أي دولة تريد ضمان أمنها القومي وحماية شعوبها، عليها حين تطبق قوانينها ألا تكترث لـ«جعجعة» كثير من تلك الجمعيات والمؤسسات، عليها أن «تمزق» كل شيء يرتبط معها من قوانين واتفاقات وغيره، فالأمن الداخلي هو الأهم

ليس الكلام أعلاه لي، بل لرئيسة وزراء بريطانيا المتوقع أن تستمر في موقعها بعد نتيجة الانتخابات، السيدة القوية تيريزا ماي.

للمرة الثانية في بريطانيا نسمع كلاماً قوياً في شأن محاربة الإرهاب، يقرنه صاحبه «رئيس الوزراء» بوضع حد للتعامل مع جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان.

المرة الأولى كانت في السادس من أغسطس عام 2011، حينما قال رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، بأنه لن يسمح لأية اتهامات زائفة «Phony Accusations» بأن تمنعه من إعادة استتباب الأمن في لندن ومحاسبة الإرهابيين.

واليوم نرى تصريحات لتيريزا ماي بعد موجة من العمليات الإرهابية المتزايدة ضربت المملكة المتحدة، وحولت إحدى أهم العواصم الأوروبية المستقطبة للسياح والاستثمارات، حولتها لمنطقة غير آمنة، نراها في تصريحات تقول بكل وضوح أنها «ستمزق» قوانين حقوق الإنسان في بلادها من أجل محاربة الإرهاب.

رئيسة وزراء بريطانيا قالت بأنه إن كانت قوانين حقوق الإنسان في بريطانيا تمنعهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة لردع الإرهابيين والتصدي لهم، فإنها ستعمد إلى تغيير تلك القوانين، حتى تتمكن بريطانيا من «دحر» الإرهاب، والتصدي للإرهابيين، دون أية قيود أو معوقات.

بل تعهدت بأنها لو انتخبت كرئيس للوزراء يوم الخميس، فإنها ستعمل وفق هذه الآلية منذ يوم الجمعة، أي اليوم الذي يليه.

لنر ماذا تريد تيريزا ماي فعله من أجل المحافظة على أمن بلادها، ولمحاربة الإرهابيين.

هي خطوات تتشابه مع ما فعله سلفها ديفيد كاميرون، والذي تكمل هي فترته بعد استقالته، خطوات تركز على إنفاذ القانون بلا تهاون، إن تعلقت المسائل بالأمن القومي، وعدم التأثر بأية تصريحات تصدر أو بيانات تطلقها جمعيات حقوق الإنسان، خاصة وأن الأخيرة دائماً ما تنسى حقوق الضحايا وتدافع عن حقوق المجرمين.

تيريزا ماي ستعمل على تحقيق التالي:

• «ستمزق» قوانين حقوق الإنسان في بلادها من أجل محاربة الإرهاب.

• الترحيل وفرض القيود على تحركات «من يشتبه» بأنهم متشددون، حتى دون توافر أدلة كافية لمحاكمتهم.

• التأكيد بأن أجهزة الشرطة والأمن والاستخبارات لديها ما يكفي من الصلاحيات.

• صلاحيات إصدار أحكام بالسجن لمدة أطول على الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم إرهابية.

• تسهيل قيام السلطات بترحيل المشتبه فيهم من الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم.

كل ما قالته ماي وأكدت عليه، يعتبر حقاً أصيلاً لبريطانيا كدولة ذات سيادة، مسؤوليتها ضمان أمنها الداخلي وحماية شعبها والمقيمين فيها، وكذلك حقها أن ترفض أية إملاءات باسم حقوق الإنسان، أو بناء سياساتها وفق ما تقول جمعيات حقوق الإنسان، إذ لا يمكن القبول إطلاقاً التغاضي عن إرهابيين ومجرمين ومحرضين وجمعيات تمارس العنف وتقلق الأمن الداخلي، فقط لأن جمعية ما، أو «هيومن رايتس» كتبت تقريراً تستخدم فيه لغة «نطالب» و«يجب» و«لا يحق» وتوجهه للدول التي تحارب الإرهاب.

والنقطة الهامة التي أشارت لها رئيسة وزراء بريطانيا، ترحيل المشتبه بهم إلى بلدانهم، طبعاً هذا يختلف عن الحكم على المدانين من جنسيات أخرى، ما يفرض التساؤل هنا حول آلية التعامل التي ستطبق مع من «تحصلوا» على حق اللجوء من حاصلين على الجنسية أو متقدمين لها، هل سنشهد طرداً لهم من بريطانيا وتسليمهم لبلدانهم، خاصة وأن هناك منهم مطلوبين عبر «الإنتربول» الدولي؟! وهل بعضهم سيجردون من جنسياتهم بسبب ممارستهم للإرهاب ضد دول صديقة لبريطانيا كانوا يحملون جنسيتها، وقيامهم بأعمال تخرق القوانين، وقطع الطرقات بحق شخصيات خليجية وغيرها؟!

بريطانيا وغيرها من الدول بدأت تستوعب أن ظاهرة جمعيات «حقوق الإنسان» خاصة تلك التي تهرع للدفاع عن الإرهابيين والمحرضين وجماعات التطرف، هي تشكل الأرضية والأساس الذي ينطلق منه هؤلاء المخربون.

بالتالي، أي دولة تريد ضمان أمنها القومي وحماية شعوبها، عليها حين تطبق قوانينها ألا تكترث لـ«جعجعة» كثير من تلك الجمعيات والمؤسسات، عليها أن «تمزق» كل شيء يرتبط معها من قوانين واتفاقات وغيره، فالأمن الداخلي هو الأهم، وما تفعله تلك الجهات ليس سوى «توفير حماية» و«تأمين غطاء» و«خلق تبريرات» تحمي بها الإرهابي من القانون.