لحظة في طاعة المولى الكريم، ونسارع إلى إيقاظ نفوسنا من رقادها قبل فوات الأوان.

إشراقة:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم". فاحرص على تنقية قلبك من الشوائب، ولتكن خبيئتك مع المولى الكريم من عظائم الأمور التي تشفع لك في دخول الجنة.