تصر قطر على التعامل مع قضايا المنطقة بازدواجية، فهي في العلن توافق على القرارات وتوقع عليها بينما تفعل العكس في السر.. وكان المثال الأبرز على ذلك خرقها للمواثيق والاتفاقيات التي توقع عليها، ومن نماذج ذلك اتفاق الرياض الذي جاء في بيان مشترك لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي عقب اجتماعهم في العاصمة السعودية الرياض عام 2014، وكذلك إعلان الرياض مايو 2017 الذي أعقب قمماً تاريخية عقدت في المملكة العربية السعودية الشقيقة بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعدد من الدول العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

بعد العديد من التجاوزات الخطيرة من جانب قطر التي سبقت اتفاق الرياض وأغضبت دول مجلس التعاون الخليجي حتى اضطرت لسحب سفرائها من الدوحة عام 2013، وقعت قطر على اتفاق الرياض، الذي طالبها بعدد من الالتزامات حماية لأمن الخليج العربي وأمن المنطقة. وفيما يلي تلك البنود وكيف اخترقتها قطر عمداً:

البند الأول هو “التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول الخليج والدول الأخرى، من خلال دعم جماعات وفئات المعارضة ماديًا أو إعلاميًا من قبل مؤسسات رسمية أو مجتمعية أو أفراد، وإيواء أو استقبال أو تشجيع أو دعم أو جعل الدولة منطلقاً لأنشطة مواطني دول المجلس أو غيرهم ممن تثبت معارضتهم لأي من دول المجلس”. بعد أن تسببت الممارسات القطرية في حدوث اضطرابات في العديد من الدول الخليجية والعربية عن طريق دعمها للانقلابيين والجماعات الإرهابية وأنصار إيران في المنطقة.


ولكن للأسف الشديد لم تلتزم قطر بذلك البند، بل ظلت تتدخل بشكل معلن وخفي في الشؤون الداخلية للدول الخليجية بعد اتفاق الرياض وحتى الآن. سواء بالدعم المادي لجماعات معارضة تنتهج سياسات وأعمال إرهابية ضد دول الخليج، أو بالدعم الإعلامي من خلال توفير منصة لهذه التنظيمات لبث سمومها نحو الخليج، في وقت تشهد المنطقة العديد من الاضطرابات وتعاني من تغول الجماعات المتطرفة والإرهاب مما يعني عدم إدراك قطر لعواقب هذه التصرفات الخرقاء على أمن المنطقة ومنها أمن الشعب القطري الشقيق.

وأما البند الثاني فهو ”الالتزام بعدم إساءة القنوات الإعلامية المملوكة أو المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل أي دولة من دول المجلس لأي من دول المجلس".

ولم تلتزم قطر بهذا البند حيث ظلت قناة الجزيرة في توجيه سمومها لدول المجلس والدول العربية الشقيقة، والتحريض والتلفيق، ودعم أعداء الأمة. ليس هذا فحسب بل أطلقت قطر قنوات ومواقع إخبارية قطرية خارج حدودها بمسميات مختلفة لمهاجمة دول مجلس التعاون الخليجي بضراوة، وأغدقت عليها الأموال حتى تحولت كل منها لنموذج مستنسخ من قناة الجزيرة في أسلوب به الكثير من الخديعة والتضليل، وليس أدل على ذلك من إطلاق موقع باللغة الإنجليزية من لندن يديره موظف سابق في الجزيرة ويواصل الهجوم على السعودية والإمارات.

كما اطلقت قناة العربي التي يرأسها عضو الكنيست الإسرائيلي السابق مستشار أمير قطر عزمي بشاره ومواقع منها العربي الجديد والخليج الجديد، وهي كلها مواقع ممولة تمويلا كاملا من دولة قطر للهجوم على الدول الخليجية في أسلوب احتيالي مقيت.

فيما ينص البند الثالث على ضرورة “الالتزام بالتوجه السياسي لدول المجلس، وعدم دعم جهات وتيارات تمثل خطورة على دول المجلس، إضافة إلى منع المنظمات والتنظيمات والأحزاب التي تستهدف دول المجلس أو توفير موطئ قدم لها في الدولة أو جعلها منطلقاً لأنشطتها المعادية لدول المجلس”.

