استعرت اليوم لمقالي الجملة الشهيرة التي أطلقها الدكتور محمد الدوري ممثل العراق الأسبق لدى الأمم المتحدة إبان حكم النظام العراقي الوطني السابق عندما وجه رسالته إلى الشعب العراقي بعد احتلاله عام 2003: (لقد انتهت اللعبة!!).

نعم لقد انتهت اللعبة يا قناة الجزيرة!! يا من تم تسخيرك في تأجيج الفتن ما ظهر منها وما بطن وإشعالك للحرائق في ربوع أمتنا العربية. تلك القناة التي لم تقف يوماً مع الشعوب العربية ولا مع أي قضية من قضاياها بل كانت خنجراً مسموماً يحز في جسد الأمة العربية والإسلامية!! وليت دورها كان يقف بتجاهل قضايا الأمة فلكان ذلك هيناً ومبرراً بأنها تمثل خطاً حيادياً وما شابه ذلك من مبررات في عالم الدجل الإعلامي لمن يريد التملص بوقوفه مع الشرعية والحق، بل تعدى ذلك بتبنيها خطاً معادياً لكل تطلعات الشعوب وقد بلغ تحيزها للباطل واتباعه من الخطورة بمكان ما يكاد يفوق وقع تأثير الجيوش النظامية على الأرض وفعل الفرقاطات وأنواع الراجمات في خلخلة الحياة المستقرة للأوطان الآمنة وتمزيقها للبلدان طولاً وعرضاً!!

ولا نريد أن نسهب في التاريخ المشبوه لتلك القناة بل سنسرد بعض ما اقترفته من انتهاكات وجرائم تحت غطاء الإعلام ودعمها للإرهاب والإرهابيين وسنركز على قضايا لا يمكن أن تمحى من الذاكرة للمواطن العربي.

فالجميع يتذكر كيف كانت تلك القناة تروج لتنظيم القاعدة وقادته في نشراتها الإخبارية وتقارير مراسليها وتضفي عليهم عند عرض الخبر كل الألقاب والصفات التي تبرزهم للمجتمع بأنهم مجاهدون ومحررون وأصحاب فكر منقذ وتبث كل تسجيلاتهم فور التقاطها بعد تضمينها هالة قوية من الترويج الإعلامي بل كان لمراسليها حضوة لديهم واستثناء عن باقي المراسلين ولهم القدرة بالوصول لقادة التنظيم ومحاورتهم دون تحفظ أو خشية من الملاحقة والمساءلة القانونية!! واليوم يجب على تلك القناة وإدارتها أن تجيب المجتمع الدولي عن سر العلاقة بينها وبين ذلك التنظيم وقادته!!

الموقف الآخر الذي مازال الشعب العراقي على وجه الخصوص والعربي عموماً تتراءى أمامه تلك الساعات العصيبة التي مرت بالعراق وشعبه هو مواكبتها بتغطية الحرب الأخيرة العدوانية عليه وبثها ليل نهار أخباراً مختلقة كاذبة عن سير المعارك في العاصمة بغداد والتي كان وزير الإعلام الأسبق محمد سعيد الصحاف يغطيها بمؤتمراته اليومية وبطريقته وإلقائه العفوي الذي كسب تعاطف الشارع العربي وعبارته الشهيرة «العلوج» وكان فيها الكثير من المصداقية لكن دخول قناة الجزيرة على الخط وبثها أخباراً كاذبة ملفقة عن سير المعارك وخاصة معركة المطار والترويج باختراق وسقوط حزام بغداد ساهم في انهيار قطعات عريضة من الجيش العراقي وتركهم لمواقع الصد مما عجل في حسم المعركة لصالح المحتل بأقل الخسائر من الطرف المعتدي وإيقاع أكبر الأذى بالقطعات المسؤولة عن حماية بغداد.. واستمر دورها التآمري وحشر أنفها بعد ذلك في إذكاء الطائفية في ذلك البلد إلى أن تحول إلى كومة أحجار وأشلاء مزقتها الحروب بتحريضها وبدعمها للسراق والقتلة والفجار.

أما موقفها مما يسمى زوراً بثورات الربيع العربي فحدث ولا حرج فجميع الدماء البريئة التي سالت في البلدان التي حصل فيها الهيجان تتحمل قناة الجزيرة ومراسلوها قسطاً كبيراً منه، فكانت تنفخ ليل نهار بأبواقها المأجورة لتدفع بالشباب الذين لا يفقهون ضريبة الخروج على الشرعية وما تتركه من أثر سيئ على الأوطان وليس بأقل دليل ما جرى ويجري من معاناة تدفع ضريبتها تلك الشعوب التي انزلقت في أتون الفوضى والقناة وكادرها اليوم يرقصون طرباً على جراحهم بعد أن قبضوا الثمن!!

ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل انحدرت إلى القعر من الخيانة عندما قبلت أن تقوم بدور أخطر بكثير من كل المراحل التي أنيطت بها عندما ارتضت لنفسها أن تقوم بدور هادم مزعزع لاستقرار دول مجلس التعاون الخليجي وكان موقفها المنحاز تماماً للحوثيين في اليمن وللانقلابيين في مملكة البحرين واضحاً للمراقبين المنصفين في معاداة الشرعية والتحريض على العنف، ثم بعد أن فشل ذلك الانقلاب وإلى يومنا هذا ما فتئت تستضيف ما يسمى بالمعارضين وتظهرهم للمشاهد على أنهم أصحاب قضية وقد اضطهدهم النظام وسلبهم حقهم!!

وأخيراً نهجها الواضح الذي لا يختلف عليه اثنان بالترويج للعنف والإرهاب الذي يضرب الدول وتقريبها لرؤوس الفتنة ممن خرجوا على بلدانهم والشرعية والوقوف في صف واحد مع الآلة الإعلامية الإيرانية وغض الطرف عن كل ميليشياتها وإجرامها في العراق وسوريا واليمن ولبنان بل التحول للترويج لهم كما روجوا للقاعدة من قبل.. لكنها انتهت اللعبة وحانت التصفية واقترب يوم الحساب!!