يقول المولى تعالى: "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعونِ، لعلي أعمل صالحاً فيما تركت". يقول الشيخ محمد راتب النابلسي: "إن العمل الصالح لك كالهواء، إن لم تستنشقه تنتهي حياتك. وإن سر مجيئك إلى الدنيا وعلة وجودك فيها العمل الصالح، فالدنيا مزرعة الآخرة، وتهيئة وإعداد للآخرة. فالدنيا كلها من أجل أن تعمل صالحاً يؤهلك للجنة التي وعدك الله بها. والإمام الفضيل يقول: (الله عز وجل لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً وصواباً). فالخالص من ابتغي به وجه الله، والصواب ما وافق السنة".

عند تغيب عن أذهاننا مفهوم علة وجودنا في هذه الدنيا، فإن أيامنا ستكون متشابهة في أحوالها، وساعات وجودنا سنقضيها في أحوال الدنيا التي يتشابه فيها الجميع.. فعمل ثم بيت وسهر ونوم ثم صباح يوم جديد يتلوه نهاية الأسبوع ثم شهر وسنة ثم سنين تطوى، ثم عقد يمر من أعمارنا، ثم تكون ساعة الرحيل.. حينها ينتهي العمل الصالح.. "رب ارجعونِ لعلي أعمل صالحا فيما تركت".. فيا ترى هل ننتظر هذه الساعة عندما تنتهي مهمتنا في الحياة وفي خلافة الأرض بالعمل الصالح.. يا الله لطفك بنا.. ازدادت غفلتنا وغرقنا في بحور الآثام، وتعلقنا بدنيا زائلة، وأضحت حياتنا لهث وراء أحوالها.

لكل من يقرأ كلماتي، لننتبه لحياتنا قبل فوات الأوان، ولنقضِ كل الأوقات في الأعمال الصالحة، لأننا لن نستطيع العيش بدونها، وإلا ستضحى حياتنا كلها ركوداً وعبثاً وأعمالنا فيها هباء منثوراً.. ركز في حياتك واستشعر بركات العمل الصالح وثماره، فإنك كلما ازددت من أعمالك الصالحة، كلما رفع قدرك عند المليك الديان. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة". وإنك كلما استشعرت بركة أعمال الخير التي تقوم بها فإنك بذلك أصبت الهدف المرجو، وأجملها ما تقوم به مع أهل بيتك.. يقول عليه الصلاة والسلام: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في في امرأتك".

إشراقة:

إن من أهم معينات العمل الصالح زوجك وصحبتك فهم من تهتدي بهم في دروب الحياة.. وهم من يشدون من أزرك ويمسكون بيدك لتواصل خطواتك الرائعة في ميدان الخير وبثبات، حتى تلقى الله على خير تبعث به يوم القيامة. اللهم إنا نسألك عملاً صالحاً يقربنا إليك، ونسألك أن تختم لنا به حياتنا بخاتمة حسنة.