ولكن قطر استمرت في دعم تيارات معادية لدول المجلس والدول العربية وفي مقدمتها الحوثيون الانقلابيون في اليمن الذين يحاولون زعزعة الاستقرار والأمن في المملكة العربية السعودية بدعم من إيران، وكذلك حزب الله الإرهابي الذي قام بتدريب تنظيمات إرهابية للعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين وباقي دول الخليج ما عدا قطر بالطبع.

وفي ليبيا، لم يتوقف الدعم المباشر وغير المباشر لجماعات متطرفة وإرهابية، أما في مصر فقد زادت العمليات الإرهابية التي تتهم السلطات المصرية قطر بدعمها.

كذلك دعمت قطر «الحشد الشعبي» الذراع العسكرية الإيرانية الطائفية في العراق، والذي أشعل الفتنة الطائفية هناك حيث نقلت قناة «الجزيرة» القطرية على شاشاتها، تصريحاً لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، الذي قال إن قوات الحشد ستلاحق تنظيم داعش وتواجهه على أرض المعركة أينما يكون حتى لو في «الرياض»، على حسب تعبيره الذي نقلته «الجزيرة».

ويؤكد البند الرابع على ”عدم دعم الإخوان المسلمين ماديًا وإعلاميًا في دول المجلس وخارجه، والموافقة على خروج الإخوان من غير المواطنين خلال مدة يتفق عليها”.

بينما استمرت قطر في دعم تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ووفرت لعناصره الملجأ والمأوى وفتحت له منابرها الإعلامية، كما دعمت تيار الإصلاح التابع للإخوان المسلمين في اليمن. هذا بالإضافة إلى فتح عدد من المواقع والقنوات الإعلامية للإخوان في خارج قطر. ولم تلتزم قطر بإخراج عناصر تنظيم الإخوان منها وفي ذلك إصرار على دعم تنظيم تم تصنيفه كمنظمة إرهابية في عدد من الدول العربية.

كذلك خرقت قطر الاتفاق الذي طالب بعدم السماح لرموز دينية في قطر باستخدام منابر المساجد ووسائل الإعلام القطرية المختلفة، للتحريض ضد دول مجلس التعاون، إذ استمرت في استخدام منابر المساجد لتفتيت الوحدة الخليجية وضرب الوحدة العربية أيضا.

ويذكر في البند الخامس “إغلاق أي أكاديميات أو مؤسسات أو مراكز تسعى إلى تدريب وتأهيل الأفراد من دول المجلس ضد حكوماتهم، وعدم دعم مجموعات وجماعات خارجية تمثل تهديدًا لأمن واستقرار دول المجلس سواء في اليمن أو سوريا أو غيرها من مواقع الفتنة”.

واحتضنت قطر عدداً من الأكاديميات والمؤسسات التي تدعم الفوضى والاضطرابات في المنطقة بشرط ألا تتناول الشأن القطري، ومن أخطرها أكاديمية التغيير التي تحتوي برامج ودورات نظرية وتدريبات عملية على الثورات والتمرد والمظاهرات وأعمال الشغب، واستهدفت هذه المؤسسة الشباب الخليجي، والسعوديين بالذات، لإغرائهم بكل الوسائل لتلقي هذه البرامج، والتي تجعل من المتدرب أداة لزعزعة الاستقرار ونسف الأمن وإثارة الشغب في بلده، وكانت قطر تحاول أن توصل رسالة للمتدربين بأنها هي قطب الرحى للتغيير في الخليج.

كما قامت قطر بإنشاء ودعم منظمة «كرامة»؛ هذه المنظمة التي لا شغل لها إلا تقصي أخطاء دول الخليج عدا قطر، بل ومعظم الأوقات اختلاق افتراءات عن دول الخليج، خصوصاً الإمارات والسعودية، بهدف تشويه صورة تلك الدول وسمعتها في الداخل والخارج عبر تنظيم ندوات تحت ستار الحديث عن حقوق الإنسان في تلك الدول، ودفع أموال للبعض لتنظيم مظاهرات واحتجاجات مناهضة لدول خليجية في عدد من الدول الأوروبية المختلفة.

