دول الخليج العربي لديها تشريعات حازمة في مسألة التعامل مع الخلايا الإرهابية، لكن هناك حاجة للعمل أكثر في هذا الجانب، والأهم تطبيق القوانين وتفعيل بنودها دون تردد، كما هناك حاجة للحزم مع بعض رجال الدين الذين تخلوا عن هذه المسؤولية، وبدلاً من توعية الشباب أخذوا يغررون بهم ويشجعونهم على فعل ما لا يرضونه على أبنائهم، ولنا في التغرير بالشباب لسوريا خير مثال، ولنا كذلك في التغرير بالشباب في البحرين والسعودية بالخروج في الشوارع وممارسة الأعمال الإرهابية خير مثال على ظاهرة «يقولون ما لا يفعلون ويحرضون أبناء غيرهم ما لا على أبنائهم يرضون!».

وزير خارجية السعودية عادل الجبير، خلال ملتقى مغردون 2017 الذي نظمته مؤسسة الأمير محمد بن سلمان «مسك الخيرية»، بين أن السعودية ودول الخليج العربي تتجه نحو تجفيف مصادر تمويل الإرهاب والتطرف، وأنه تم فرض رقابة على البنوك والمؤسسات المالية لمنع إيصال الأموال للإرهابيين، ومسألة التعامل مع التطرف مسألة وقت، فالتعامل مع الإرهابيين عمل أمني بحت لكنه لا يقضي على الإرهاب.

التجربة الأمنية في مملكة البحرين، وبعد ما يقارب السبع سنوات، خير شاهد على أن التعامل الأمني لوحده لا يقضي على الإرهاب، إنما هناك عمل كبير يجب القيام به وإيجاد خارطة طريق للتحرك عليه من خلال وضع استراتيجية تتحرك عليها جميع المؤسسات التعليمية والجامعات وأولياء الأمور ورجال الدين ووسائل الإعلام، بل حتى الحسابات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تتجه نحو هذا النهج حتى يتم القضاء على الإرهاب.

الجبير أشار أيضاً إلى نقطة في غاية الأهمية، حينما قال «انتقدت السعودية بدعوى دعم تلك المؤسسات المتطرفة، لكننا قلنا لهم أظهروا لنا أدلتكم فهناك الكثير من الأقاويل، لكن الأدلة غائبة ومجلس الشيوخ الأمريكي وجد أن هناك أقل من 1% من الأموال التي تدعم تلك المؤسسات تأتي من الخليج لكن جل الأموال تأتي من أفريقيا، في حين الاتهام كان منصباً علينا بل يقولون التمويل يأتي من السعودية والخليج، والرواية أصبحت واقعاً، كما هناك تناقض في مواقف عدد من الدول حينما تقول إن هناك تطرفاً وينسبونه للخليج والسعودية وعندما نسألهم أرونا المؤسسة حتى نغلقها لا توجد لا أسماء ولا عناوين».

دول الخليج العربي اليوم بحاجة إلى توحيد مواقفها لتكون قوة مؤثرة في التعامل مع هذه الدول التي تمارس ازدواجية المواقف وتعمل على تشويه صورة الخليج العربي وترسيخ صور ذهنية خاطئة لدى الرأي العام العالمي خاصة عن السعودية بلد التوحيد والإسلام، إذ لا بد من ردع هذه الحملات من خلال تفعيل حملات مضادة على مستوى دولي تكشف الحقائق وتطرح الأمور بمسمياتها بل وتسلط الضوء على أصحاب الأجندة الإرهابية وأسماء الدول المتورطة في هذه اللعبة الإرهابية.

الإعلام الغربي يصور أن السعودية دولة حاضنة للإرهاب، في حين على أرض الواقع وكما جاء على لسان وزير خارجية الإمارات، أن الدول الحاضنة للإرهاب أوروبية وأن هناك من يمارس الضغط على دول الخليج من باب الابتزاز، فنحن كخليجيين وعرب لسنا مسؤولين عن أي عملية إرهابية تتم في أي دولة من دول العالم وأصابع الاتهام يجب أن تتجه نحو الدول التي تفرخ الإرهاب وتستقطب شبابنا بعد التغرير بهم، وردات الفعل التي تأتي من مواطني الدول التي يقع فيها ضحايا الإرهاب يجب أن تتجه نحو الدول المهندسة للإرهاب بدلاً من التركيز على البلد أو الديانة التي يعود إليها المنفذون، فهم لا يمثلون إلا أنفسهم وهم خانوا أوطانهم قبل أن يهاجموا أوطان غيرهم، مثلما من يدعمهم من بعض الدول الأوروبية لا يمثلون إلا أنفسهم ولم تقم دولة خليجية يوماً بتعميم ذلك على جميع مواطني الدول الأوروبية أو التعامل معهم بشكل يختلف عن بقية مواطني دول العالم أو قيادة حملات إعلامية تشوه صورة المواطن الأوروبي.. هذا من باب العدالة والإنصاف.

ألم يقل وزير خارجية الإمارات بصريح العبارة أن هناك دولاً لديها فائدة في استمرار هذه الفوضى في منطقتنا ولا نعتقد أنه سيثنينا شيء إلا إن كان حدث تغيير منهجي بعقليتها ونظرتها لنا، فمازالت هناك عنصرية ونظرة دونيه عند بعض المستعمرين السابقين تجاه مستعمراتهم السابقة!

دول الخليج العربي اليوم عازمة على تسليط الضوء على حقيقة التكوينات الإرهابية العالمية وتسير على مبدأ الحزم، فعلاً لن يثنينا شيء إلا بإصلاح الخلل الحاصل عند هذه الأطراف فالمشكلة لديهم لا لدينا، والإسلام لا يحارب الآخرين إنما يحارب اليوم من قبل هؤلاء الذين يودون تشويه مبادئه وتغييره، ونحن دول لا تصدر الإرهاب بل نستقبله منهم، والكرة في ملعبهم!