وجاء في البند السادس: “عدم تجنيس مواطني أي من دول المجلس”، ولم تلتزم قطر بهذا البند حيث تواصل قطر تجنيس أفراد بعض العوائل البحرينية والخليجية من خلال إغرائهم بالحصول على بعض المزايا، حيث خصت عوائل محددة وفئة من دون الفئات الأخرى وذلك من غير مراعاة القوانين المنظمة لذلك في مملكة البحرين، مما ينعكس سلباً على أمن المملكة ومصالحها الوطنية العليا.

وقد قامت قطر بذلك بدون داع، حيث إن الاتفاقيات العديدة المبرمة في إطار مجلس التعاون الخليجي، تتيح لمواطني دول المجلس الكثير من المزايا منها الحق في العمل والتملك والتنقل بين دول المجلس، ما يعني عدم الحاجة لتجنيس أي مواطن من دولة خليجية في دولة أخرى.

ومن الاستعراض السابق يتبين أن قطر لم تنفذ أي بند من بنود اتفاق الرياض، بل على العكس هي حاولت الالتفاف عليه، رغم تحذيرات متتالية ونصائح من مملكة البحرين وباقي دول مجلس التعاون الخليجي لها بالعودة إلى جادة الصواب دون جدوى.

ومن النماذج الأخرى على عدم وفاء قطر بالتزاماتها وخرقها للمعاهدات الإقليمية والدولية التي توقع عليها خرقها «إعلان الرياض» بعد أيام فقط على توقيعه، هذا الإعلان الذي أعقب قمما تاريخية في الرياض شهدت موقفا جماعيا واضحاً عربياً إسلامياً أمريكيا تجاه التدخلات الإيرانية ومشاريعها التقسيمية في المنطقة. كما شهدت موقفاً حازماً تجاه الإرهاب وداعميه، واتخذت قرارًا صارمًا بعزل إيران باعتبارها رأس حربة الإرهاب في المنطقة والعالم، إلا أن قطر خرجت عن الإجماع العربي والإسلامي والدولي، إذ فاجأ أمير قطر الجميع عقب قمة الرياض مباشرة، بتصريحات داعمة لإيران وأعلن دعمه للإخوان وحزب الله الإرهابي. رغم أن أمير قطر كان حاضرًا في قمم الرياض، فإلى متى تستمر قطر في نقضها للعهود والمواثيق التي توقع عليها.

لقد مارست الدول العربية التي قطعت العلاقات مع قطر ضبط النفس طويلاً تجاه النظام القطري، لكن التحرك كان حتميًا ولابد منه الآن؛ لأن قطر أصبحت خطرا على الأمن القومي الخليجي والعربي, فالقرار بقطع العلاقات يؤكد أن الدول العربية رأت أن قطر تسير في الطريق الخاطئ؛ لذلك وجب عقابها ومن ثمَّ ردعها.

لقد حرصت قطر خلال السنوات الأخيرة على اتخاذ سياسة متناقضة عن سياسات دول مجلس التعاون الخليجي، وقد كان لها في هذا الصدد بصمات كارثية على عدد من الدول العربية, حيث ثبت تورطها الواضح في دعم جماعات إرهابية، مثل: جماعة "الإخوان" المسلمين, وتنظيم جبهة "فتح الشام" في سوريا "النصرة سابقا"، ومجموعات قاعدية أخرى في ليبيا كـ"ثوار بنغازي"، و"أنصار الشريعة"، وقد أدى هذا إلى هز استقرار المنطقة وتدمير عدد من دولها.

إن القرارات التي تم اتخاذها من قبل مملكة البحرين وشقيقاتها في دول الخليج والدول العربية والدولية كانت نتيجة حتمية لممارسات قطر، وليس الهدف منها عقاب الشعب القطري، بقدر ما هي تصب في مصلحته، وحفاظا على قطر الشقيقة باعتبار العواقب الوخيمة التي تترتب على استمرار قيادتها بدعم الجماعات والمنظمات الإرهابية وتحالفها مع إيران راعية الإرهاب في المنطقة.